على ما يبدو ان بوتين لا ينوي التراجع في حربه على أوكرانيا، هذه الحرب التي هدّمت كل أواصر العلاقات والاتفاقيات على مستوى العالم لينقلب أصدقاء الامس الى أعداء اليوم بحسب سياسة الولايات المتحدة الأميركية، غير آبيهن بقرارات الكرملين بعد ان التمسوا ان روسيا قابلة للكسر من خلال التضييق الاقتصادي وخنقها بالعقوبات والعزل على كافة المواقع.
الجلوس الى طاولة رسم خارطة سياسية جديدة
بدل ان يتم الاجتماع لمعالجة الازمة الروسية – الأوكرانية او على الأقل إيقاف الغزو الروسي لأوكرانيا! الجلوس الى طاولة رسم خارطة سياسية جديدة لحفظ مصالحهم، وأميركا التي حمّست فولوديمير زيلينسكي على مواجهة الرئيس الروسي من خلال وعده بضم أوكرانيا الى الحلف الأطلسي – حلف الناتو الامر الذي يهدد امن روسيا باعتقاد فلاديمير بوتين لوجود اميركا على الحدود الروسية مباشرة، كما ان وعد أوكرانيا بتزويدها بالأسلحة لمواجهة الغزو الروسي بات ضعيفاً وبالتالي كل الوعود التي أعطيت لأوكرانيا لم تتحقق وكما يقال “وصلوا لنص البئر وقطعوا به الحبل” ليكون زيلينسكي في مواجهة ثعالب القوات الروسية الذين فظعوا في سوريا وفي غيرها من الدول التي كان لهم فيها تواجد.
هذا التلكؤ من قبل الغرب ربما لعدم استيعابهم ما يقوم به بوتين الذي يحلم بأن تكون روسيا القوة العظمى بدلا من اميركا، والأخيرة تحاول تضييق الحبل حول عنق بوتين بفرض عقوبات على روسيا الا ان الأخير على ما يبدو قد عدّ العدّة وغير آبه لكل العقوبات التي فرضت على روسيا وبالتالي عزلها عن العالم.
المراهنة على الحلفاء فشلت!
أوكرانيا التي راهنت على اميركا في مساعدتها بإرسال أسلحة، وضمها الى حلف الناتو الا ان الوعود ذهبت في مهب الريح وسلكت مساراً آخرً. فالرئيس الأميركي جو بايدن أيضا لديه مصالح واهداف من هذه الحرب وربما اعتقد ان أوكرانيا ستسقط في ساعات بيد القوات الروسية او ان بوتين لن يعيث خرابا ودمارا في معظم المدن الأوكرانية ويهجر ملايين الاوكرانيين، حسابات الجميع لم تكن بمكانها فهل نحن امام حرب عالمية ثالثة نتيجة غطرسة أكبر قوتين في العالم روسيا وأميركا!
على مقلب آخر روسيا خسرت حلفاء وأصدقاء كما انها فقدت من نفوذها الذي كانت تتمتع به، وانكسرت هيبتها واهتزت صورتها وفقدت مركزها مع الحلفاء والأصدقاء وحتى الأعداء على حد سواء، بوتين الذي ظنّ انه سيحصل على مساندة حلفائه وأصدقائه له خسر رهاناته فلن يربح في حربه على أوكرانيا التي هي رسالة لدول أخرى ولا في المحافظة على موقع روسيا اقتصاديا وماليا وبترولياً، وروسيا تغرق في وحول الحرب الروسية – الاوكراغربية وبالتالي لا عزيز ولا حليف!
العقوبات الاقتصادية
يشير المحللون السياسيون والاقتصاديون الى ان بوتين سيزداد خطورة وانتقاما في غزوه لأوكرانيا نتيجة العقوبات الاقتصادية التي فرضت على روسيا، كما يرجّح خبراء عسكريون ان بوتين سيستخدم في حربه أسلحة بيولوجية وكيماوية ونووية لاحتواء الحرب في وقت اقل ليحمّل بذلك دول الغرب وأميركا عواقب العقوبات التي فرضت على روسيا، وعلى مقلب آخر ليبقى “البعبع” المتغطرس بقدراته العسكرية التي باعتقاده سيحصل شرعيا على ضم جزيرة القرم ودونيتسك ولوهانسك الانفصاليتين.
بايدن على عجل من امره
تشير المعلومات الصحافية الى ان الرئيس الأميركي جو بايدن يستعجل لرفع العقوبات عن إيران بموجب صفقة JCPOA والتي هي عبارة عن اتفاقية نووية تم ابرامها مع ايران في عهد باراك أوباما، ليحل النفط والغاز الإيرانيين محل الغاز والنفط الروسيين، فيما لو أوقفت روسيا امداد القارة الأوربية بالنفط والغاز فان كارثة ستحل بالقارة الأوروبية الامر الذي يجعل ايران هي المستفيد الأول من الحرب الروسية – الأوكرانية ومن العقوبات التي فرضت على روسيا.
وماذا لم تم بيع النفط الروسي لإيران لتعيد بيعه بدورها؟
الم يكن يطلب بوتين من اميركا تقديم ضمانات بعدم فرض عقوبات في المستقبل على إيران؟ ما بعد احياء الاتفاقية النووية!! الجواب هو ان عدم اهتمام بوتين بالعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي وغيره على روسيا هو لأنه سيقوم ببيع الغاز والنفط الروسي الى إيران التي ستقوم بدورها بإعادة بيعه الى الدول الغربية الا ان بوتين أخطأ!! لان إيران سوف تختار مصالحها مع اميركا وبالتالي تقديرات بوتين ليست في مكانها “من يصدّق إيران”؟ فاقد الشيء لا يعطيه كما تقول الحكمة