يسابق رئيس الجمهورية الوقت ويحاول خلال شهر واحد تحقيق ما عجز عنه في 5 سنوات و11 شهراً، على حد قول معارضين له، فبعد ترسيم الحدود بين لبنان والعدو الإسرائيلي فُتحت شهية الرئيس ميشال عون على الإنجازات، فأطلق سريعاً مسألة الترسيم مع سوريا، والقافلة الأولى للنازحين السوريين، والترسيم مع قبرص، وقد تُتوج بولادة حكومة جديدة.
يوم أمس، دخلت البلاد أسبوعاً قد يكون الأصعب على الإطلاق، نظراً إلى أنه على أساسه ستحدد الطريقة التي ستدار بها البلاد خلال مرحلة الشغور الرئاسي، حيث ان عدم تأليف حكومة جديدة قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، سيعني دخول البلاد في أزمة سياسية ودستورية من العيار الثقيل، تنسف محاولات الرئيس عون لتحقيق إنجازات ولو في ملفات مؤجلة.
على الرغم من ذلك، يبقى الأساس أن الرئيس عون يتصرف في الأيام الأخيرة من ولايته، كما لو أنه في الأسبوع الأول منها، برأي المعارضين لرئيس الجمهوريّة، حيث تحضر مجموعة من الملفات الدسمة التي يعمل عليها، والتي تحتاج إلى وقت طويل لإنجازها، كملف إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم أو إطلاق مسار ترسيم الحدود البحرية مع دمشق، الأمر الذي يعود إلى أن فريق الجمهورية المنتشي بملف ترسيم الحدود البحرية مع “إسرائيل”، يُريد القول في المستقبل أن هذه من إنجازات الرئيس عون تماماً كما اعتبر أن الترسيم هو إنجاز جبران باسيل عندما كان وزيراً للطاقة منذ 10 سنوات.
على هذا الصعيد، يعتبر المؤيدون لرئيس الجمهورية أنه يطلق مساراً سيستفيد منه لبنان في المرحلة المقبلة، وبالتالي هو يسعى إلى الإنجازات حتى ولو لم تظهر نتائجها في ولايته، بينما يرى المعارضون له أن ما يقوم به الرئيس عون هو سعي إلى إطلاق بالونات وهمية، من أجل الإيحاء بأنه نجح في تحقيق بعض الإنجازات خلال عهده.
بعيداً عن هذه التحليلات التي تنتج من مؤيدين ومعارضين لرئيس الجمهورية، والشبيهة بتحليلات الوضع المالي وسعر صرف الدولار مقابل الليرة في السوق، هناك وقائع سياسية لا يمكن تجاهلها عند تحليل البرنامج الحافل للأسبوع الحالي.
في ترسيم الحدود مع سوريا، يطلق الموضوع الخميس لكنه من غير المعلوم كيف سيستمر في ظل غياب رئيس الجمهورية، وسأل المعارضون للرئيس عون هل يقبل وتياره أن يكون الرئيس نبيه بري مرجعية الوفد المفاوض، أم أن الوفد سيتجمد لحين البت برئاسة الجمهورية، وفي ملف عودة النازحين السوريين، هل يكفي انطلاق قافلة على متنها 6 آلاف نازح ليُقال ان ملف العودة وُضع على نهار حامية، وان المجتمع الدولي بات راضياً بعودة النازحين، بينما يوجد في لبنان أكثر من مليون ونصف مليون نازح؟
كل هذه الأسئلة هي للقول ان إطلاق الملفات في هذه الطريقة، ربما لا يعني أن ترسيم الحدود بين لبنان و”اسرائيل” فتح الطريق أمام حلّ كل الأزمات والمشاكل، ولا يعني أن قطار التسوية قد أصبح على السكة وسينطلق الخميس المقبل، بل هناك احتمال كبير جداً هو أن التفكير بتحقيق الإنجازات هو السبب، لذلك ينبغي الإنتظار الى ما بعد الفراغ الرئاسي لتحديد وجهة البلد، خاصة أن الملف الرئاسي واسم الرئيس يُفترض أن يكون اولوية في أي تسوية مرتقبة.