قادة فلسطينيون آمنوا بأن الحل الوحيد لطرد الاحتلال هي المقاومة (الحلقة الثانية)

Share to:

الحلقة الثانية المرحوم الشهيد الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي

نضال العضايلة

الشهيد الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي من مواليد 23 أكتوبر 1947، طبيب، وسياسي فلسطيني، وأحد مؤسسي حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وقائد الحركة في قطاع غزة قبل استشهاده، وعضو في الهيئة الإدارية في المجمع الإسلامي والجمعية الطبية العربية بقطاع غزة والهلال الأحمر الفلسطيني، وكاتب مقالات سياسية تنشرها له صحف عربية أردنية وقطرية كما كان أديباً وشاعراً ومثقفاً وخطيباً شعبوياً.
جمع بين الشخصية العسكرية والسياسية والدينية، تمتع بالهيبة وحظى باحترام ومحبة أغلب شرائح الشعب الفلسطيني والعربي والإسلامي، كما اتصف من قبل من عايشوه بصاحب شخصية قوية وعنيدة وجرأته وتحديه لقادة الكيان ولجلاديه في سجون الاحتلال. تمكّن في المعتقل في عام 1990 من إتمام حفظ كتاب الله بينما كان في زنزانة واحدة مع الشيخ المجاهد أحمد ياسين، كما له قصائد شعرية تعبّر عن انغراس الوطن والشعب الفلسطيني في أعماق فؤاده.

عمل في الجامعة الإسلامية في غزة منذ افتتاحها عام 1978 محاضراً يدرس في العلوم وعلم الوراثة وعلم الطفيليات، اعتقل عام 1983 بسبب رفضه دفع الضرائب لسلطات الاحتلال، أسس مع مجموعة من نشطاء الحركة الإسلامية في قطاع غزة تنظيم حركة المقاومة الإسلامية حماس في القطاع عام 1987 وكان أول من اعتقل من قادة الحركة في 15 يناير 1988 حيث اعتقل لمدة 21 يوماً بعد إشعال حركته الانتفاضة الفلسطينية الأولى في التاسع من ديسمبر 1987.

ثم أبعده الاحتلال لاحقاً في السابع عشر من ديسمبر عام 1992 مع أكثر من 400 شخص من نشطاء وكوادر حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى جنوب لبنان في المنطقة المعروفة بمرج الزهور، حيث برز كناطق رسمي باسم المبعدين الذين رابطوا في مخيم العودة بمنطقة مرج الزهور لإرغام الصهاينة على إعادتهم، فور عودته من مرج الزهور اعتقلته قوات الاحتلال الصهيونية وأصدرت محكمة صهيونية عسكرية حكماً عليه بالسجن حيث ظل محتجزاً حتى أواسط عام 1997.

بلغ مجموع فترات الاعتقال التي قضاها في السجون الإسرائيلية سبع سنوات بالإضافة إلى السنة التي قضاها مبعداً في مرج الزهور بأقصى جنوب لبنان عام 1992 كما يعتبر أول قيادي في حماس يعتقل بتاريخ 15 يناير 1988 وأمضى مدة ثلاثة أسابيع في المعتقل ثم أفرج عنه ليعاد اعتقاله بتاريخ 5 مارس 1988.

بعد استشهاد الشيخ القائد أحمد ياسين من قبل إسرائيل بايعته الحركة خليفة لياسين في الداخل، وفي أول قيادة له أمر بتنفيذ عملية ميناء أشدود، فكانت هذه العملية هي الشرارة للعملية اغتياله واستشهاده، حيث قامت في مساء 17 أبريل 2004 مروحية إسرائيلية تابعة للجيش الإسرائيلي بإطلاق صاروخ على سيارته فاستشهد مرافقه ثم لحقه وهو على سرير المستشفى في غرفة الطواريء ومن وقتها امتنعت حركة حماس من إعلان خليفة للرنتيسي خوفاً من استشهاده.

مما تمناه الرنتيسي وسعى لتحقيقه هو تحرير جميع الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل وكان يردد دومًا «لن يهدأ لي بال حتى يتم تحرير جميع الأسرى» ومن أبرز ما كان يميز الرنتيسي من صفات صرامته في معاملته مع الاحتلال الإسرائيلي، متواضعًا في عمله كطبيب أطفال ولم يقفل بابه أمام أي مريض أبداً.

في عام 2004 صدر كتاب حمل عنوان مذكرات الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي قام بجمعه وتوليفه عامر شماخ المتخصص بالدراسات الإسلامية والذي صدر من توليفه أيضاً كتاب أحمد ياسين أيقظ أمة.
اشتدت الانتفاضة بمقاومة الاحتلال يوماً بعد يوم وتوالت الاعتقالات على الثوار والمجاهدين حتى كانت ليلة 17 ديسمبر 1992 التي تم إبعاد 416 ناشطاً فلسطينياً غالبيتهم من حركة المقاومة الإسلامية حماس والجهاد الإسلامي إلى مرج الزهور بجنوب لبنان، هذا النفي الذي كان سببه عملية خطف لجندي صهيوني من قبل المقاومة الفلسطينية من نفس العام.

قام المبعدون بالمرابطة في مخيمهم الذي أسموه مخيم العودة واحتساب عملية طردهم وتهجيرهم رباط في سبيل الله، وفيه برز الرنتيسي كناطق رسمي باسم المبعدين الذين رابطوا في مخيم العودة في منطقة مرج الزهور لإرغام سلطات الاحتلال على إعادتهم، وتعبيراً عن رفضهم لقرار الإبعاد الصهيوني، تحمّل الرنتيسي ورفاقه الشدائد والبرد القارص في سبيل العودة إلى أرض الوطن من جديد، وتعدى الأمر ذلك إلى قيام جميع المبعدين بلبس الأكفان والسير نحو حدود فلسطين تحت شعار مسيرة الأكفان للعودة إلى الديار ولو كلفهم ذلك الموت، وتقدم الرنتيسي هذه المسيرة آنذاك.

وفي النهاية نجح المبعدون في كسر قرار الإبعاد والعودة إلى الوطن وإغلاق باب الإبعاد إلى الأبد، بعد أن تضافرت الجهود الفلسطينية وتضامنت مع المبعدين حتى أجبر العدو الصهيوني على كسر قرار إبعادهم والعودة إلى أرض الفلسطين وإغلاق باب الأبعاد، وكان الرنتيسي آخر المُفرج عنهم.

استطاع الرنتيسي في هذا الإبعاد من تأسس مدرسة بن تيمية والتقى خلال الإبعاد مع ابن بلدته وقريته الشيخ شاكر يوسف أبو سليم الذي أبعد أيضاً إلى مرج الزهور وهما من قرية رنتيس التي يعتز بها عبد العزيز الرنتيسي جداً، من الوفود التي تضامنت مع المبعدين وفداً مصرياً تضمن حضوره فعاليات شعبية مختلفة منها مشاركة ممثلين للحزب الناصري وقد تحدث باسمهم حينها حمدين صباحي، واللافت احتفاء الرنتيسي والزهار بهذه المشاركة.

كانت أولى محاولات اغتياله في مرج الزهور في خيمة الإعلام في اليوم الأول من شهر رمضان، حضر شخص يتحدث العربية ادعى أنه مترجم لصحفي ياباني، دخل الخيمة وترك حقيبة بأكملها. قدر أن كان الجميع خارج الخيمة على مائدة الإفطار ، سمع الجميع صوت الانفجار وهبوا لإطفاء الحريق وبحثوا عن الصحفي ورفيقه فلم يجدوا لهما أثراً»

وفي 16 يونيو 2003 تعرض لمحاولة اغتيال ثانية استشهد فيها اثنان من مرافقيه، وأصيب نجله أحمد بجروح خطيرة، وفي شهر أيلول 2003 تعرض لمحاولة اغتيال ثالثة فشلت هي لأخرى، ثم تعرض لمحاولة اغتيال رابعة في اليوم الثالث لاستشهاد الشيخ أحمد ياسين، نجا منها أيضاً ولم تكشف عنها حماس إلا بعد تأكيدها من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية.

وتفاصيل العملية الثالثة التي نجى منها كانت في العاشر من يونيو عام 2003 كانت تحوم في سماء مدينة غزة حينها طائرتان مروحيتان حربيتان من طراز أباتشي الأمريكية الصنع، وعند ظهور سيارة الرنتيسي في شارع عز الدين القسام شمال مستشفى الشفاء بالمدينة أطلقت صاروخاً باتجاه الجيب الذي كان يستقله الرنتيسي مع اثنين من مرافقيه وهو السائق وبجانبه مرافق آخر وكان الرنتيسي يجلس في المقعد الخلفي، أطلقت الطائرات الحربية الصاروخ الأول باتجاه الجيب حيث أصاب مقدمته وعلى الفور تمكن الرنتيسي ومرافقه الذي يجلس بجانب السائق من الخروج من داخل السيارة واتبعته الطائرات بإطلاق صاروخ آخر أصاب وسط الجيب مما أدى إلى استشهاد السائق المرافق.

تمكن الرنتيسي من الانسحاب مع مرافقه إلى أحد الشوارع الفرعية حيث لاحقته الطائرات الصهيونية بصواريخها إلى الشارع الذي تمكن من الانسحاب إليه وأطلقت باتجاهه أربعة صواريخ أخرى مما أدى إلى إصابته بجروح في ساقه اليسرى وذراعه الأيسر وبعض الإصابات السطحية في صدره.

وفي آخر عملية اغتيال والتي نجحت سبق وقوعها طيران أربع طائرات تجسس – بدون طيار – كانت تجوب سماء غزة طوال أسبوعين بحثاً عنه، وهذا يعني أنه اتخذ احتياطات أمنية كافية لتلافي جريمة الاغتيال ولكن الصهاينة كانوا جندوا كامل طاقاتهم لرصده.

إقرأ: قادة فلسطينيون آمنوا بأن الحل الوحيد لطرد الاحتلال هي المقاومة (الحلقة الأولى)

Exit mobile version