عشية الإنتخابات : المرأة اللبنانية حاضنة التغيير في بلد سيطر عليه الرجل منذ قيام الدولة حتى اليوم

Share to:

نضال العضايلة

أكدت المرأة اللبنانية بشكل جلي أنها زهرة الثورة الشعبية التي إنطلقت في 17 تشرين الأول، ومن المؤكد أن القضايا المطلبية التي تنشدُّ إليها المرأة اللبنانية أكبر وأوسع من القضايا التي تهم الرجال، لأن الصعوبات التي تواجه النساء في لبنان أوسع من الصعوبات التي تواجه الرجال.

تشكل المرأة اللبنانية ما نسبته 50% من ديمغرافيا لبنان، فيما تشكل نسبة الالتحاق بالجامعات ما نسبته 54%، إلا أن مشاركتها في سوق العمل لم تتجاوز 25%.

لبنان الذي صدر الثقافة والحضارة والمدنية للعالم العربي يكتفي حتى هذا اليوم بعشر نواب من النساء على مدى تاريخه النيابي، فيما اكتفي بالرقم 7 من حيث عدد الوزيرات في الحكومات المتعاقبة، فيما شهد السلك الدبلوماسي 5 سفيرات فقط. نسبة تبوؤ النساء مناصب الفئة الأولى في الدولة اللبنانية، ضريبة إذا بلغ عددهز 18 فقط من أصل 160، فيما بلغت نسبة المرأة في سلك القضاء، 36%.

إلا أن المرأة اللبنانية أثبتت وجودها في القطاع المصرفي فتساوت مع الرجل وبنسبة بلغت 46%، ولهذا يمكن القول إن نسبة اعتلاء المرأة للمناصب الهامة في لبنان أما أن يكون مصادفة أو ضربة حظ، أو أن بعض النساء يرثن المركز إما من زوجها أو والدها، فيما هناك نسبة ضئيلة ممن يستغللن أجسادهن وجمالهن ليصرن سلعة في يد الرجل للوصول إلى مبتغاهن المهني.

اذاً، وفي الوقت الذي تستعد فيه نساء لبنان للتوجه إلى صناديق الاقتراع لانتخاب أعضاء المجلس النيابي الجديد فإن التغيير الحتمي يبدأ برفض المرأة أن تكون سلعة بيد الرجل وتصميمها على التغيير والتقدم والنضال في سبيل إثبات كفايتها وجدارتها.

لم يعد الاهتمام بقضايا المرأة المدنية والسياسية محدوداً في ظل التحولات التي تشهدها بلادنا العربية، خصوصاً وان حال المرأة العربية في نهاية العقد الثامن وبدايات العقد التاسع من القرن الماضي لم يكن كما يجب، ويتجاوز الاهتمام بقضايا المرأة في القرن الحالي الحدود التي كانت في القرن الماضي، عربياً وإقليمياً ودولياً، لذلك شكلت المرأة في لبنان نمط مدني وسياسي إلى جانب النمط الاجتماعي، على الأقل من منطلق تحديد الأولويات في مُختلف القطاعات.
وضع المرأة اللبنانية ليس بهذه الصورة الوردية التي يعتقدها البعض من العرب، ممن امتلأت صفحاتهم على مواقع السوشيال ميديا بتعليقات، بعضها يشيد بحضور المرأة اللبنانية، والبعض الآخر كان يسخّف ويسطّح هذا الحضور من خلال تعليقات لا علاقة لها إلا بالمظهر والشكل الخارجي المتحرّر، الذي تظهر فيه المتظاهرات.

وتعتقد بعض المُنظمات النسائية العربية والدولية أنَ المرأةَ اللبنانية تمتلكُ نفساً طويلاً في بذلها للجهود من اجلِ الحصول على كاملِ حقوقها المدنية والسياسية، وهي تشبه إلى حد كبير ما وصلت إليهِ المرأة في الغرب في هذا المجال تحديداً، ولذلك ومن منطلق تصديق هذا القول فإن الواقع يقول أنَ المرأةَ اللبنانية قامت ولا زالت تقوم بدورٍ كبيرٍ وبمهامٍ جِسام، أدت بها في النهاية إلى الحصول على الكثير من المكاسب.

وينتظرُ المرأةُ اللبنانية الكثير في المستقبل وذلك بالنظر إلى أنها تمتلك نضوجا يمكن أن يكون عامل توحيد للحركة النسائية، وبالتالي دخول معترك الحياة السياسية بقوة كبيرة، وقد يمكنها ذلك ايضا أن تلعب دوراً مهما في تطور الحياة المدنية، ولعل نتائج هذه الحركة التي قد تكون ايجابية وقد تكون عكسية تعمل على رفد العامل التنظيمي المفقود لدى النساء في لبنان.

وبدا في السنوات الأخيرة أن جهود العديد من نساء لبنان قد لعبت دوراً كبيراً في توحيد صفوف المرأة اللبنانية، ولعل تجربة وصول المرأة إلى المجلس النيابي اكبرُ دليل على ذلك، حيث الأثر الكبير على حجم العمل النسوي والإقبال على رفد النساء لأنفسهن بالأفكار الجديدة فيما يتعلق بتأهيل المرأة اللبنانية سياسياً.

وفي إطار جملة من المحددات التي يجب أن تكون حالة دراسة مستفيضة لما لها من قيمة مادية ومعنوية في هذا الاتجاه، يمكن للمرأة اللبنانية أن أن تسهم في تحسين البنية الثقافية والسياسية والاقتصادية لها، ولعلها ايضاً تسهم في توسيع مدارك العملية الانتخابية لدى من ترشحن لخوض الانتخابات.

ولعلها فرصة أن تنافس مجموعة من النساء ضمن إطار الثقافة والقيم الإجتماعية، من زاوية والمرأة وحقوقها من زاوية أخرى، بالإضافة إلى مكانة المرأة الإقتصادية.

ويبدو أن المرأة غير مقتنعة بصورتها في الإعلام اللبناني لذلك عمدت إلى إدراج الصورة النمطية للمرأة في الإعلام من باب التذكير بصورة المرأة الحقيقية، وايضاً الإهتمام بعاملي التمكين والمشاركة، وعامل المشاركة والإرادة السياسية وصنع القرار كإحدى أدوات قضايا المرأة المدنية والسياسية.

وبنظرة فاحصة على هذه المحددات نجدها جوهر حقيقي يرتبط بالمرأة ويصل في نهاية الأمر إلى حقيقة مفادها أن وجود المرأة في المجتمع المفتوح يحتم عليها نمطية تعامل معينة مع هذا المجتمع وذلك من باب الإعتماد على قدرتها على تحسين نوعية عطائها، ويبقى أن ندرك أن للمرأة اللبنانية أبعاداً ايدولوجية وسياسية لكنها فردية الطابع لم تستطع بعد التحول نحو الجماعية في التعاطي، والمطلوب هنا هو تضافر الجهود لتشكيل كيان سياسي لتجمعات نسائية تكون المرأة قادرة من خلالها على منافسة الرجل في رسم صورة المستقبل السياسي للدولة.

عناوين كبيرة وضخمة ضخامة المسؤولية الملقاة على عاتق المرأة، والمطلوب هو بلورة مواقف إيجابية حول هذه العناوين، وأنا شخصياً أعتقد أن هذا العبء يقع على عاتق المرأة وحدها دون غيرها من جهة وكافة المنظمات النسائية من جهة أخرى.

إن رؤية لبنان جديد تشارك فيه المرأة إلى جانب الرجل في كافة المجالات، تبقى المرأة المستفيدة الأولى والأخيرة من زخم النشاط السياسي والمدني والإجتماعي الذي يدور في محيطه.

المطلوب من كلّ امرأة لبنانية أن لا تستسلم وأن تزرع الأمل في كل من حولها، وأن تكون القائدة في مرحلة التغيير، عليها أن تُحضّر القاعدة لتبني وطنًا يليق بالجميع، وعليها أن تبدأ بالتأسيس للمرحلة القادمة من دون خوف أو تردّد
كل الشكر للمرأة اللبنانية على ما تبذل من جهد من أجل تنمية قدراتها التي تعود على المجتمع بالخير والفائدة، وكل الشكر للقيادات النسائية اللواتي يبصرن حقيقة المرأة ويعملن لرفدها بكل ما يمكن أن يحقق طموحها.

Exit mobile version