فالق اليمونة لا تنتج عبره زلازل قويّة من باطن الأرض زعاطيطي الصفائح ليست متصادمة…والفوالق نتيجة وليست سبباً

Share to:

الديار: ندى عبد الرزاق

غزارة التكهنات حول وقوع زلزال مدمر في لبنان، وسط فيض انبعاثات الازمات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، خاصة بعد الزلزالين الكارثيين في جنوب تركيا والشمال السوري، وصولا الى تأثيراته بمنطقة الشرق الأوسط، ومتواليات الهزات الارتدادية التي بات يشعر بها اللبنانيون، حتى اختلط الامر عليهم ما إذا كان هواء ام هزة!

وكان المركز الوطني اللبناني للجيوفيزياء في بحنّس، التابع لـ “المجلس الوطني للبحوث العلمية” قد أعلن في 22 شباط الجاري عن حصول هزتين متتاليتين في البحر قبالة الشاطئ الجنوبي، الأولى عند الساعة 18:43 بالتوقيت المحلي على بعد 85 كلم من بيروت وبلغت قوتها 3.5 درجات على مقياس ريختر. اما الهزة الثانية فحصلت عند الساعة 18:58 على بعد 73 لكل من العاصمة وبلغت شدتها 3.6 درجات ليسجل صباح الخميس حدوث هزة قرابة 6:23 قبالة شاطئ صيدا وقوتها بلغت 3.6 درجات.

الهزة الأرضية والارتدادية… الزلزال والفوالق

التعريف العلمي لكل ما تقدم، يعني ان الزلزال او الهزة الأرضية حالة طبيعية، ورجرجة او سلسلة من الرجرجات الاهتزازية المتتالية لسطح تحدث في وقت لا يتخطّى الثواني، تنتج من تحرك الصفائح الصخرية في القشرة الأرضية، وتسمى نقطة الزلزال “البؤرة”، وتليه ارتدادات تدعى امواجاً زلزالية، يرجع الى تكسر الصخور وانزلاقها بسبب تراكم الضغوطات الداخلية للأرض، جراء مؤثرات جيولوجية ينتج منها تحرك الصفائح الأرضية.

اما الفالق او الصدع فهو نتيجة كسر او تشقق يقع في صخور القشرة الأرضية، مصحوب بحركة انزلاق نسبية للكتل المتاخمة من طبقات الصخور الموجودة على جانبيه، سواء كان في الاتجاه الرأسي او الافقي، ويحصل نتيجة الضغط الشديد الذي تتسبب به حركات القشرة الأرضية. بالإشارة الى انه يوجد أيضا أنواع للفوالق.

فقل لمن يدعي في العلم معرفة، علمت شيئا وغابت عنك مصادره. في الحقيقة كل الكلام الذي قيل وما زال، أزاح البوصلة عن مسارها الصحيح، خاصة بعد ظهور مدّعين بمجال الجيولوجيا عبر تصريحات فذّة ازعجت أصحاب العلم والاختصاص، وأثارت الهلع وبثت مشاعر القلق لدى المواطنين. فهل ستنتهي الهزات الارتدادية؟ ام فعلا نحن في قلب الخطر الذي سيحرك الفوالق الزلزالية، ويزلزل حياة اللبنانيين ويبعثرها؟

استاذ علوم الجيولوجيا في الجامعة اللبنانية الدكتور سمير زعاطيطي قال لـ “الديار”: “تنشط فئة من الدجالين في هذه الفترة مما لا علم لهم في هذا المجال، وهم في أساس حياتهم يبيعون المبيدات الحشرية، وفجأة تحولوا الى علماء في علم الجيولوجيا والزلازل والهزات الأرضية”. ويصوّب الى “ان هؤلاء يسعون لامتطاء هذه الموجة، بهدف الشهرة وإذاعة أسمائهم عبر وسائل إعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي”.

تَغّيّب المصدر الرسمي

بعد تدفق الاخبار الكاذبة، ان بغياب الجهات الرسمية لدحض كل الاخبار الزائفة عن وطأة الزلزال والهزات التي ستضرب لبنان وتؤدي الى تحريك الفوالق، هو تقصير رسمي أصلي لشعب متروك لمصيره. فتعمدت الدولة او تغيّبت عن تقديم المعلومات الدقيقة والصائبة عن طبيعة لبنان الجيولوجي، وعما إذا كان سيحدث أي من التحركات الزلزالية وماهية طبيعتها وتكوينها، ما دفع بمئات الاسر الى إخلاء منازلها والنوم لأيام في السيارات المركونة في المساحات البعيدة عن المباني، حتى وان لم تكن بيوت هؤلاء متصدعة. ما يؤكد اننا لسنا فقط نفتقد  البنى التحتية، وانما أيضا لكلام مسؤول من جهة رسمية، حيث ان اساسيات وقواعد الدولة مهترئة “لا تهزها واقفة على شوار”، وبدلا من الاعتماد على منافذ مؤسسات الدولة لنستقي المعلومات الدقيقة، لجأ الآلاف من الموطنين الى تحميل التطبيقات الالكترونية التي تتعلق برصد الهزات.

يقول جورج لـ “الديار”: “لعل ما حدث وهو سيىء جدا في تركيا، جعلنا نعي ان في لبنان يوجد فوالق زلزالية كنا نجهلها، كما ان الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، كان كجرعة توعية، لأننا نفتقد المعلومات التي تتعلق بطبيعة لبنان الجيولوجية”.

ويسأل “كيف للمدارس الا تشرح للتلامذة عن هذه الجوانب في ما يتعلق بالزلازل وكيف تحدث، وعن الارشادات والاحتياطات التي يجب ان يلجأ اليها كل فرد في حال حدثت في مكان قريب منه، فعلا نفتقد الثقافة العامة والتوعية من قبل حتى الاختصاصيين، الذين لم نسمعهم يشرحون عن هذه الظاهرة الا عندما وقعت”! ويعلق ساخرا، “ما زالوا يدرسون الطلاب حدود لبنان من الشرق والغرب والجنوب سوريا وفلسطين وقبرص، ولم يطوروا المنهج ليتناسب والزمن الذي نعيش فيه”.

كل ما هو على سطح الأرض

لا علاقة له بباطنها

ويوضح زعاطيطي الالتباس الحاصل في هذا السياق ويقول ” الكثير من الكلام المتداول غير مسند بمصدر علمي موثوق به، بحيث يتحدثون عن تراجع مستوى مياه البحر وعن الزلازل، دون مراجع يبنى على أساسها”. ويعلق على المدّعين القائلين انه لو تحرك أحد الفوالق في لبنان فسينهيه بالقول: “ان هذا الكلام ليس دقيقا، وينتقص اسناده الى الأبحاث العلمية”.

والفوالق، بحسب زعاطيطي، “مخرج تصدر منه الطاقة الزلزالية، وليس من يؤسس لحصول زلزال الذي يعد مصدر طاقتها الباطنية تحت الأرض، وتعطي طاقة حرارية من مواد مشعة تتفاعل وتُحمّي الصخور لتصهرها، والتي تكون تحت باطن الأرض وتعطي موجات زلزالية تنتقل بواسطة الصخور وتصل الى سطح الأرض بحادث واحد عبر ثلاث موجات سريعة ومتوسطة، والأخيرة تحدث دمارا على سطح الأرض”.

ويؤكد زعاطيطي “ان الفوالق لا تتحرك، وهي ك كسر ارضي ناتج من ضغوطات مصدرها باطن الأرض، والصدع لا يتحرك بل الصخور، وما يحركها هي الضغوطات المنبعثة من جوف الأرض”، ويتابع: “التشققات او الفوالق هي نتيجة وليست سببا، أي انها لا تتحرك وتؤدي الى وقوع زلزال”.

وعن زلزال اليمونة يقول: “كثر مما هم ليسوا خبراء وصفوه بأنه الأخطر على لبنان، وإن حدث سيدمره بشكل كلي، كون لبنان يقع على خط زلزال البحر الميت الممتد من خليج العقبة حتى تركيا مرورا بلبنان، أي فالق اليمونة والذي يتفرع منه ثلاثة فوالق هي: راشيا، روم وسرغايا”. ويوضح زعاطيطي “ان فالق اليمونة الذي ينزلق من سهل البقاع افقيا باتجاه الشمال 9 ملميتر في السنة، لا يمكن ان ينتج عبره من داخل الأرض زلازل قوية، لان الصفائح التي في لبنان غير متضاربة، وبالتالي فان تحركها يعد غير شديد”.

ويلفت الى “ان الفرنسيين وجدوا في البحر بعض المواقع ذات نشاط زلزالي، وهي تصادمية واحتكاكية بين صفيحة تحت البحر مع صخور لبنان، وينتج منها زلازل أعنف من اليمونة”.

ويشير الى الصفائح التكتونية فيقول: “ان سطح الأرض مكون من عدة بلاطات متحركة يمكن ان تحدث انزلاقات افقية، كما ان كل النشاطات الزلزالية على سطح الأرض موجودة بينها او على حدودها. وما حدث في تركيا هو ان ثلاث صفائح اصطدمت ببعضها وهي: الاناضول، الاوراسية والعربية”.

واكد “ان الهزات التي يشعر بها لبنان وتلك الارتدادية، هي طبيعية ومطمئنة لجهة تحرير الطاقة المحبوسة من باطن الأرض بعد زلزال تركيا المدمر، وبالتالي عدم وقوع زلازل تدميرية أخرى”.

Exit mobile version