يَحرص وزير الدفاع موريس سليم على إحاطة الخضّة التي شهدتها اليرزة قبل أيام بسبب تكليف ضابطٍ تسييرَ أعمال المفتّشيّة العامّة بجدار من الكتمان.
يقول سليم لـ “أساس”: “أنا حريص على إيجاد حلّ ضمن القوانين المرعيّة الإجراء. طوال حياتي العسكرية لم أخالف القوانين، وأعتبر الجيش أيقونتي وكياني الذي لا أستطيع أن أنسلخ عنه، ولست في تنافس مع أحد”.
ينفي سليم المعلومات عن تدهور علاقته مع قائد الجيش، “فمنذ تعييني وزيراً للدفاع التقيت العماد جوزف عون وأكّدت له على العلاقة التكاملية بين وزير الدفاع وقائد الجيش بعكس مراحل سابقة شهدت شبه انفصال بين الموقعين. أنا الضابط أعرف صلاحيّات وزير الدفاع جيّداً وألتزم بها ولم أتطفّل على قيادة الجيش، وطوال الفترة الماضية كان مسار العلاقة جيّداً ويشهد تنسيقاً مستمرّاً من خلال لقاءاتنا الدورية”.
لكنّ حِرص وزير الدفاع الزائد على حصر بقعة زيت الخلاف مع قائد الجيش تقابله معطيات مؤكّدة عن انقطاع التواصل بين “الجنرالين” مع رأي قانوني داخل وزارة الدفاع يؤكّد أنّ قائد الجيش تجاوز صلاحيّاته بفصل مدير الأفراد في الجيش إلى المفتّشية العامّة من دون التنسيق مع وزير الدفاع، لأنّ “المفتّشية” تُعتبر، كما المديرية العامّة للإدارة، مؤسّسة مستقلّة من مؤسّسات وزارة الدفاع التي ترتبط مباشرة بمكتب الوزير وليس قيادة الجيش.
يؤكّد وزير الدفاع على اتّفاقه المسبق قبل أشهر مع قائد الجيش على رفض تأجيل تسريح عضوَيْ المجلس العسكري اللواء أمين العرم واللواء ميلاد إسحاق بسبب مخالفة التمديد لقانون الدفاع الوطني.
مع ذلك فوجئ الوزير سليم برفع العماد عون اقتراح بتأجيل تسريح الضابطين قبل ساعات قليلة من إحالتهما إلى التقاعد.
رَفَضَ وزير الدفاع التوقيع على التمديد من دون أن يعرف خلفيّات خطوة قائد الجيش: “قد يكون لحسابات معيّنة أو لعدم الشعور بالإحراج تجاه الضابطين. من جهتي، منذ الصيف الماضي، طلبت من كلّ المراجع السياسية المعنيّة إجراء تعيينات لتلافي الشغور. ثمّ انتظرت إمكانية إقرار قانون التمديد في مجلس النواب، لكن لا التعيين حصل ولا التمديد للضبّاط بقانون في مجلس النواب كان سيسمح ببقائهما ضابطين أصيلين في مواقعهما”.
يقول سليم: “أنا قيّم على قانون الدفاع ولم أكن لأسجّل على نفسي خرق القانون حتى لو سُجّلت سوابق في الماضي لناحية التمديد لضبّاط”.
مراسيم 5 كانون
لم يكن وزير الدفاع موريس سليم في عداد الفريق الذي طعن بالمراسيم التي صدرت عن أولى جلسات الحكومة في ظلّ الشغور الرئاسي، مع العلم أنّه الوزير الوحيد من بين الوزراء المقاطعين للجلسة الذي ردّ “مرسوم العسكر” إلى رئاسة الحكومة مذيّلاً بأسماء 24 وزيراً خلافاً للصيغة التي وصلته من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ورفع مرسوم ترقيات الضبّاط بالنسخة نفسها.
فعليّاً، سَبَق وزير الدفاع الجميع في إعلان رفضه حضور جلسة 5 كانون الأول، فيما صنّفه البعض في خانة الوزراء الذين تلقّوا أمراً حزبيّاً بالمقاطعة.
يوضح سليم: “علاقتي برئيس الجمهورية ميشال عون تعود إلى مرحلة خدمتي إلى جانبه في اللواء الثامن. ولأنّه يعرف سيرتي العسكرية جيّداً طرح اسمي في الحكومة الحالية. لست ضابطاً حزبياً وعقلي العسكري لا يتقبّل القولبة الحزبية”.
يضيف سليم: “حين وصلني جدول الأعمال بـ 65 بنداً أصدرت فوراً بياناً أكّدت فيه عدم حضوري الجلسة من دون استشارة أحد. بالنسبة إليّ لم يكن ممكناً المشاركة في هذه الجلسة حتى لو حَضَر الجميع لأنّه لم تتمّ مشاورتنا مسبقاً، ولأنّ جدول الأعمال فضفاض لا يتناسب مع الطابع الاستثنائي في مرحلة الشغور الرئاسي. ولاحقاً رفضت توقيع المرسوم الذي وردت فيه عبارة رئيس مجلس الوزراء مرّتين بحيث يوقّع رئيس الحكومة عنه شخصيّاً وعن رئيس الجمهورية”.
تربط وزير الدفاع بالرئيس نجيب ميقاتي علاقة جيّدة سمحت له بشرح موقفه من انعقاد الحكومة والمراسيم الناتجة عنها بشكل مُسهب. يقول سليم: “كان يُتوقّع الالتزام بما أصدره مجلس النواب من توصيات في شأن حدود صلاحيّات حكومة تصريف الأعمال خلال جلسة تشرين الثاني الماضي التي تُلِيت فيها رسالة رئيس الجمهورية”.
لكن لماذا لم تصدر أيّ ردّة فعل من وزير الدفاع بعد إصرار رئاسة الحكومة على توقيع المرسوم وإصداره بالصيغة التي اعتمدها السراي؟ يجيب سليم: “لا أستطيع أن أفرض توقيع الـ 24 وزيراً. عمليّاً، كنت سعيداً بقبض العسكر مستحقّاتهم”.
من يَعرف وزير الدفاع جيّداً يَرصد ثباته في تحصيل حقوق العسكر منذ بدء النقاشات في شأن تحسين الوضع المادّي لموظّفي القطاع العام (مضاعفة الرواتب وبدل نقل وصل إلى مليون و800 ألف) في تشرين الأول 2021، فارضاً عدم التمييز بين العسكري والمدني.
لقد شكّل المرسوم الأخير، الذي وقّعه سليم والمتعلّق باحتساب الزيادة للعسكريين على أساس الراتب الأساسي مع متمّماته، جزءاً من مشروع تحسين أوضاع عناصر الأسلاك العسكرية، وشمل تحديداً حقوق الضبّاط والمؤهّلين، وذلك بعدما قبض العسكر رواتبهم مضاعفة مُضافةً إليها بدلات النقل بدءاً من تشرين الثاني الماضي.
في 20 أيار الماضي وقّع وزير الدفاع اتفاقية مع السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا ستسمح بمنح 100 دولار أميركي لكلّ عسكري يبدأ توزيعها في منتصف الشهر الحالي. لكن في هذا الوقت ستُجمّد المساعدة القطرية للعسكر، ثمّ تُستأنف بعد انتهاء مرحلة توزيع المساعدة المالية الأميركية.