متروكةٌ بعلبك الهرمل لمصيرها، يواجه مواطنوها الأزمات التي تلاحقهم بمفردهم من دون تدخّلٍ من المعنيين، سواء البلديات أو نواب المنطقة الغائبين عن معاناة من يمثّلون، يقفون بجانبهم عبر البيانات التي لا تحلّ أزمة أو تؤمّن متطلباتهم الحياتية، وحده المواطن يدفع الثمن من جيبه وتعبه وأحياناً من عمره.
إستفحلت أزمة المحروقات في البقاع الشمالي، لا محطات تفتح أبوابها لتأمين المادة للناس لتذهب إلى أعمالها، حركة سير شبه معدومةٍ على الطرقات الرئيسية وعند مداخل المدن والبلدات وفي الأسواق التجارية، معظم الناس تخلوا عن سياراتهم بعدما فرغت من البنزين، وحدها السوق السوداء تتحكّم بالعرض والطلب، غالونات البنزين تصل إلى المنازل وفق التسعيرة التي تدرّ أرباحاً مضاعفة، يشتريها ميسورو الحال ومن يمتلك دولارات طازجة، مقابل والدٍ يجول من محطة إلى أخرى لتأمين ما استطاع منه لنقل ولده إلى المستشفى للعلاج من السرطان، حيث أمّن البنزين من صاحب احدى المحطات ولو بثمنٍ يزيد عن التسعيرة الرسمية، فالغاية تبرّر الاحتكار واستغلال وجع الناس.
أكثر من ثلاثة أيام والكهرباء مقطوعةٌ عن محافظة بعلبك الهرمل ولم يحرّك المعنيون ساكناً إلا بعد مناشدات أهالي المنطقة الذين ضاقوا ذرعاً بحرارة شهر آب، وعمدوا إلى قطع الطرقات بالإطارات المشتعلة والسيارات عند دوار دورس وفي عدد من البلدات، إحتجاجاً على سياسة الكيد التي تتعاطى بها مؤسسة كهرباء لبنان مع المنطقة. وعزت الأخيرة سبب قطع التيار الكهربائي عن المنطقة إلى فوضى التوزيع على البلدات وزيادة التعدّيات على الشبكة، ما أحدث أعطالاً حرمت البقاعيين من الكهرباء لثلاثة أيام بفعل مزاجية موظف التحويل الذي يغذّي عدداً من المناطق ويحرم أخرى، فيُحرم معها الناس من تأمين مياه الشفة والحفاظ على مأكولاتهم ومونتهم سليمة في البرادات، وبعد سلسلة اتصالات من النائبين غازي زعيتر وحسين الحاج حسن بمدير عام مؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك عاد التيار منتصف ليل أمس الأول.
ورافق أزمة الكهرباء وإقفال الطرقات إحتجاجاً إعتصام لأصحاب سيارات الأجرة في بعلبك وضواحيها والتي تعمل على المازوت بسبب إقفال المحطات وعدم توفر المادة بالسعر الرسمي، وشرائها من السوق السوداء التي وصل فيها سعر صفيحة البنزين إلى 350 ألف ليرة لبنانية. واكد سائق سيارة اجرة أحمد خ. لـ”نداء الوطن” ” أن تأمين المازوت بات صعباً جداً، فلا محطة وقود تفتح أبوابها في بعلبك، ونحن نؤمّنه من السوق السوداء وبأسعار خيالية كي نؤمّن قوت عيالنا، فإذا توقفت سيارتي لا يمكنني أن أطعم أولادي، وأنا مضطر لشرائها بهذا السعر وأزيد تسعيرة النقل كي أتمكن من الصمود”، مضيفاً أنه يعرف أوضاع الناس وعدم قدرتها على دفع تسعيرة مرتفعة والتي قفزت من 2000 ليرة إلى 20 ألفاً ولكن هذا واقع الحال.
من جهته يعتب محمد ع. على بلديات المنطقة ونوابها سائلاً عبر “نداء الوطن” عن دورهم في التخفيف عن الناس ومعاناتهم، أقلّه لجهة تنظيم عمل المحطات وتأمين البنزين والمازوت للناس، “فمعظم المحطات لا تفتح أبوابها، وإذا فتحت إحداها تصل الطوابير إلى مسافات بعيدة، وعند وصول الدور ينتهي المخزون وتصرف ما كان في سيارتك وأنت على لائحة الإنتظار”، مطالباً البلديات بالإقتداء بمثيلاتها في غير مناطق، وتسجيل أسماء المواطنين عبر منصّة تديرها البلدية لتأمين حاجات الناس. لا تجار غالونات على الطرقات في بعلبك الهرمل، فالسوق السوداء أربابها أصحاب المحطات الذين يبيعون بأسعار مضاعفة وبالمخفي، يوصلون البنزين “دليفري” لمن يريد، أما المحطات التي كانت تفتح أبوابها أمام الزبائن وتبيع بالسعر الرسمي فقد أقفلت بعد الإشكالات التي شهدتها والمزاحمات الحاصلة، فالكل يريد أن “يفوّل” سيارته أولاً، والمشاكل في بعلبك الهرمل إن وقعت لا يمكن لأحد أن يوقفها، إذ أنّ صوت الرصاص والقذائف الصاروخية يتحكّم بمجريات الأحداث، ووقتها لا سعر لصفيحة البنزين.