يبرز ملف النازحين السوريين كل فترة، ويبدأ الحديث عن ضرورة عودتهم الى ديارهم، بسبب التداعيات التي يتحملها لبنان في ظل ازماته ، فيصبح الملف في الواجهة لأيام فقط، بسبب رفض المجتمع الدولي إعادة النازحين قبل تأمين العودة الآمنة لهم، وآخر هذه الدعوات اتت عبر إطلاق رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في شهر حزيران الماضي” خطة لبنان للاستجابة للأزمة لعام 2022- 2023″، متحدثاً عن ازمة غير مسبوقة يعاني منها لبنان، وهي إستضافة نسبة كبيرة من النازحين السوريين قياساً الى عدد سكان لبنان، الذي يعاني من انهيارات على كل الاصعدة، الامر الذي يتطلّب إعطاء الاولوية لدعم اداراته ومؤسساته والبنى التحتية فيه، في ظل تراكم الازمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية في لبنان، الذي لم يعد لديه القدرة على تحمّل كل تلك الاعباء، مطالباً الحكومات الصديقة والفاعلة والأمم المتحدة، الى مضاعفة الجهود لتحقيق العودة بأمان الى سوريا.
وكان سبق ذلك بأشهر تقارب لبناني – سوري عبر لقاءات، عُقدت بين وزير الخارجية عبدالله بو حبيب ورئيس المجلس الاعلى اللبناني – السوري نصري خوري، ما دفع بمصادر سياسية متابعة الى التشديد على ضرورة وضع ملف عودة النازحين على طاولة هذا المجلس بهدف إيجاد حل له بين بيروت ودمشق، رداً على رافضي التعاون السياسي مع الحكومة السورية، مذكّرة بأن الأمانة العامة للمجلس المذكور وضعت في العام 2013 خطة مشتركة لإعادة النازحين، لكنها لم تصل الى خواتيمها. الى ان فتح باب العودة ضمن اعداد قليلة في العام 2019، ليعود اليوم ضمن معالجة وصفت بالجديّة من قبل المعنيين، خصوصاً بعد زيارة قام بها وزير المهجرين عصام شرف الدين الى سوريا، كما جرت متابعة للملف مع عواصم القرار والمؤسسات الدولية، وتسلّم ملف العودة الامن العام اللبناني من ناحية مسؤوليته عن الجانب التقني للخطة، بحيث ستبدأ قوافل العودة بعد غد الاربعاء من مناطق البقاع الشمالي والاوسط والغربي.
الى جانب البدء بحلحلة هذا الملف الشائك منذ 11 عاماً، وبعد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع “اسرائيل”، اتى دور الترسيم مع سوريا، وبسرعة لافتة وقبل ايام قليلة من إنتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، الذي إتصل يوم السبت الماضي بالرئيس السوري بشار الاسد، لإبلاغه بأنّ لبنان حريص على بدء مفاوضات مع دمشق لترسيم الحدود البحرية الشمالية، وكان تجاوب وقبول للبدء بهذه المهمة.
الى ذلك، كلّف رئيس الجمهورية نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب، برئاسة وفد لزيارة دمشق خلال الأيام المقبلة للبدء بالمناقشات، على ان يضّم وزير الخارجية عبدالله بو حبيب ووزير الاشغال والنقل علي حمية والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، كذلك سيزور لبنان هذا الاسبوع وفد قبرصي للبحث في ترسيم الحدود البحرية بين البلدين. أي اربعة إنجازات في تشرين الاول، بدأت مع إتفاقية الترسيم مع “اسرائيل”، وهو الشهر الاخير المتبقي من ولاية لم تعرف الانجازات، الامر الذي إعتبره البعض إستفاقة متأخرة جداً، فيما البعض الآخر رأى في ذلك مرحلة ميسّرة من التفاهمات والجهود، تحقق عبرها الكثير في توقيت لافت بسرعته.
وفي الجديد السوري ايضاً، تم تكليف السفير أيمن سوسان، وهو معاون وزير الخارجية السورية بمهام سفير سوريا في لبنان، بعد بلوغ السفير الحالي على عبد الكريم علي سن التقاعد.
وفي هذا السياق، رأت مصادر سياسية مطلعة، بأنّ عودة النازحين من شأنها ان تريح الاجواء الملبدّة بين بيروت ودمشق، لانّ هذا الملف لطالما شكّل عبئاً كبيراً على لبنان، كما املت ان تتحسن العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، مع بدء عمل السفير السوري الجديد.