أضعفت التطورات المتسارعة في سوريا منذ أكثر من أسبوع قبضة نظام، بشار الأسد، بعد أن تلقى جيشه ضربات متتالية أبرزها خروج مدينة حلب عن سيطرته واستيلاء الفصائل المسلحة على مدينة حماة.ويقول مراقبون إن ما يزيد تعقيد الوضع بالنسبة للأسد خلال هذه المرحلة هو عدم امتلاك الداعمين الرئيسيين لدمشق، موسكو وطهران، هوامش مناورة كبيرة.بريان كارتر، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في معهد “أميركان إنتربرايز” في واشنطن، قال لقناة “الحرة” إن سرعة سقوط حماة جاءت “بسبب الخطة التي اعتمدتها الفصائل، وهي التقدم نحو المدينة من الجهة الشرقية بعيدا عن تمركز الجيش النظامي السوري في الجزء الشمالي”.
كارتر أوضح أن “عدم وجود استراتيجية جادة” للولايات المتحدة طوال السنوات الماضية هو جزء من المشكلة السورية. مشيرا إلى أن واشنطن اعتقدت أن النزاع في هذا البلد “مجمد” وأن “بإمكانها القيام بمهامها من دون أن تخرج الأمور عن السيطرة”.ودعا الخبير الأميركي في شؤون الشرق الأوسط إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، إلى إعادة النظر في سياستها تجاه سوريا على ضوء الأحداث الأخيرة “سيما الخطة التي ستعتمدها لمواجهة خطر تنظيم داعش”.
وأضاف كارتر لقناة “الحرة” أنه رغم التقدم الذي أحرزته هذه الفصائل في الشمال السوري “لكن هناك صعوبة ستواجهها للتغلغل الى جنوب البلاد”.
وأوضح أن استعادة النظام السوري السيطرة على تلك المناطق مرهون بالدعم الروسي الذي اعتبره غير كاف بسبب إنشغال موسكو بالحرب ضد أوكرانيا.محمد الشرقاوي، أستاذ تسوية الصراعات الدولية وعضو سابق في لجنة خبراء الأمم المتحدة من فلوريدا قال لقناة “الحرة” إن الأمم المتحدة تدرك أن هناك تصدعا حقيقيا في ميزان القوى بعد سيطرة الفصائل المسلحة على حلب وحماة.وأضاف أن هناك أكثر من 16 مليون سوري يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية مع نهاية عام 2024، مشيرا إلى أن هجوم الفصائل ورد الفعل السوري العسكري بدعم جوي روسي سيؤدي إلى تأزم الوضع.وأوضح الشرقاوي أن الأرقام تشير إلى أن سوريا ستدخل إلى جانب اليمن وغزة في قائمة المناطق التي تشهد أسوء أزمة إنسانية في القرن الحادي والعشرين.
وأقر الجيش السوري بخسارته مدينة حماة الاستراتيجية، رابع كبرى مدن البلاد، بعد وقت قصير من إعلان فصائل معارضة دخولها الى أحيائها، لأول مرة منذ اندلاع النزاع في البلاد عام 2011.وأعلن الجيش في بيان أنه خلال الساعات الماضية ومع اشتداد المواجهات بين جنوده ومجموعات مسلحة وصفها بالإرهابية تمكنت تلك المجموعات من اختراق محاور عدة في المدينة ودخولها، كما أضاف البيان أن القوات التابعة للنظام خيرت الانسحاب وإعادة انتشار وحداتها خارج المدينة.
ويجمع محلّلون على أن شرعية سلطة الأسد تأثرت بشدة بسبب السرعة والسهولة التي سيطرت بهما هيئة تحرير الشام المصنفة على لوائح الإرهاب الأميركية مع فصائل معارضة أخرى على مدينة حلب في شمال البلاد.. ثم تقدمها إلى وسط البلاد حتى دخولها إلى مدينة حماة وسيطرتهم عليها في وقت سريع.وفي مسعى لإنقاذ الموقف عمد الأسد إلى إعلان زيادة في رواتب العسكريين تصل إلى خمسين بالمئة، لكن نتائج هذا التحفيز المادي لم تظهر حتى الآن في ساحات المعارك.في وقت لا يبدو فيه داعموه الخارجيون مثل روسيا وإيران في أفضل أحوالهم، بسبب تشتت انتباهتهم وانصرافهم إلى أزماتهم الأخرى. فالجيش الروسي يركّز على الحرب في أوكرانيا بينما إيران والجماعات التابعة لها وعلى رأسها حزب الله اللبناني، خرجت ضعيفة من المواجهة الأخيرة مع إسرائيل.
“الحرة”