عقد وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام مؤتمرا صحافيا في مكتبه بالوزارة، خصص لعرض واقع اهراءات القمح في مرفأ بيروت. وقال: “أردنا عقد هذا المؤتمر الصحافي اليوم لوضع بعض الامور في مسارها الصحيح وتحديدا بما يخص مرفأ بيروت، ومؤخرا استجدت بعض الظروف التي لها علاقة بالأمن الغذائي مع خطورة شح القمح نتيجة الظروف التي طرأت بين روسيا وأوكرانيا”.
أضاف: “سأبدأ بالتحدث عن موضوع إهراءات المرفأ ومشروع الهدم وإعادة الإعمار لتوضيح بعض الأمور التي حصل فيها التباس، وبالنسبة لإهراءات مرفأ بيروت فأنا منذ ثلاثة أسابيع وبعد جلسة لمجلس الوزراء ذكرت أن البحث جار في موضوع مشروع إعادة إعمار إهراءات مرفأ بيروت وربطتها بموضوع الأمن الغذائي وضرورة وجود مخزون احتياطي في لبنان. وللأسف عدة جهات عادت وتطرقت للموضوع، وقد حرفته بشكل أن وزير الاقتصاد شخصيا مستعجل على هدم مرفأ بيروت، وتم ربطها بالحادث الاليم الذي أثر علينا جميعا وخاصة وزارة الاقتصاد واهراءات مرفأ بيروت والذين سقط لهم 9 شهداء في الانفجار في 4 آب 2020. والشهداء التسعة الذين سقطوا كانوا من موظفي مرفأ بيروت، ولا تزال عوائلهم بيننا ونتواصل معهم الى جانب عدد من الجرحى، وأنا من الوزراء المتابعين لهذا الموضوع منذ اليوم الاول لتسلمي وزارة الاقتصاد، وقد حرصت كل الحرص على أن حقوق عائلات وذوي الشهداء لها الأولوية على كل ما عداها”.
وتابع: :ما أحب أن أوضحه اليوم أن موضوع ارتباط مشروع إهراءات مرفأ بيروت بمجرى التحقيق القضائي خط أحمر بالنسب إلي، وموضوع عائلات الشهداء وطلباتهم من النواحي المعنوية ودم الشهداء خط أحمر. وأنا كوزير معني بهذا الملف لا يمكن لا أولا ولا أخيرا أن أساوم أو أتخذ أي قرار يخرج عن المسار القضائي والقانوني الذي سيصدر بشكل رسمي عن القضاء المختص في موضوع امكانية التحرك بأي شيء له علاقة بالاهراءات”.
وقال: “أما الموضوع الآخر فهو التفاصيل الهندسية التي خرج عنها كثير من المهندسين والخبراء والاختصاصيين والذين بدأوا التفسير عن وضع الاهراءات ومدى خطورتها، والنقطة المهمة أن لدينا شقين في ملف الاهراءات: الشق الشمالي والشق الجنوبي للاهراءات وارضية متصدعة بشكل كامل. الشق الشمالي هو الشق المتصدع بشكل كامل وكل التقارير الهندسية التي وضعت وخاصة التقرير الفرنسي والمهندس الذي حكي عنه واشير اليه هو ايمانويل غورون أن هناك ميلين يومي للشق الشمالي، وأنا عندما اطلعت على الملف في الاسبوع الاول وجدت أن هناك ميلا واضحا ما يعني خطورةانهيار هذا القسم من الاهراءات، وذكر بعض المهندسين أن الجهة الجنوبية التي لا تزال متماسكة بنسبة أكبر لا تزال ثابتة واساساتها قوية. ولكن الموضوع نحن تطرقنا له من الاتجاهين أن هناك خطورة سقوط هذه الاهراءات والجهات الامنية والعسكرية والقضائية على علم بذلك، وهي آيلة للسقوط ولكن لا نعرف متى يحصل ذلك، بحيث يؤكد الخبراء ان الحساسات المركبة على الاهراءات لا يستطيعون المعرفة بسقوطها الا قبل 48 ساعة فقط، اذا وصلنا الى مرحلة الخطأ أم لا، والحقيقة أن الخطر موجود ومتى يحصل السقوط لا نعرف”.
أضاف: “الامر المهم هو الأمن الغذائي، والنموذج عندنا واضح في عدم وجود إهراءات في لبنان لتخزين القمح، نحن نستورد القمح بحسب حاجتنا والكميات الموجودة لدينا تكفينا لشهر واحد فقط، لأنها تخزن عند المطاحن ولا يوجد مخزون احتياطي وطني اليوم من دون اهراءات، وبالتالي مشروع اعادة الاعمار من ضمن الامن الغذائي هو مطلب ضروري لحماية الامن الغذائي الوطني، واليوم نحن اذا ما تطورت هذه الظروف وتوقف سوق القمح نستطيع أن نستهلك لمدة شهر وبعدها ينتهي المخزون الاحتياطي، وبالتالي من المهم جدا أخذ هذا المنحى بغاية من الأهمية”.
وتابع: “ايضا بعض الاشخاص القانونيين والمهندسين الذين قالوا إننا لن نبني الاهراءات على نفس الموقع، بل الى جانبه وبالتالي لماذا تريدون هدم الاهراءات الموجودة، وهنا أريد أن أوضح النقطة التالية حيث تم منذ اسبوعين اطلاق مشروع مع البنك الدولي لوضع مخطط لمرفأ بيروت، فانفجار 4 آب دمر المرفأ وضرب الاهراءات ومنطقة بيروت بأكملها وتم الحديث في المخطط الذي تتم دراسته مع البنك الدولي أن يكون في مرفأ بيروت نصب لتخليد الذكرى الاليمة ولشهداء المرفأ، وهناك مشروع موضوع ضمن مخطط مرفأ بيروت بشكل كامل. ونحن نوضح أن الاهراءات جزء من المرفأ، ويتم العمل على خطة كاملة، وهذه كلها تكون مرتبطة بالتحقيق ونتائجه. ولكن ما أريد توضيحه أن هناك مخططا عاما للمرفأ ومخططا أصغر للاهراءات، ولن يعمل شيء الا بمخطط متكامل وهناك دراسة لوضع نصب تذكاري كبير، تخليدا للحادثة الاليمة ولارواح الشهداء”.
وأردف: “في الموضوع الاخر أنه من دون قرار صريح وواضح من القضاء المختص، أنا لن أتحرك بأي شيء له علاقة بالهدم، لأنه من منطلق وطني وانساني ومن منطلق العدالة، وضميري لا يسمح لي أصلا باتخاذ القرار، ولست الوحيد الذي يتخذ القرار، اليوم عندنا لجنة مكونة لديها اجتماع الاثنين المقبل وعلى رأسها وزير العدل، لأن الموضوع القضائي هو الاساسي في هذه المسألة، وطلبنا أن تكون معنا وزارات الدفاع والاشغال والبيئة والاقتصاد للبحث في موضوع الاهراءات بشكل خاص لاتخاذ الاجراءات المطلوبة. واتفقنا جميعا أنه مهما اتخذت قرارات دائما سيلحظ القرار القضائي المطلوب ولن يتخذ أي قرار من دون التوصل الى نتائج وموافقة القضاء وتحديدا القضاء العدلي المسؤول عن أي عمل سيتم داخل مرفأ بيروت. واللجنة ستجتمع الاثنين وسنحصل على معطيات اكثر ونعرف ما هي الخطوات التالية التي سنقوم بها، وبالنسبة لموضوع البناء تقنيا الاهراءات لا يمكن بناؤها في مكانها الحالي، ويمكن على بعد 50 أو 100 متر”.
وقال سلام ردا على سؤال: “إن موضوع تأمين القمح لم يطرح اليوم فنحن بدأنا معالجته منذ المرحلة الاولى لتشكيل الحكومة، ومنذ تسلمنا وزارة الاقتصاد بدأنا البحث مع دول أخرى لاستيراد القمح، وكان علينا مسؤولية ايجاد حلول لأن المطاحن كانت عاجزة عن التخزين لكميات اكثر من قدرتها. لدينا حوالى 12 مطحنة، وللمطحنة قدرة استيعابية معينة تستطيع تخزين مخزون شهر فقط. ونحن نحتاج بين 40 و50 الف طن شهريا، لتغطية حاجة السوق المحلية، وخلال فترة الاستهلاك نطلب بواخر جديدة لتصل قبل نفاد الكميات الموجودة. وهذه الآلية تتم من قبل وزارة الاقتصاد لأنها تعطي اوامر السماح بدخول واستيراد القمح بالتنسيق مع مصرف لبنان، الذي يدعم القمح بنسبة مئة بالمئة”.
أضاف: “بعد إعطائنا الموافقة يعطي مصرف لبنان أوامر الدفع وتدخل الشحنات على المطاحن في لبنان، وما عملنا عليه منذ ثلاثة أشهر، كان التعاطي مع عدد من الدول بينها الولايات المتحدة الاميركية والهند وكندا وبعض الدول الاوروبية المنتجة للقمح الطري الذي يوافق انتاجنا من الخبز. وكان تجاوبا ايجابيا بمساعدتنا وكان اتصالي ليس بشكل طارىء، واذا كان من استعداد لتلك الدول في مساعدة لبنان بتقديم هبات لنستطيع تخفيض سعر ربطة الخبز. وكانت الاجابات ايجابية من معظم تلك الدول وكيفية مساعدتنا”.
وتابع: “في المرحلة الثانية بدأت الطلب من مجلس الوزراء وأقدم مشروع مرسوم، بحيث تتعاقد المديرية العامة للحبوب والشمندر السكري مع أي جهة لشراء كميات من القمح ما يخفف الحمل عن المطاحن. وقد لجأنا للنص القانوني الذي يسمح لمديرية الحبوب والشمندر السكري بأن تستورد القمح من خلال رصد مبلغ مخصص للموضوع من مصرف لبنان. وقد تقدمنا الاسبوع الماضي بمشروع مرسوم لصالح مديرية الحبوب والشمندر السكري لاستيراد كميات من القمح تغطي لشهرين أو شهرين. وتكمن أهمية الموضوع بأنه اذا حصلنا على الموافقة نخفف العبء عن المطاحن ونخفف على ميزانية الدولة ثقل ارتفاع الاسعار، حيث نرى ارتفاعا في الاسعار اليوم، ويمكن أن ترتفع الاسعار بنسبة 30 الى 40 بالمئة”.
وقال: “مصرف لبنان في ظل الاسعار الموجودة حاليا بالكاد يمكن أن يستمر بتأمين الدعم فكيف اذا ارتفعت الاسعار، وبالتالي علينا التوقي، وأن نستطيع اليوم اخذ التزامات من بعض الدول أو بعض الشركات بشراء القمح بأسعار مخفضة لحجزها وتأمين شهر أو شهرين من القمح. اضافة الى الخوف من تعثر الملاحة البحرية بسبب الحرب وقد رأينا اليوم توقف بعض شركات الطيران عن بعض مناطق روسيا واوروبا، وغدا قد تتوقف المرافىء البحرية. لذلك علينا اتخاذ قرارات سريعة نستفيد من وجود شحنات في البحر فنحصل عليها خلال اسبوع أو اسبوعين ونخزنها عندنا”.
أضاف: “كما أن استيراد القمح من قبل الدولة يساهم في استقرار سعر ربطة الخبز، فإذا حصل ارتفاع في الكلفة بشكل كبير نتيجة ارتفاع اسعار النفط عندها يمكن أن يعلن مصرف لبنان عجزه عن الدعم أو يحسم بتقديم كميات قليلة فقط. واذا استطعنا الاستيراد بأسعار مخفضة، وهناك ضرورة كبيرة لاستعجال حسم هذا الموضوع وقيام الدولة بشراء كميات من القمح، واذا استطعنا شراء كميات بأسعار اليوم هو أمر ضروري جدا. لبنان يستورد حوالى 50 الى 60 بالمئة من اوكرانيا، والبقية من بعض الدول التي تجاورها”.
وفي وقت سابق، لفت وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام في حديث لـ”رويترز” إلى أن احتياطيات لبنان من القمح تكفي لمدة شهر على الأكثر وسط مخاوف في السوق بسبب الأزمة الأوكرانية. وفي وقت سابق، أوضح مسؤول في الوزارة لـ”رويترز” أن احتياطيات لبنان من القمح تكفي لمدة شهر ونصف إلى شهرين وأن لبنان، الذي يستورد 60 بالمئة من احتياجاتها من القمح من أوكرانيا، يجري محادثات مع الهند لاستيراد المزيد.