صبرا جناح طريق الجديدة وظهير المخيم المنكوب بالمجزرة

صبرا

Share to:

هوية إنمائية ضائعة بين بلديتي بيروت والغبيري

تقع منطقة صبرا على تخوم محافظتي بيروت وجبل لبنان. تحدها من الشمال طريق الجديدة، ومن الشرق الغبيري، ومن الجنوب والغرب بئر حسن. تعتبر نقطة جغرافية مهمة وحساسة، اذ تشكل نقطة وصل بين بيروت وضاحيتها الجنوبية وتتبع نطاقي بلديتي بيروت والغبيري.

صبرا العالم الآخر!! وبكل أسف حيث لا أثر لتأهيل حكومي ولا بلدي… هو اقصى أنواع العنف… والفقر طبعا! صبرا واسمها يشتق من الصبر والعزم والقوة لما عانته وتعانيه، فالفقر هنا لا يأتي الا بامتيازات! رجال، نساء، أطفال، وأصوات من هنا وهناك، عربات وبسطات تمتد على الرصيف وأمامه، ببساطة نستطيع القول ان صبرا عالم تخط سماءه أنواع الحرمان والإهمال المختلفة.

ويشير مختار المحلة م.م.ص، الى ان “حدود صبرا من المدينة الرياضية ضمن الغبيري، اما القاعة “الرياضية” المقفلة فتتبع بيروت باعتبار انه كان يوجد سكن بين المنطقتين وتتأثر بهما جغرافيا منطقة الغبيري”. ويضيف ان “هذه المنطقة كانت عبارة عن أكواخ، وبعدها حدثت نهضة عمرانية”. ويستطرد لافتا الى مشكلة صرف صحي كبير جدا في صبرا، مما يشكل فيضانات ومستنقعات بين المنطقتين، وكلاهما اغنى بلديتين الغبيري وبيروت، تتنحيان عن مسؤوليتهما حيال المستنقعات الراكدة”.

صبرا… مبارك صبرك، من المسؤول؟

وبسؤال المختار م.م.ص من المسؤول؟ يجيب ان “المسؤول هما وزارتا الاشغال العامة والصحة”، ويتابع: “جرى تقديم الكثير من الأفكار ومن ضمنها “مواسير المجارير” التي تصل الى الرحاب، وقد جرى العمل ما بين بلديتي الغبيري وبيروت، الا ان التجاوب كان خجولا. ربما الأمور السياسية هنا تطغى على تحسين هذه المنطقة!” ويبدي عتبا على الدولة “لأنها تهمل هذه المنطقة. مثلا في السنة الماضية، بقينا يومين نعمل على انتشال الناس من مستنقع صبرا، بسبب المطر الذي جعل المجاري تفيض، مما أدى الى محاصرة السكان”.

صبرا… من أين أتت التسمية؟

يقول المختار ص. صبرا تعود الى عائلة بيروتية كبيرة، كانت تعيش هنا وتمتلك هذه الأرض التي لا يزال يسكنها أناس من آل صبرا… وهذا الشارع سمي “صبرا” على أيام الاتراك وبعيد قدوم الفرنسيين الى لبنان.

اما الحاج محمود احمد سعد الدين صبرا، وهو ابن الحاج محمد سعد الدين صبرا، فيقول ان هذا الشارع أنشئ سنة 1929 حين كان والده عضوا في جمعية البر والإحسان، عندما أتى الى هنا واشترى هذه الأرض ب 11 قرشا ذهبا، وكانت لا تزال رملية، واقام شارعا ترابيا في اول محلة السبيل وصولا الى محطة الدنا. وبعده طلب من الشيخ بشارة الخوري قبل ان يصبح رئيسا للجمهورية ان يعبد له الطريق، لان الأرض في الشتاء تتحول وحلة بحكم طبيعتها. فكان له ما طلب، وبعدها قام ببناء منزل من طبقتين، وعلى أساسه قامت البلدية بوضع اسم “شارع صبرا” الذي يبدأ من السبيل حتى الدنا…

يضيف ص: “صبرا اسم انطبع بمجزرة شملت “صبرا وشاتيلا وحي فرحات”، فدخول القوات الإسرائيلية آنذاك، حصد ضحايا كثيرة ولم يقتصر الامر على الفلسطينيين، فالمجزرة حصدت ضحايا لبنانية ومن كل الجنسيات”…

امتداد لطريق الجديدة…

وتعتبر صبرا جزء من طريق الجديدة ومساحتها حوالي ثلاثة كيلومترات. اما سكانها فيتنوعون بين أجانب وعرب، ولا سيما السوريين والسودانيين والعراقيين والفلسطينيين ولكن غالبيتهم من اللبنانيين. اما الحاج صبرا، فيشير الى “ان صبرا تتبع جبل لبنان امنيا وعسكريا وبلديا وانتخابيا، وهذه المنطقة كانت رملية حيث كان هناك قطار يقوم بنقل الرمل من المطار أيام الفرنسيين، وكنا نذهب لنتفرج عليه، ومن هنا بدأت النهضة العمرانية في صبرا”…

ويعتبر ص. انه “توجد صبرا بيروت” و “صبرا الغبيري” الا ان “صبرا بيروت” تبدأ من ساحة صبرا سوق الخضر الى شارع المفتي حسن خالد. أما شوارعها فهي: شارع بئر حسن، شارع الحمام، شارع كوثر حلاق، وهي عبارة عن أزقة وأهمها شارع المفتي حسن خالد”.

تطالعك على المدخل الجنوبي لصبرا شعارات للمقاومة اللبنانية وحركة “امل” وعند المدخل الشمالي من جهة أرض جلول تظهر غالبية سنية، من خلال صور الرئيس الشهيد رفيق الحريري والرئيس سعد الحريري، وفي الوسط صور الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات…

الاقتصاد”الصبراوي”… نعمة

يضيف ص. “سوق صبرا مهمة جدا، تزورها كل شرائح المجتمع. وعن قانونية هذه السوق؟ يجيب: “لا قانون يحكم هكذا سوق، حاولنا تنظيمها من طريق الاتصال بكل من بلدية الغبيري برئاسة الأستاذ أبو سعيد الخنسا، وبلدية بيروت، واعددنا مجسما خاصا للسوق، غير ان الوضع السياسي هنا له امتيازات، بحيث تستحضر الذرائع للتفلت من أي مسؤولية حيال هذه المنطقة. حوالي 250 ألف ساكن هنا والكل يعتاش من “سوق صبرا”. غالبية التجار ومالكي البسطات هم فلسطينيون او سوريون”… ومع كورونا “زاد الطين بلة” فلا أحد ملتزم بالإرشادات الصحية كما انه ينبغي على السلطة اخذ الموضوع على عاتقها لجهة اللقاحات بحيث تبدأ بالأماكن الشعبية فهؤلاء يعتاشون يوما بيوم فلا الدولة قادرة على توليهم من خلال المساعدات الغذائية كما انها لا تعطي الأولوية لهذه الطبقة …

ويشير ان وجود البسطات على جانبي الطريق، اما رائحة النفايات المنبعثة “فقد نوقشت في العديد من المناسبات…فهناك الحيوانات التي تذبح بمنطقة صبرا التابعة لبلدية الغبيري، ترمى بقاياها في حاويات بيروت الموجودة في ارض جلول، وفي الصيف تنبعث روائحها بطريقة مؤذية، تهدد بتفشي الامراض”.

ولو أردنا الانتقال من صبرا الى وسط بيروت سيرا على الاقدام، لاستغرقت المسافة نصف ساعة من الوقت، فالفارق بين المنطقتين هو الاهتمام الإنمائي والمعيشي ونوعية الحياة، مع العلم ان تأهيل السوق يكاد لا يكلف قيمة بناء شقة سكنية…

وعن المستوعبات التي وزعتها شركة سوكلين، وما يفيض منها وأين هم عمالها ولماذا لا تطالبون البلدية بالاهتمام بهذا الجانب؟ يقول بعد ان يتنهد عميقا: “ان اردت ان أريك المراسلات التي رفعتها الى سوكلين، وفي كل مرة يجيبون انهم يقومون بالتحضير والتنظيم اللازم. وما أصر عليه في مراسلاتي، هي خصوصا نفايات اللحوم التي تبعث الروائح الكريهة والنتنة، والدم الذي يسيل على الأرض من جراء الذبائح التي تذبح هنا. ولكن لا الدولة ولا البلدية ولا عمال النظافة ولا المواطنون يتحملون المسؤولية”.

وعن جدية مشروع الانارة، يتابع: “الحمدلله، البلدية أولت هذا المشروع الى متعهد يركب أعمدة للإنارة، والمشروع قيد التنفيذ. هذا ما شاهدته شخصيا قبل عشرة أيام تقريبا”.

وهل من أملاك في صبرا؟ يجيب: “توجد مشاعات، منها مشاع سعيد غواش، ومناطق الداعوق التي تؤجر منذ زمن من “وكالة غوث اللاجئين وتشغيلهم” “الاونروا”، ومخيم صبرا ملك لصبرا. كذلك ثمة اسطبلات قديمة تزيد عن 100 سنة، وهي لكل الخيول الموجودة في ميدان سباق بيروت، وذلك من قبل ان تصبح فيها نهضة عمرانية. ويصل عددها الى حوالي 20 اسطبلا للخيل”.

في صبرا مساجد عدة، منها: مسجد الدنا، مسجد الشهداء الذي شيد عام 1955، وهناك مسجد جديد تبرع بتشييده أحد الخيرين من ال عيتاني، وجامع الامام علي، إضافة الى مصلين هما مصلى صلاح الدين، ومصلى جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية. وفيها أيضا مدرستان احداهما تابعة ل “الأونروا”.

تنوع طائفي ملفت…

يقول مختار المحلة م.ص ان مستشفى دار العجزة موجود قبل النهضة العمرانية في المنطقة. وفيه تنوع من كل الطوائف: موارنة، ارثوذوكس، ارمن إضافة الى مسلمين من مذاهب مختلفة… حقيقة ذهلت لهذا التنوع الرائع في دار العجزة”. وعرفت صبرا صالتي سينما ناشيونال والشرق، لكنهما تحولتا مجمعين تجاريين بحكم كون تجهيزاتهما بدائية، وبحاجة الى الترميم من جهة، ونظرا الى ساكني المنطقة من جهة أخرى.

استحدثت مقبرة الشهداء سنة 1958 في قصقص او محلة حرش بيروت بحكم الحرب الاهلية. وتجدر الإشارة الى ان هناك ثلاث مقابر تاريخية مهمة جدا هي: المقبرة البولونية، المقبرة الفرنسية، ومقبرة الحرب العالمية الأولى.

ما هي خصوصية صبرا، وما الذي يميزها؟ يقول المختار الصيداني: ان الفوضى في سوق صبرا هي ما يميزها وما يجذب الناس اليها ولا شيء غير ذلك”.

التقى “لبنان بالمباشر” خلال جولته في صبرا ميسون. ز وهي فلسطينية “29 عاما” والتي تعيش مع عائلتها في صبرا، ولديها محل تجاري لبيع الإكسسوار النسائي، قالت: “الحمدلله… لكننا نفتقر الى ابسط مقومات الحياة، وفي الحقيقة نحن من نصنعها ونحاول توفيرها لأنفسنا “بدنا نعيش” الله وكيلك لا دولة ولا بلدية ولا مسؤول فقر… فقر… فقر”.

اما أبو ناظم وهو فلسطيني يملك بسطة خضار، فقال:” لا انارة ولا دولة ولا جمعية ولا هيئة ترعى أمور الناس، الحرمان مستشر هنا كأننا في دولة افريقية”.

Exit mobile version