لاشيء يعلو فوق صوت الفراغ الذي صار في تقدير المتابعين “فراغين” بدل الواحد، الفراغ الحكومي أصبح متقدما، فلا “النوم” في قصر بعبدا لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عاد مجديا بعد ان تبخرت الوعود التي أعطيت لميقاتي قبل سفره الى لندن، ولم يعد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بوارد التراجع والنزول عن شجرة مطالبه الحكومية.
وعليه تقول مصادر سياسية، ان اللعب بدأ في الوقت المستقطع الذي يسبق خروج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا، اذ يسعى كل فريق سياسي الى تسجيل نقاط في مرمى الآخرين، فمن السراي يتم اتهام بعبدا بالتعطيل، وبالمقابل تحمّل بعبدا ميقاتي وبري مسؤولية الفراغ، مهددة بقلب الطاولة، وهذا ما ظهر في طرح رئيس الجمهورية معادلة “الأولوية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لأن الرئيس أساسي لتشكيل الحكومة وليس العكس”.
تسخير الألاعيب السياسية جار ولا يقتصر على الملف الحكومي، في الإستحقاق الرئاسي ايضا تحاول المعارضة عبثا ان تضغط للمّ شملها قبل جلسة الخميس المقبل لإيصال مرشحها الرئاسي وباعتقادها ان فريق ٨ آذار لن يتمكن من إيصال مرشحه.
أما من جهة فريق ٨ آذار، فهناك تحفظ على الخطة “الرئاسية” المقبلة وplan b بعد ان نجح في جلسة الإنتخاب الأولى بجمع ٦٥ ورقة بيضاء لمرشح لم يسمه، وبرأي فريق ٨ آذار ان مرشح المعارضة يواجه أزمة أصوات، ولن يستطيع ان يصل الى الخمسين صوتا بسبب عدم التوافق حوله و”فيتوات” النواب السنّة و”التغييريين”.
الغموض سيد الموقف في شأن الجلسة التي تواجه تشجنات سياسية ومطبات حول الموعد الذي حدده الرئيس نبيه بري، ولاقى استياء لدى الوطني الحر لتزامنه مع ذكرى ١٣ تشرين ١٩٩٠، فيما صار شبه مؤكد ان لا شيىء محسوما رئاسيا بعد لدى أي طرف، فالمعارضة ليست مرتاحة وفريق ٨ آذار أيضا.
تواجه المعارضة امتحان خرق مرشحها الرئاسي، حيث لم يتأمن إجماع بعد لدعم ترشيح معوض، ويتردد ان لدى نواب “التغيير” أربعة أسماء على طاولة النقاش، فيما فريق ٨ آذار لا يستطيع ان يفرض مرشح تحدي في الانتخابات الرئاسية. ومع ان الطرحين الأكثر جدية وتردادا في الوسط السياسي هما لميشال معوض و سليمان فرنجية، إلا ان مشكلة معوض في عدم قدرته على استقطاب أصوات النواب “التغييريين”، فيما طرح فرنجية يواجه إشكاليات لم يتم حلها بعد نظرا للحسابات الداخلية لدى أطراف ٨ آذار، الأمر الذي يهدد بفرط وفقدان حظوظ مرشحها الرئاسي مع اشتداد ضغوط المعارضين، وقد يفسح المجال كما يتردد في المطابخ السياسية لمرشح من خارج الاصطفافات لمصلحة شخصية معتدلة اوعسكرية بإجتماع مجلس النواب لتعديل دستوري لانتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون، الذي يتردد ان أوراقه قد توضع على طاولة ٨ آذار مع تقدم الوقت والدخول في الفراغ.
باعتقاد الكثير من السياسييين ان كلمة السر الرئاسية لم تظهر بعد، وعلى الأرجح ان جلسة الخميس قد تشهد عدة سيناريوهات: من احتمال تطيير نصاب او طرح عدة أسماء لمرشحين وما شابه واحتمالات شتى، ريثما تنجلي الصورة التي ترتسم حولها علامات استفهام للكثير من الملفات وعلى رأسها الترسيم الذي طرأت عليه تعقيدات اللحظات الأخيرة، وصار مقلقا مما يهدد بتفجير الكثير من الأزمات الداخلية.