فيما تقترب الأعياد على اللبنانيين دون رونق يذكر، ووسط إنهيار البلد بجميع مرافقه لا يمكن القيام بعملية تقص للمحتفلين بفعل انعدامها، إنما يبقى على الساحة من هم أحق بالإحتفال فيها وهم أهل السياسة حصرا، وكأن شيخا أو قسيسا يحتفل كل منهما بطقوسه فيما الكنائس خالية والجوامع فارغة فيما الأحق بالعيد هم الاطفال الراغبون بقطعة من الشوكولا ولا قدرة للأهالي لشرائها، أو العجائز المحتاجين للدواء ينامون على وقع الاوجاع والاّلام.
وأهل السياسة المختلفين على جنس الملائكة لم يتبين لديهم أي طارئ لحلحلة الجمود القائم منذ فترة بعيدة بحيث أصبحت السياسة في حالة من الروتين القاتل في ظل تشبث القوى وثباتها على مواقفها مما يزيد من ماّسي اللبنانيين وقوة الانحدار، وتشير مصادر سياسية إلى أن موقف حزب الله لا يزال على حاله، وكذلك بالنسبة إلى حركة أمل والرئيس نبيه بري اللذين يطالبان بإيجاد مخرج لآلية التحقيق التي يعتمدها القاضي طارق البيطار في تفجير مرفأ بيروت.
وتلفت هذه المصادر الى أن موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المرتبط بالبحث عن تسوية كبرى تكون عبارة عن سلّة شاملة، ووسط غياب أي معطى عن بروز توافق حول هذه السلّة، يبقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على موقفه رافضاً الاستقالة معتبراً أنّها ستؤدي إلى المزيد من التدهور، مفضّلاً العمل من خلال اللجان الوزارية لإنجاز الاتفاقيات المطلوبة مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتعتبر المصادر نفسها أن موقف الرئيس ميقاتي يمثل هروبا الى الامام في إمكان حلحلة الازمات، ومن قال لرئيس الحكومة أن عامل الوقت والتعويل على اللجان يمكن الركون اليه؟ وإذا كان المقصود لديه نضوج اتفاقية الملف النووي في فيينا يبدو هذا الامر بعيد المنال ومكلفا جدا خصوصا للساحة اللبنانية، أما انتظار موقف جديد من دول الخليج يكون أكثر طراوة فهذا الامر أكثر تعقيدا مما سبق حيث هناك تصميم وإجماع من دول مجلس التعاون على قطع التعامل مع لبنان لتربط الامر بمسألة أكثر تعقيدا وهي كيفية التعامل مع حزب الله، أما «غفوة» اهل الكهف للمسؤولين اللبنانين فلا فجر أو صباح لها!
على أن هذه المصادر تتخوف من واقع حقيقي يتمثل باستبعاد انعقاد الحكومة خلال ما تبقى من العام الحالي وما ينطبق على خلافات أمل- التيار يمكن مطابقته ايضا بالتوتر بين ميقاتي وحزب الله على خلفية مواقف رئيس الحكومة ووزير الداخلية بسام مولوي من انعقاد مؤتمر جمعية الوفاق البحرانية المعارضة ورفض ميقاتي ومولوي لها، وهو أمرٌ استفزّ الحزب الذي لا يريد الدخول في مشكلة جديدة مع رئيس الحكومة أيضاً. وحتى زيارة الامين العام للامم المتحدة الى لبنان لا تنظر اليها هذه المصادر على انها سوف «تشيل الزير من البير» والسبب أنه مجرد أن تغادر طائرة غوتيريش الاجواء اللبنانية سوف تندلع من جديد الخلافات ولكن هذه المرة على وقع قرار المجلس الدستوري المنتظر أن يصدر حكما الاسبوع القادم.