يبدو أن الوضع اللبناني أصبح من الهشاشة أن بيان سفارة بتحذير رعاياها يُسبب صدمة عامة، وأن كلام وزير عن «شخطة قلم»، يهز علاقات تاريخية مع دولة عربية، لطالما كانت توأم لبنان في السراء والضراء.
الواقع أن المشكلة ليست عند الأشقاء، بقدر ما هي تعود إلى حالة التلاشي والشلل التي تضرب مفاصل الدولة في لبنان، وتكاد تُطيح بما تبقّى من وطن الأرز، وعلاقاته الأخوية مع الدول العربية، وعزله عن محيط الأصدقاء الذين كانوا دائماً إلى جانب لبنان في الملمَّات والأزمات.
من حق سفارة المملكة العربية السعودية والدول الخليجية والأجنبية الأخرى أن تحرص على سلامة مواطنيها، وحماية أمنهم الشخصي، في بلد تتفلَّت فيه المفاجآت الأمنية على حين غرّة، ودون مقدمات. خاصة وأن البؤر الأمنية المتفجرة خارجة عن سيادة الدولة وسيطرتها، كما هو الحال في مخيم عين الحلوة، وبقية المخيمات الفلسطينية، أو حتى كما في المناطق التي تتواجد فيها بيئة حزب الله.
ورغم أن البيان السعودي صدر على خلفية أحداث عين الحلوة، كما أوضح السفير وليد بخاري أمس، فقد أطلق بعضهم العنان لمخيلاتهم في التعليق والتحليل، وكأن البلد على فوهة بركان يمكن أن ينفجر في أية لحظة، فيما اعتبر آخرون أن الإخوان السعوديين قرروا إدارة الضهر للبنان، والإنسحاب من هذا البلد المُتعب بمشاكله وخلافاته السياسية والطائفية.
وقبل أن يجف حبر البيان السعودي، جاءت «شخطة قلم» وزير الإقتصاد لتهزّ حبل العلاقات الأخوية مع دولة الكويت الشقيقة التي لم تُقصّر يوماً في مد يد العون والمساعدة، حيث تشهد مشاريع المدارس والمستشفيات المنفذة في مختلف المناطق اللبنانية، شمالاً وجنوباً، جبلاً وبقاعاً، فضلاً عن السدود المائية والأوتوسترادات، على مدى حرص القيادة الكويتية على تقديم كل أنواع الدعم والمساندة للبنان، حفاظاً على الروابط الأخوية التي تجمع الشعبين الشقيقين، والتي تجلَّت بأروع صورها في ذلك اليوم الأسود للغزو العراقي للكويت، وكان لبنان أول دولة في العالم تستنكر العملية العسكرية وتُدين الإعتداء على سيادة وإستقلال الكويت.
وفي الأيام الأولى التي أعقبت كارثة إنفجار المرفأ وإنهيار صوامع القمح التي بُنيت بتمويل كويتي عام١٩٦٩، أعلنت الكويت عن تعهدها لإعادة بناء الإهراءات من جديد.
ولكن يبدو أن وزير الإقتصاد في حكومة تصريف الأعمال قد فاته أن دولته في غيبوبة، والسلطة عاجزة وفاشلة وفاسدة، ولا ثقة بالحكومة ولا بالمنظومة السياسية الحالية. وبالتالي فإن «شخطة القلم» يجب أن تُغير هذا الواقع اللبناني المزري أولاً، وتنقية سمعة لبنان والحفاظ على كرامته، من تسولات مشبوهة تُسيء لهذا الشعب المنكوب قبل غيره!
لا تغفر لهم يا أبتاه على ما يفعلون!