شيا كرّرت عدم مُمانعة بلادها لفرنجية رئيساً “مُسايرة” للسعوديّة!!
“التيّار” و”القوّات” أمام فرصة للتوافق على مُرشّحهما

Share to:

الديار: دوللي بشعلاني

لافت الكلام الأخير للسفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا للمسؤولين اللبنانيين عن أنّه “إذا تمّ انتخاب فرنجية ستتعامل بلادها معه كرئيس شرعي للجمهورية اللبنانية”، رغم أنّه ليس جديداً إذ سبق لها وأن ذكرته أمام بعض المسؤولين، غير أنّ تكراره اليوم يؤكّد على جديّته. ففي حين كان يعتبره البعض كلاماً في الهواء، كون الولايات المتحدة الأميركية لا يُمكن أن تدعم مرشّح “الثنائي الشيعي” بملء إرادتها أيّاً يكن، لجسّ النبض ربّما، بات مقتنعاً اليوم بأنّه يُمكنها أن تغضّ الطرف عن انتخابه في حال حصلت على رئيس حكومة مؤيّد لسياستها. وأن تُكرّر شيا مثل هذا الكلام، فهذا يعني أنّ بلادها أصبحت تخشى فعلاً من تداعيات الإتفاق الإيراني- السعودي، على ملفات المنطقة، سيما وأنّه بدأ يتفاعل ويتجه نحو التنفيذ، ما يجعل العلاقات الإيرانية- العربية، وتحديداً الخليجية، وآخرها بحث العلاقات الثنائية بين إيران والكويت، تُهدّد علاقتها مع الدول الخليجية التي تعتبرها حليفة لها في المنطقة.

وتقول أوساط ديبلوماسية عليمة بأنّ أميركا التي تُشارك في لقاءات باريس الخماسية، كانت تُفوّض أمر حلّ الأزمة الرئاسية في لبنان الى فرنسا، رغم مشاركتها فيها كونها حصلت من لبنان على ما تريده أي على “اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي”. غير أنّ “اتفاق بكين” الأخير دفعها لإعادة إعلان موقفها عن طريق سفيرتها في لبنان، بأنّها لن تكون ضدّ فرنجية في حال انتخابه، وذلك في محاولة لمسايرة السعودية المهتمّة بالدرجة الأولى بموقع رئاسة الحكومة والحكومة أكثر من موقع الرئيس، والتي فضّلت الإتجاه نحو إيران لتنفيذ رؤيتها المستقبلية 2030. علماً بأنّ الإتفاق السعودي- الإيراني برعاية صينية شكّل “نقزة” لدى الولايات المتحدة، وتحاول اليوم إظهار استيعابها له، رغم أنّ الحقيقة هي عكس ذلك تماماً.

فمن وجهة النظر الأميركية، على ما أضافت الاوساط، إذا كان الإتفاق السعودي- الإيراني سيأتي بفرنجية رئيساً للجمهورية، فإنّ معارضته من قبلها لن يفيدها بشيء، إذ أنّها تعلم أنّه لا يمكنها عبر حلفائها في لبنان إيصال أي مرشّح آخر الى قصر بعبدا. ولهذا فضّلت إعلان موقفها أنّها ستتعامل معه كرئيس شرعي للبلاد، على أن تصبّ جهودها مع السعوديين الى المقايضة بين هذا الموقع ومنصب رئيس الحكومة المقبل، وشكل الحكومة وبيانها الوزاري وما الى ذلك…

وشدّدت الأوساط نفسها على أنّه بعد كلام السفيرة شيا لرئيس مجلس النوّاب نبيه برّي عندما كانا يتمشيان معاً، إذ أجابته ردّاً على سؤال: لماذا سنُعارض انتخاب الوزير فرنجية؟ أعلن برّي عن أنّه لن تكون هناك ورقة بيضاء من قبل “الثنائي” في جلسات انتخاب الرئيس المقبلة، وصولاً الى تبنّي ترشيح فرنجية. ولهذا طالب برّي من بقية الأطراف طرح مرشّحيها الجديين للرئاسة، على أن يكون جاهزاً بعد ذلك للدعوة الى الجلسة الـ 12 لانتخاب الرئيس.

وبطبيعة الحال فإنّ السعودية، على ما أشارت الاوساط، وإن كانت لا تخوض في الأسماء، على ما يُنقل عنها، غير أنّها لن تقف اليوم ضدّ مرشّح “الثنائي الشيعي” لا سيما بعد التقارب الإيراني- السعودي، والذي سيشمل تباعاً دولاً عربية وخليجية أخرى. وهذا يعني أنّ “المصالحة الإيرانية- الخليجية” لا بدّ وأن تنعكس إيجاباً على الداخل اللبناني، لا سيما على موضوع الإستحقاق الرئاسي. غير أنّ موافقة الأميركيين والسعوديين، والى جانبهم الفرنسيين قد لا تكفي لانتخاب فرنجية رئيساً، كما عقّبت الاوساط، في حال بقي كلّ من “التيّار الوطني الحرّ” و”القوات اللبنانية” على موقفه من عدم انتخاب فرنجية، أو عدم تأمين النصاب القانوني لانتخابه من الدورة الثانية.

من هنا، نجد أنّ عين الدول الخمس التي اجتمعت في باريس وتُواصل اجتماعاتها بشكل دوري، على ما أكّدت الاوساط، على “يوم الرياضة الروحي” الذي سيجمع النوّاب المسيحيين بدعوة من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بيت عنيا في حريصا، كونه مركزاً مخصّصاً للرياضات الروحية، وذلك يوم “أربعاء أيّوب” في 5 نيسان المقبل. فنتائج هذه الخلوة مهمّة جدّاً بالنسبة للمراقبين في الداخل والخارج، وإن كان البعض يُقلّل من أهميتها، أو يتحدّث عن عدم حصول لقاءات ثنائية بين القيادات من الصفّ الأول فيها.

ولعلّ أكثر ما يهمّ المراقبون من هذه الخلوة، على ما تحدّثت الأوساط نفسها، هو خروج “التيّار الوطني الحرّ” و”القوّات اللبنانية” باتفاق على إسم واحد من بين أسماء المرشحين المطروحة على لائحة الراعي. فحتى الآن ليس من توافق على أي من الأسماء الـ 11 التي تتضمّنها، علماً بأنّها مفتوحة على أسماء أخرى، إنّما توافق الحزبين معاً على رفض إسمين منها أحدهما فرنجية. وتقول الاوساط بأنّ “الثنائي الشيعي” لن يُقدم مع النوّاب السنّة المحسوبين على “تيّار المستقبل” أو مع بعض النوّاب المستقلّين على انتخاب الرئيس من دون موافقة الكتلتين المسيحيتين الكبريتين عليه، أو على الأقلّ الحصول على تصويت إحداها، وعلى ضمان عدم تعطيل النصاب القانوني من الكتلة الثانية. علماً بأنّ هذه الكتلة التي ستبقى معارضة لانتخاب مرشّح “الثنائي” ستكون في موقع المعارضة خلال فترة حكم الرئيس المقبل، ما سيجعلها خارج التسوية، ويطرح أكثر من علامات استفهام حول كيفية تعاطيها مع رئيس الجمهورية الجديد، وكيفية تعامله معها في الوقت نفسه.

وتجد الاوساط بأنّ الفرصة سانحة اليوم أمام النوّاب المسيحيين عموماً، ونوّاب “التيّار” و”القوّات” خصوصاً للتوافق على إسم رئيس الجمهورية، لا سيما بعد أن أرسى الإتفاق الإيراني- السعودي هدوءاً واستقراراً في المنطقة، وألغى بعض الخطوط الحمر. ولهذا عليهما الإستفادة منها وطرح أي إسم يُمكن أن يتوافقا عليه، أكان من لائحة الراعي أو من خارجها، على أن لا يكون مستفزّاً لأي منهما، لكي يتمكّنا فيما بعد من إقناع “الثنائي الشيعي” ورئيس الحزب “التقدّمي الإشتراكي” وليد جنبلاط وبقية الأطراف به. فهل يتحقّق هذا الأمر في خلوة حريصا أم يبقى عدم التوافق على حاله؟ إنّ الغد لناظره قريب!

Exit mobile version