شيرين أبو عاقلة فضحت بالصوت والصورة حقيقة دولة الإحتلال والإغتصاب والإرهاب

Share to:

الديار – ندى عبد الرزاق

حاصرت شيرين أبو عاقلة “إسرائيل” على مدى سنوات بالصورة والصوت والحقيقة، اذاعت وفضحت بالصوت والصورة حقيقة دولة الاحتلال والاغتصاب والإرهاب. باسم الحق والحرية والعدالة والقانون باسم الصحافة والإعلام تحدتها. فكان لسانها أقوى من اختراق الرصاص لرأسها. هذا هو الجُبن بعينه، فلو كانوا يعون ان الله خلق هذا الصوت في داخل الانسان لكيلا يستطيع ان يخنقه او يكتمه او يأخذه الا الخالق وحده. فكان صوتها وحضورها أنظف وأصدق وأكثر تعبيراً عن الحقيقة والواقع في وجه أضاليل “إسرائيل”. وكانت حجتها وقوتها المستندة الى الوقائع والمنطق أقوى وأفعل من منطق القوة الذي يحكم سياسة دولة الاحتلال والإرهاب. هذه هي “القوة التي لا تقهر” و”الدولة الديمقراطية الوحيدة” في الشرق الأوسط حسب ما يعتقدون! هم ومن يدعمهم من اميركا وغيرها. اخافتهم شيرين فأسكتوها، ونسوا انه يوجد مئات الآلاف من شيرين، فالصوت في عرس البطولة ثورة.

في القانون الدولي يجب احترام الصحافيين المكلّفين بنقل الاحداث في مناطق النزاعات المسلحة وحمايتهم بمقتضى القانون الدولي والإنساني من أي شكل من اشكال الهجوم المباشر او المتعمد او المقصود.

فالقانون الدولي الإنساني يحمي الصحافيين العزّل من السلاح كالمدنيين، شرط عدم مشاركتهم بشكل مباشر في العمليات العدائية.

ادانات مقتضبة وردود فعل عربية ودولية ليست بحجم القضية التي هي عبارة عن جريمة حرب، فماذا يقول الصحافي والكاتب سركيس أبو زيد عن البرودة في التعاطي مع جريمة ضد الإنسانية ومع الاستخفاف تجاه القضية الفلسطينية؟مقتل شيرين ابوعاقلة هو جريمة موصوفة وتحمل في طياتها عدة ابعاد، وعلى مقلب آخر لم تأخذ حقها على المستويين العالمي والعربي، فاغتيال أبو عاقلة هو جريمة ضد مواطنة مسالمة كانت تقوم بواجباتها تم اغتيالها بشكل واضح وصريح، والأخطر من ذلك انها كانت تقوم بمهمتها وهو عملها كصحافية، أضف الى انها كانت ترتدي السترة التي تدل على انها صحافية، كما انها لم تكن موجودة بين جمع من الناس مما يدل على انها كانت مستهدفة بشكل أساسي. وعليه اغتيال أبو عاقلة هو محاولة قتل متعمدة بدون وجود أي شكل من اشكال الالتباس.

جريمة ضد الصحافة

تُدرج هذه الجريمة على انها ضد الصحافة والإنسانية بشكل واضح وصريح، ومن الضروري ابراز هذه الحقيقة عن طريق تقديم التقارير والصور ولتكون قضية اغتيال شيرين بمثابة درس او عقاب عندما يوجد جريمة من هذا النوع، لأنه من غير الجائز ان جريمة كهذه تمر بلا عقاب او محاسبة وإدانة على كافة المستويات، باعتبار انها تشكل تحدّيا وجريمة ضد الصحافة في العموم. وإذ ندافع عن هكذا قضايا فنحن ندافع عن مهنتنا وحقوقنا، لا بل أكثر من ذلك ندافع عن حقّنا في ممارسة هذه المهنة بلا ضغط او قمع او اجرام وحشي.

العالم العربي لم يتحرك بالشكل المطلوب

تحركت النقابات في العالم العربي تجاه اغتيال شيرين أبو عاقلة بشكل محدود وضمن أطر معينة، ويلاحظ انه لم يعد هناك اتحادات تضم الصحافيين والإعلاميين على مختلف اتجاهاتهم وتوجهاتهم واختصاصاتهم. على الأنظمة والقوى السياسية ان تتحرك، فمثل هذا الضغط من شأنه ان يدفع الدول والأمم المتحدة الى التحرك الفعّال لتحقيق الإدانة والمحاسبة على هذا المستوى، وان تكون التحركات مشتركة للصحافيين والإعلاميين بمختلف تخصصاتهم على صعيد العالم العربي والعالمي والدولي.

غياب كامل…

يوجد غياب كامل لجهة الاجماع العربي في قضية شيرين، ناتج عن التشرذم العربي والانقسامات العربية، وفي غياب مؤسسات تابعة للجامعة العربية على هذا المستوى، لتتمكن من القيام بدورها من اجل المحاكمة وتحريك القوانين في المحاكم الدولية ولتقوم بواجباتها وتحاسب وتحاكم. أضف انه لا توجد اتحادات على هذا المستوى لتحرّك الاتحادات الدولية والصحافيين الدوليين ليقوموا بحركة احتجاج وإدانة ومحاسبة لهذه الجريمة. مما يعني انه يوجد تقصير ذاتي من العالم العربي والمؤسسات الإعلامية العربية ومن الاتحادات والروابط العربية ومن الصحافيين، في ظل غياب الالتزام والتركيز على الوضع الفلسطيني والتجاهل لكل ما يحصل في فلسطين، كما اننا نلاحظ غياب الصدى في الشارع العربي وبالسياسة والاعلام العربيين.

قانونياً، ما هي نظرة القانون الدولي لجريمة اغتيال الصحافية شيرين أبو عاقلة؟ وكيف يمكن تفعيل هذه القضية في المحافل الدولية؟ يحدثنا أستاذ القانون الدولي والدراسات العليا في كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية والمحاضر في مجلس حقوق الانسان في منظمة الأمم المتحدة “جنيف” الدكتور حسن جوني، فيقول: “ينصبّ القانون الدولي الإنساني على حماية الصحفيين المدنيين الذين يتواجدون في أماكن النزاعات المسلّحة للقيام بواجبهم المهني، بحيث يجب احترامهم وحمايتهم من كل شكل من اشكال الهجوم المتعمد، وانما لا يحميهم لجهة حرية التعبير وبعملهم او مضمون العمل الذي يقومون به، وانما يحمي كل فريق العمل من صحافيين وادواتهم وأماكن تواجدهم بما فيها مقر الصحافة طالما انهم لا يشاركون مباشرة في الاعمال العدائية”.

ما هو القانون الدولي الإنساني؟

القانون الدولي الإنساني هو اتفاقية جنيف البروتوكول الأول الإضافي والثاني.

البروتوكول الأول إضافة الى اتفاقية جنيف سنة 1977 القائمة على حماية الصحافيين، وقبل ذلك اتفاقيات جنيف كانت تحمي الصحافيين خاصة في اتفاقية جنيف الثالثة المتعلقة بالأسرى، ونحن هنا امام عملية استهداف الصحافيين واغتيالهم.

نصت “المادة 79” من البروتوكول الأول الإضافي الى اتفاقيات جنيف على حماية الصحافيين لا بل تخصصت في الجانب الذي يقوم على حماية الصحافيين.

ما هي الحماية التي أعطاها هذا القانون؟

وفقا للمادة 79 يعتبر الصحافيون الذين يباشرون مهمات مهنية خطرة في الدول التي يوجد فيها نزاعات مسلّحة على انهم اشخاص مدنيون.

يتوجب تأمين الحماية الكاملة بهذه الصفة بمقتضى احكام الاتفاقيات وهذا الحق “البروتوكول” شريطة الا يقوم بأي عمل يسيء الى وضعهم كأفراد مدنيين، ووفقا للمادة 79 في الفقرة الأولى ان يتمتع الصحافي بحماية المدنيين المنصوص عليها في المادة 55 من البروتوكول، مما يعني ان حماية الصحافيين مهمات مهنية خطيرة باعتباره كمدني.

كما ان تطورا كبيرا حصل في القانون الدولي وهو “القانون العرفي”، الذي صدر عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف. اعتبرت القاعدة 34 منه ان حماية الصحافيين اثناء النزاعات المسلّحة بمثابة قاعدة عرفية، وتستند ممارسات الدول الى هذا المبدأ على انه قاعدة من قواعد القانون الدولي العرفي الذي يُطبق في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية على حد سواء والمقصود هنا ان أي دولة حتى ولو لم تنضم للبروتوكول الأول على سبيل المثال إسرائيل فهذا لا يعفيها من تطبيق المبادئ الأساسية للبروتوكول الأول خصوصا القواعد العرفية التي صدرت عن اللجنة الدولية.

حمايات متعددة للصحافيين

هناك حمايات متعددة للصحافيين في جميع النزاعات المسلحة صدرت عن الأمم المتحدة وعن مجلس الامن وعن الجمعية العامة، المادة 75 وهي مشروع معاهدة لحماية الصحافيين في مناطق النزاعات، كما ان هناك قرارات صدرت عن مجلس الامن في العام 2006 وأخرى في العام 2016 وعام 2015 وهي لضرورة حماية الصحافيين في مناطق النزاعات المسلحة، كما ان القرارات التي صدرت في العام 2006 والتي اعتبرت ان استهداف الصحافيين يشكّل تهديدا للسلم والامن الدوليين، وتجدر الإشارة انه عندما يذكر مجلس الامن السلم والامن الدوليين يعني انه ذهب الى وضع هذا الانتهاك على أساس انه فصل سابع، كما اعتبر مجلس الامن انه على استعداد للتدخل من اجل كل الإجراءات التي تنتهك قدسية الحياة المدنية وخصوصا الصحافيين.

كيف يمكن توصيف عملية اغتيال أبو عاقلة في القانون الدولي؟

ان عملية اغتيال الصحافية شيرين أبو عاقلة يعتبر خرقا وانتهاكا للقانون الدولي وحقوق الانسان وخصوصا فيما يتعلق بالحياة، ولا نتحدث هنا عن الحق في التعبير والى ما هنالك وانما الحق في الحياة وعدم تهديدها او قنصها والحق بالحياة في حقوق الانسان من الحقوق الأساسية وهذا ورد في عدة مواد واهمها المادة 6 من العهد الدولي المتعلق بالحقوق السياسية والمدنية، والمادة 2 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان والمادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان، الحق في الحياة. اذن نحن امام عملية قتل واغتيال بشكل مباشر، وانتهاك للقانون الدولي لحقوق الانسان وهناك عدة قرارات صدرت عن نقابات وجمعيات صحفية في العالم “كصحافيون بلا حدود” تدافع عن حق الصحافي ليس فقط في مكان عمله وانما أيضا حمايته الجسدية وعدم التعرض اليه.

الاغتيال…

هذا الاغتيال قبل كل شيء إذا اخذنا الاتفاقيات الدولية باعتبار الصحافيين كالمدنيين واغتيال المدنيين هو انتهاك جسيم لاتفاقية جنيف والانتهاك الجسيم لاتفاقية جنيف عملا بالمادة 8 من الفقرة 5 من البروتوكول الأول يعتبر ان كل انتهاك جسيم هو جريمة حرب.

البروتوكول الأول المادة 85 فقرة 5 يعتبر ان كل انتهاك جسيم لاتفاقية جنيف هو جريمة حرب، وكذلك الامر المادة 8 من نظام روما أي المحكمة الجنائية ان الهجمات التي تقع على المدنيين جريمة حرب، وبما ان المادة 79 اعتبرت ان الصحافي هو شخص مدني عملا بالمادة 50 لذلك فان هذه الجريمة هي جريمة حرب.

كما يمكن اعتبارها جريمة ضد الإنسانية لأنه بالعودة للمادة 7 من نظام روما نجد ان عناصر هذه الجريمة تحصل بشكل متكرر وممنهج من قبل سلطات الصهاينة ضد المدنيين والصحافيين وبالتالي اعتبارها جريمة ضد الإنسانية.

كيف يمكن ملاحقة الكيان الإسرائيلي ومعاقبته على هذه الجريمة؟

يجب بداية تحديد انها ليست الجريمة الأولى، كما انها ليست الأخيرة. لان هذا الكيان الإسرائيلي هو كيان عنصري همجي ولا يمكن ردعه عبر المحاكم والمنظمات الدولية ولا ينفع معه سوى المقاومة والقوة ولكن؟ علينا ان نستعمل كل سلاح قانوني لإدانة العدو الإسرائيلي.

أولا: هناك انتهاك لحقوق الانسان، وهنا يمكن الذهاب قبل كل شيء الى مجلس الامن الذي قال ان اغتيال المدنيين والصحافيين خصوصا يعتبر تهديدا للأمن والسلم الدوليين، الامر الذي يفرض على مجلس الامن التحرك على أساس الفصل السابع وإدانة إسرائيل لا بل أكثر يتخذ إجراءات ضد الكيان الإسرائيلي لان هذه من مهامه للحفاظ على السلم والامن الدوليين كما يعتبره مجلس الامن.

ثانيا: لا بد من تحريك القضايا في الجمعية العامة وخصوصا ان هناك قرارات صدرت عنها وهي حماية الصحافيين ويجب اتخاذ قرارات الجمعية العامة لإدانة إسرائيل على هذا الاغتيال وفضحها من خلال عرض كل هذه الصور عن الجريمة امام الرأي العام العالمي الحسّاس فيما يتعلق بالصحافة وحق الحياة. كما انه لا بد من الذهاب الى مجلس حقوق الانسان وهو معني باتخاذ قرارات تدين الاغتيال الذي حصل للشهيدة شيرين أبو عاقلة، واجبار الأمم المتحدة من اتخاذ موقف يدين هذه الجريمة، هذا يتطلب عمل دبلوماسي كبير جدا لا بد من القيام به على مستوى العالم ليحشر هذا الكيان ويصغّره ويعرض للعالم عنصرية وعنجهية واجرام هذا العدو الاسرائيلي.

ثلاث إمكانيات قضائية

يوجد ثلاث إمكانيات من الناحية القضائية:

-الامكانية الأولى: الذهاب الى المحاكم الوطنية في أوروبا والعالم التي نظامها القضائي يلحظ الصلاحية العالمية. بمعنى محاسبة المسؤولين الإسرائيليين الذين ارتكبوا هذه الجريمة ولو انهم خارج أراضي هذه الدول، وهذا الامر متفاوت بين فرنسا، بلجيكا، المانيا، وكندا ويوجد عدد كبير من الدول يحتكم لديها في مثل هذا النوع من القضايا. أضف الى ان “شيرين” تحمل الجنسية الامريكية فيمكن الاحتكام للقضاء الأمريكي. كما ان الصلاحية العالمية وهذه تلحظها اتفاقية جنيف الأربعة البروتوكول الأول، وبالتالي هذه الدول تطبق الاتفاقيات التي انضمت اليها وعندها العالمية والتي هي مبدأ أساسي في هكذا جرائم وخصوصا جريمة الحرب وجريمة ضد الإنسانية.

-الامكانية الثانية: المحكمة الجنائية الدولية، فلسطين هي عضو فيها وبالتالي يحق لها ان تطلب من المدعي العام إحالة القضية امام الغرفة البدائية وهي بدورها تنقلها الى المحكمة. هذه القضية كونها قضية اغتيال وجريمة حرب تدخل بالمادة 8 لاختصاص المحكمة وتجدر الإشارة ان جريمة الحرب في المادة 8 حسب نظام المحكمة يعطيها الاختصاص والمادة 79 من البروتوكول الأول تعتبر الصحافيين كالمدنيين والمادة 50 تتحدث عن حماية المدنيين خاصة في الفقرة الأولى وبالتالي المحكمة مختصة لأنه يوجد جريمة حرب باستهداف مدنيين وممكن اعتبارها جريمة ضد الإنسانية حسب المادة 7.

الامكانية الثالثة: يمكن ان يصار الى تشكيل محكمة ضمير على مستوى العالم بالاتفاق مع كل نقابات الصحافة في العالم اجمع باستثناء الصحافة الإسرائيلية وبطبيعة الحال لسنا بحاجة لان تكون، على ان يقام في دولة أوروبية وهو ما يتطلب جهداً كبيراً.

الخبير في القانون الدولي دكتور حسن جوني اقترح التالي: تشكيل فريق عمل قانوني ذو اختصاص لان الموضوع معقد جدا وليس بهذه السهولة والمسار صعب وليس بالأمر السهل بالأخص امام المحاكم وليس لأننا أصحاب حق يعني ان القانون الدولي يقف في صفّنا وانه من الممكن إدانة إسرائيل.

كما انني استثنيت محكمة العدل الدولية لان الذهاب اليها بحسب المادة 34 فإن هذه المحكمة لا يمثل امامها الا الدول، لذلك تم استثناء إسرائيل لعدم الاعتراف بها كدولة ومن هنا تم التركيز على الإمكانيات الثلاث: محكمة الضمير، المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة الأشخاص، المحاكم الوطنية التي تلحظ قضايا الصلاحية العالمية وقائمة في كل دول العالم.

Exit mobile version