عون يكسر «الحاجز النفسي» في دار الفتوى : التضامن أولاً والسنّة مكوّن أساسي (الديار)

Share to:

محمد بلوط

خرقت زيارة الرئيس عون المفاجئة وغير العادية أمس لدار الفتوى ولقاء مفتي الجمهورية الشيخ عبد للطيف دريان رتابة الانشغال بالمواضيع الاساسية المطروحة لا سيما مناقشة موازنة العام 2202 والردّ اللبناني على الورقة الخليجية التي حملها معه وزير الخارجية عبدالله بو حبيب الى الكويت أمس لشرحها أمام وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الدوري التشاوري اليوم.

ولعل ابرز اسباب انتقال رئيس الجمهورية صباح امس من قصر بعبدا الى دار الفتوى في عائشة بكار في بيروت هو الارتدادات الناشئة عن اعتزال الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل العمل السياسي والنيابي حتى اشعار آخر على الساحة الوطنية عموما والسنية بوجه خاص

وعلى الرغم من برودة العلاقة بين بعبدا ودار الفتوى، قرر الرئيس عون ان يقدم على هذه الخطوة تحت عناوين متعددة لخّصها في تصريحه بعد لقائه المفتي دريان، فأكد، كما عبر له في اللقاء أيضاً «على الدور الذي تلعبه الطائفة السنية في المحافظة على وحدة لبنان وتنوعه السياسي، وأهمية المشاركة مع سائر مكونات لبنان في الحياة السياسية والوطنية والاستحقاقات التي ترسم مستقبل لبنان وابنائه».

وشدد ايضاً على أن «لبنان اليوم اكثر من اي وقت مضى بحاجة الى تعاضد ابنائه والتفافهم حول دولتهم والمؤسسات الدستورية كافة».

وجدد التأكيد على حصول الانتخابات في موعدها، مؤكداً «ان الطائفة السنية مكون أساسي، ولا نؤيد أبداً مقاطعتها للانتخابات».

واشار الى تطرقه مع المفتي دريان الى الوضع العام والاوضاع الاقتصادية وعلاقات لبنان بالدول العربية الشقيقة حيث كان الرأي متفقاً على ضرورة أفضل العلاقات ومتانتها، وان الاولوية تبقى للمحافظة على السلم الأهلي والاستقرار في البلاد».

ورداً على سؤال حول الاستحقاق الانتخابي، قال عون «حضرنا كل شيىء لتحصل الانتخابات في أوقاتها الحقيقية»، لافتاً الى «ان من يشكك هم الاجانب، لكن لا يوجد أي سبب لتأجيل الانتخابات».

ماذا دار في اللقاء؟

وعلمت «الديار» من مصادر قصر بعبدا «أن أجواء اللقاء بين الرئيس عون والمفتي دريان كانت جيدة وايجابية، وان مفتي الجمهورية كان ودياً خلال حديثه وترحيبه بمبادرة رئيس الجمهورية وزيارته لدار الفتوى».

وقالت المصادر ان هدف الزيارة لخصها الرئيس عون في تصريحه، مشيرة الى ان رئيس الجمهورية بعدما اطلع على الاجواء الاخيرة والحديث عن مقاطعة سنية للانتخابات النيابية بعد خطوة الرئيس سعد الحريري، أراد بالدرجة الأولى الوقوف على موقف الطائفة السنية الكريمة والاستماع لسماحة مفتي الجمهورية بكل هذا الشأن.

وأضافت المصادر ان الرئيس عون شدد على أهمية دور الطائفة السنية في الحياة الوطنية والسياسية، ووجوب مشاركتها في كل الاستحقاقات بما في ذلك الانتخابات النيابية، مشيرة الى ان زيارته لدار الفتوى يمكن القول ايضاً انها تندرج في اطار التضامن في هذه المرحلة الدقيقة.

واستمع رئيس الجمهورية من المفتي دريان الى شرح مفصل في هذا الشأن، والذي كرر الأجواء التي صدرت اول امس بعد لقائه الرئيس ميقاتي والتي تؤكد عدم مقاطعة الطائفة السنية للانتخابات.

وخاطب عون دريان قائلاً: «ان المرحلة تفرض علينا جميعا ان نكون يداً واحدة بغض النظر عن الخلافات السياسية بين الاحزاب والتيارات حول عدد من المواضيع».

ولمس من مفتي الجمهورية جوا ودياً وايجابياً قبل ان ينتقل الحديث الى الوضع الاقتصادي الضاغط وتداعياته على الوضع الاجتماعي والمعيشي، والسبل الآيلة للخروج من هذه المحنة.

وبادر المفتي دريان الى سؤال الرئيس عون عن الموقف اللبناني من موضوع العلاقات مع الدول العربية الشقيقة بصورة عامة ودول الخليج بصورة خاصة، مستوضحاً عناصر الرد اللبناني الرسمي على الورقة التي حملها وزير الخارجية الكويتي.

وشرح رئيس الجمهورية الموقف والرسالة التي حملها الوزير بوحبيب الى الكويت، مشيراً الى التشاور والتعاون مع الرئيس ميقاتي في هذا الخصوص، مؤكداً كما عبر في تصريحه على حرص لبنان على افضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة، والتعاطي بكل ايجابية مع الورقة التي نقلها الوزير الكويتي.

مشاورات دريان مع القيادات السنية

ووفقاً للمعلومات التي توافرت لـ «الديار» فان الاجواء والتداعيات التي نجمت عن قرار الرئيس سعد الحريري بالاعتزال السياسي الى اشعار آخر بقيت تتفاعل خصوصاً على صعيد موضوع المشاركة في الانتخابات النيابية.

وقد تولى منذ اللحظة الاولى المفتي دريان اجراء مشاورات مكثفة شملت بالاضافة الى رئيس الحكومة ورؤساء الحكومات السابقين وقيادات واطراف سياسية سنية لا سيما عائلة الحريري. كما اجرى مشاورات واتصالات مع جهات ديبلوماسية عربية وخليجية.

وقالت المعلومات ان المحصلة الاولى لهذه المشاورات هي ما اعلنه الرئيس ميقاتي بعد لقائه مفتي الجمهورية، أي عدم مقاطعة سنّية للانتخابات النيابية.

ويشار في هذا المجال نقلاً عن مصادر قصر بعبدا ان الرئيس عون شعر خلال لقائه مفتي الجمهورية بهذا التوجه، والحرص على ممارسة الطائفة السنية دورها الوطني والسياسي.

بهاء يسعى لغطاء سني واسع

وكشفت مصادر مطلعة لـ «الديار» في هذا المجال ان مشاورات واتصالات تجري لاستدراك الفراغ الذي احدثه خروج او تعليق الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل العمل السياسي والنيابي.

وقالت ان هناك مسعى لتوحيد الموقف تجاه كيفية ملء الفراغ، لكن المشاورات لم تستكمل.

ولفتت الى ان البيان الذي تلاه بهاء الحريري امس واعلانه انه سيواصل مسيرة والده خلق عاملاً اضافياً يؤخذ بعين الاعتبار في هذه المشاورات.

ووفقا للمعلومات فان بهاء لم يأخذ غطاء من عائلة الحريري كمدخل لتعزيز موقعه ودوره في المباشرة بالعمل السياسي بعد عودته الى لبنان التي قال انها ستكون قريبة جداً.

اما على صعيد الغطاء الخليجي والسعودي خصوصا فان الرياض تؤيد كل من يتخذ مواقف سياسية متشددة تجاه حزب الله، لكنها لم تعط بعد ضوءاً اخضر لأحد يمثلها مباشرة في لبنان، وان كانت تدعم قيادات وجهات متعددة وفي مقدمها القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع.

وقالت مصادر مطلة في هذا المجال ان هناك عقبات عديدة تواجه بهاء الحريري منها العداء المستحكم، بينه وبين شقيقه سعد وتيار المستقبل، مشيرة ايضا الى ان رؤساء الحكومة السابقين لا يرغبون بتقديم هذا الغطاء له، ولا يحبذون حصر تمثيل الطائفة بشخص واحد. لكن هناك اتصالات تجري لمحاولة التنسيق بين بهاء والرئيس السنيورة، كما ان هناك محاولات لتوسيع التشاور ليشمل النائب بهية الحريري والسيدة نازك الحريري.

في هذا الوقت علمت «الديار» ان بهاء الحريري قام مؤخراً بحركة تغيير في هيئة معاونيه وفريق عمله في لبنان، ترافقت مع تحضيرات تجري لاستقباله بعد عودته واتخاذ الترتيبات اللازمة لمقر اقامته على الصعد كافة.

كما يجري فريق العمل المزيد من التحضيرات والمشاورات استعداداً لتشكيل لوائح مشتركة مع بعض الحلفاء لا سيما جماعات من النشطاء والجمعيات الاهلية في مختلف المناطق لا سيما في بيروت وطرابلس وعكار وصيدا والبقاع الغربي.

الرد اللبناني على الورقة الخارجية

على صعيد آخر، حمل وزير الخارجية عبدالله بو حبيب امس الى الكويت الرد اللبناني على الرسالة الخارجية التي كان نقلها وزير الخارجية الكويتي الشيخ احمد ناصر المحمد الصباح الى لبنان لاعادة الثقة مع دول الخليج، والتي تضمنت سلسلة بنود تتعلق بتنفيذ القرارات الدولية ومقررات جامعة الدول العربية، وان لا يكون لبنان منصّة عدوان لفظي وعملي ضد دول الخليج، بالاضافة الى اتخاذ الاجراءات الكفيلة بعدم تهريب المخدرات الى هذه الدول.

وكما صار معلوما فان الموقف اللبناني الذي سيشرحه الوزير بوحبيب في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب اليوم سيؤكد على رغبة لبنان بالانفتاح والتعاون مع دول الخليج وكل الاشقاء العرب، كما سيشدد على التزام لبنان بالقرارات الدولية ومقررات جامعة الدول العربية دون تحديد قرارات معنية مثل القرارين 9551 و1071 اللذين لا يمكن تنفيذهما بين ليلة وضحاها كما عبر وزير الخارجية عشيّة توجهه الى الكويت.

وسيشدد الوزير في شرحه للموقف اللبناني على وجوب التنسيق والتعاون بين لبنان والدول العربية والخليجية في شتى المجالات من خلال لجان واجتماعات مشتركة اكان بالنسبة لمناقشة موضوع القرارات الدولية ام بالنسبة لضبط موضوع مكافحة تهريب المخدرات او العمل من اجل دعم ومساعدة لبنان في الظروف الصعبة التي يواجهها.

وكشفت مصادر مطلعة لـ «الديار» ان التوجيهات التي اعطيت لوزير الخارجية تركز على التزام لبنان واستعداده للانفتاح على الاخوة الخليجيين بما يعود بالفائدة للجميع، مع التأكيد في الوقت نفسه على اهمية عدم تخلي العرب عن مد يد العون للبنان خصوصا في هذه الظروف.

واضافت المصادر ان الرد اللبناني الذي اعد بالتشاور بين رئيس الجمهورية والحكومة واطلع عليه الرئيس بري وابدى ملاحظات عامة حوله، يتركز بالدرجة الاولى على فتح افاق التواصل والتعاون في شأن الكثير من البنود او معظم البنود التي تضمنتها الورقة الخليجية بما في ذلك موضوع التزام لبنان بان لا يكون منصة عمل عدائي ضد اشقائه الخليجيين. اما في خصوص القرارين 9551 و1071 فان الرد لم يتطرق الى تحديدهما، لا سيما ان هذا الموضوع متعلق ايضا بالوضع العام في لبنان والمنطقة نتيجة استمرار الاحتلال الاسرائيلي لاجزاء من لبنان شبعا وتلال كفرشوبا والتهديدات والاعتداءات الاسرائيلية عليه جوا وبرا وبحراً.

وسيرد الرد اللبناني في الصياغة التي حملها بو حبيب والشرح الذي سيقدمه للاخوة العرب المجال للاخذ والرد في هذه النقطة، مع التأكيد ايضا على وجوب تعامل الدول العربية والخليجية خصوصا مع الموقف الرسمي اللبناني وليس مع موقف طرف معين في لبنان.

ووفقا لمصدر ديبلوماسي مطلع لـ «الديار» فان دول الخليج تركز بشكل اساسي على البند المتعلق بان لا يكون لبنان منصة لفظية او عملية ضدها، وهذا الامر يعتبر النقطة الجوهرية عندها. وقد اخذ لبنان في رده الرسمي هذه النقطة بعين الاعتبار، وتعامل معها «بطريقة سلسة بحيث تشكل جوابا موضوعيا ومنطقيا وديبلوماسيا».

اما في خصوص القرار 1071 فان لبنان اكد مرارا تطبيق هذا القرار الذي تخرقه اسرائيل بشكل شبه دائم اكان من خلال اعتداءاتها وخروقاتها البرية بين فترة واخرى ام من خلال انتهاكها اليومي للاجواء اللبنانية بواسطة طيرانها الحربي وطائرات الاستطلاع والطائرات المسيّرة التي تصل بصورة شبه دائمة الى اجواء العاصمة وباقي المناطق اللبنانية.

وفي شأن القرار 9551 يقول المصدر الديبلوماسي انه بعد عدوان 6002 وصدور القرار 1071 لم يعد القرار المذكور على جدول اهتمامات الامم المتحدة نفسها نظرا لتجاوز العدوان الاسرائيلي وما نجم عنه كل ما يتعلق بهذا القرار. مع العلم أنه بعد تيري رود لارسن الذي كان ناظرا في الامم المتحدة لهذا القرار لم يعني اي ناظر آخر.

وكان الوزير بوحبيب قد صرح في الساعات الماضية قائلا «اننا مطمئنون انه سيكون هناك تجاوب مع ردنا على المبادرة الكويتية، وان القرارين 9551 و1071 سيأخذان وقتا لتنفيذهما».

ونقلت وكالة رويترز امس عن مصادر مطلعة «ان الحكومة اللبنانية ملتزمة قولا وفعلا بسياسة النأي بالنفس»، وانها تؤكد في رسالتها الى دول الخليج «ان لبنان لن يكون منطلقا للتحركات التي تمس الدول العربية».

وحرص وزير الخارجية قبل توجهه الى الكويت على القول انه «ذاهب الى الكويت للحوار، وان حزب الله لا يهيمن على سياسة لبنان».ad

وأمس لفت مساعد الامين العام لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي ان اجتماع وزراء الخارجية العرب اليوم في الكويت هو اجتماع تشاوري برئاسة دولة الكويت. واضاف «ان هذا الاجتماع هو اجتماع تشاوري غير رسمي لا تصدر عنه قرارات، بل سيناقش المواضيع التي ترغب اي دولة في مناقشتها دون التقيد بجدول اعمال، في اطار تعزيز التشاور والتنسيق بين وزراء الخارجية العرب حول مختلف المواضيع».

ومساء ذكرت مصادر مطلعة ان الوزير بوحبيب سلم نظيره الكويتي الرد اللبناني ورسالة من الرئيس عون الى امير دولة الكويت وان الاجواء ايجابية.

من جهة اخرى رحّل مجلس الوزراء اقرار مشروع قانون الموازنة للعام 2202 الى الاسبوع المقبل في ظل استمرار التباينات والحاجة الى التدقيق في درس عدد من بنودها الحساسة منها: الدولار الجمركي، الكهرباء، المساعدة المالية للقطاع العام وغيرها.

وعلمت «الديار» ان نقاشا مطولا دار في جلسة مجلس الوزراء امس حول بند السلفة لكهرباء لبنان بقيمة خمسمئة الف مليار ليرة. واعترض عدد من الوزراء على سياسة اعتماد السلفات التي ادت الى نتائج سلبية نحصدها اليوم، وشدد بعضهم على وجوب تقديم الخطة الكاملة للكهرباء واتخاذ كل التدابير القانونية المتعلقة بكيفية الوزارة ومؤسسة كهرباء لبنان.

وشدد الرئيس ميقاتي ايضا على وجوب تقديم وزير الطاقة التبريرات والتفسيرات اللازمة لهذه السلفة. كما جرى نقاش حول الفاتورة الكهربائية والجباية وغيرها.

وقال مصدر وزاري لـ «الديار» «لقد كانت الجلسة جلسة الكهرباء ولم نتمكن من مناقشة تفاصيل موضوع ما يسمى بالدولار الجمركي، وكذلك تفاصيل وطبيعة المساعدة المالية للقطاع العام وقضية المساعدة للمتقاعدين».

واوضح ان هذه المواضيع ستكون على جدول اعمال جلسة الاثنين، مستبعداً حسمها في جلسة واحدة او اثنتين.

Exit mobile version