فضيحة مدوّية تتخطّى التعدّيات على الأملاك البحريّة… أعمال حفر تستهدف صخوراً خاماً ومشاريع بناء فوق سكة القطار في البياضة!

Share to:

الديار – ندى عبد الرزاق

مما لا لبس فيه، ان ملف الأملاك البحرية من أكثر الملفات فسادا وهدرا على الاطلاق في لبنان. ووفق المراقبين فان هذه القضية تعكس عواقب السطو الممنهج على طول الشواطئ اللبنانية وذلك يعود الى أيام الحرب الاهلية. والجدير ذكره في هذا السياق، ان مئات بل الاف المؤسسات والشركات والمنشآت المختلفة تغزو المناطق المحاذية للبحر ومعظمها ان لم نقل جميعها غير قانونية. ويرجح الخبراء ان حصول بعضها على مراسيم تشريعية من وزارة الاشغال والنقل العام انما يعود الى محسوبيات سياسية وأخرى أساسها العصب الطائفي، وتصبّ في سياق العمليات المشبوهة.

بالموازاة، ان هذه القضية ترتبط مباشرة بالهرق والاجرام المشرع من قبل الدولة وازلامها في ظل الاصطفاف السياسي وحتى الطائفي السائدين في البلد. وفي هذا الإطار، هزّ مرسوم الأملاك البحرية الصادر مؤخرا عن الحكومة بعض الوزراء ممن احتجوا على ما ورد في نصه من بينهم رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ووزير السياحة وليد نصّار. الا ان الامر لن يقف عند حدود المعارضة بل بحسب المعلومات فانه سيتم الطعن في هذا المرسوم في الأيام المقبلة.

مخالفات بالجملة

يذكر في هذا السياق، ان أكثر من 1050 مخالفة تغزو شواطئ لبنان من العريضة شمالا الى رأس الناقورة جنوبا، وتصل الى نحو خمسة ملايين متر مربع. وبحسب الخبراء فان الإيرادات السنوية لإشغال الأملاك البحرية تبلغ حوالى 27 مليار ليرة وهو ما كان يعادل 18 مليون دولار وتوازي حاليا 300 ألف دولار وقد تصل الى عشرين مليون دولار بحسب المرسوم الصادر عن مجلس الوزراء.

الأملاك البحرية في مرسوم!

يتعلق المرسوم الصادر عن الحكومة، بتعديل أسس احتساب سعر المتر المربع لتحديد الرسوم السنوية المترتبة على الإشغال الآني للأملاك العمومية البحرية، ويحدث ذلك بتعديل سعر المتر المربع ليصبح بالدولار على أساس سعر صرف 1507، ومن ثم ضربه بمتوسط سعر صرف السوق لليوم السابق لتاريخ اصدار رخص الاعمال، وذلك الى حين تاريخ إعادة تجديدها. ما يعني ان هذه الرسوم ستتضاعف بنحو 65 مرة فقط. بالإشارة الى ان شاغلي الأملاك البحرية العمومية حققوا مكاسب خيالية على حساب الخزينة، وبالتالي لا رسوم تسدد الى الدولة من قبل هؤلاء.

وتجدر الإشارة، الى ان ايجار المتر الواحد يتراوح بين 50 الى 1000 ليرة فقط، والملفت ان المستثمرين يستأجرون بالعملة الوطنية التي باتت بلا قيمة تذكر. وبالتالي يَجْنون الأرباح الطائلة من منشآت ليست من حقهم كما ان المواطن ان أراد الدخول الى أي منها يدفع بدل بالعملة الصعبة ما يعني ان شاغلي هذه المنشآت يتقاضون بدل خدماتهم بالدولار نقدا.

والسؤال الذي لا ينفك يراود اذهان اللبنانيين كيف يمكن للدولة اتخاذ قرار دولرة السلع والمنتجات ورفع الدولار الجمركي وزيادة الضرائب على المواطنين، بينما تعفي القطاعات والمنشآت الصناعية والتجارية التي تتعلق بسياسيين نافذين من كل ما تقدم!

تعديات سافرة

في سياق متصل، وصل لـ «الديار» مقاطع فيديو وصورا توثق تعديات جديدة على الأملاك البحرية وسكة القطار التي تم اكتشافها فوق مغارة في منطقة البياضة». واكد المصدر، «ان أحد الأشخاص اشترى حوالى 800 عقار عام وقام بتسييجها، ما يعني انها أصبحت  كأملاك خاصة».

وأشار، «الى ان مجموعة تقوم بشراء هذه العقارات عن طريق البلديات في منطقة الناقورة، وبلدة اسكندرونة، وهذه الأراضي هي مشاعات للدولة وتم الاستيلاء عليها بطرق ملتوية، لافتاً الى ان جريمة بشعة بدأت تنفّذ في هذه المساحات العامة، من خلال مشاريع الاعمار التي بدأت تظهر فوق سكة الحديد وهذا يدل على تآمر واضح من جانب البلديات مع هؤلاء الافراد وهم من جنسيات اجنبية. واكد المصدر لـ «الديار» ان هناك عمليات تزوير مستندات رسمية تحصل بهدف السرقة والاستحواذ على مزيد من العقارات الاستراتيجية».

الخطر كبير

بالمقابل، قال المدير التنفيذي لجمعية «نحن» السيد محمد أيوب لـ «الديار»، ان التعديات على الأملاك البحرية العامة وصلت الى 6,1 ملايين متر مربع، لافتاً الى ان تأمينات الاملاك البحرية متدنية جدا اذ يدفع المستأجر على سعر صرف دولار 1500، لذا يجب على المشغل التسديد بحسب القوانين التي تفرض إزالة التعديات وليس مضاعفتها كونها تتعدى على الأملاك العامة».

وتطرق الى الفيديوهات التي وصلت الى «الديار» بالقول: «برأي ان ما يحدث خطر كون عمليات الحفر تتم على مقربة من الصخور التي تعتبر مهمة في الحياة البحرية لجهة نظام الصدى البحري وهذه الصخور لا تزال على أصلها أي خام ومحاولة تحريكها او ازالتها تلحق ضررا جسيما بالبيئة البحرية، وهذا تعدٍ واضح لأنه لا يوجد مرسوم يشرع ما شاهدته في الفيديوهات ويجب مراجعة ما رأيناها مع السلطات المعنية في هذا الملف لمعرفة من يقوم بهذه المخالفات».

مرسوم يشرع التعديات!

في الخلاصة، يتبيّن ان المنشآت المرخصة ليست أفضل حالا من تلك غير المرخصة كونها في الأساس متعدّية على الأملاك العامة ولا تسدد ما يجب عليها من رسوم، واصحابها استغلوا القانون 64/2017 حين كانت الدولة تبحث عن مداخيل إضافية للخزينة كباب من أبواب التخفيف من ازماتها المالية، غير ان الخلاف الجوهري في هذا الملف لا يكمن في إصدار الاخيرة لهذا القانون وانما باعترافها الضمني بما يقوم به المتعديين الذين استفادوا من التسويات والتزموا بسداد الرسوم وفقا لسعر الصرف 1500 ليرة للدولار الواحد. كما ان ايجارات المساحات المؤجرة تتراوح حالياً بين 50 و1000 ليرة للمتر الواحد. بينما أصحاب هذه المنشآت الخاصة القائمة على الأملاك البحرية العامة يتقاضون بدل خدماتهم بالفريش

Exit mobile version