اتخذت مسألة النزوح السوري إلى لبنان منحى جديداً بعد انهيار نظام بشار الأسد. وفرضت التطورات في الداخل السوري، قواعد جديدة في التعاطي مع هذا الملف من السلطتين اللبنانية والسورية على حدّ سواء.
بعد سقوط النظام واستيلاء المعارضة على الحكم، أصبح بإمكان السوريين في لبنان الدخول إلى بلدهم بسهولة. فقد أصبحت المعارضة سابقاً موالاة الآن. هذا ما حصل ولا يزال منذ اليوم الأول لسقوط نظام الأسد. وتمكن الكثير من السوريين النازحين من الدخول إلى سوريا لا سيما إلى مناطق حمص، حلب، حماه، درعا وغيرها. علماً أن المعابر الشرعية التي تربط مناطق عكار بسوريا لا تزال معطّلة بفعل القصف الاسرائيلي.لكن عبور النازحين إلى الداخل السوري يحصل عبر جوانب هذه المعابر. فهم يجتازونها مروراً بالنهر الكبير. ويعمد بعضهم إلى عبور طرقات زراعية بالدراجات النارية، أو يجتازون أراضيَ حدودية كما هي الحال في وادي خالد خصوصاً في المناطق والقرى الحدودية المتداخلة بشكل كبير حيث ليس هناك سوى فاصل ترابي فقط.
استطلعت “نداء الوطن” آراء العديد من النازحين السوريين الذين دخلوا سوريا في الأيام الماضية التي تلت سقوط الأسد، فأكدوا أن دخولهم الأخير كان بهدف “التعبير عن الفرحة بعد الانتصار ورؤية منازلهم ومناطقهم بعد سنوات من التهجير”.لكن هؤلاء النازحين لم يقرروا بعد العودة الكاملة سوى قلة منهم. وما يمنعهم من ذلك، بحسب ما يؤكدون هو “أنه أصبحت لديهم في لبنان أشغالهم وارتباطهم بتعليم ابنائهم في مدارس لبنان. كما أن قسما كبيراً منهم فقدوا منازلهم في خضمّ الحرب في سوريا. لذا، تبقى إمكانية عودة النازحين الدائمة وليس الموقتة غير واضحة،في ظل حدودٍ غير مضبوطة. وهكذا عادت أحوال السوريين في شمال لبنان إلى ما قبل العام 2011، أي قُبيل انقسام السوريين بين موالين ومعارضين. وكان السوري في تلك الفترة يدخل إلى لبنان ويخرج منه بسهولة من دون رقابة، سواء استقرّ في لبنان أم لم يستقرّ.
حتى الآن تبقى المعابر الرسمية الشمالية مقفلة إلى حين إعادة تشغيلها. وينتظر عناصر الأمن العام اللبناني، اتّخاذ الجهات المعنية في الجانبين خطوات لعودة العمل بنظام التأشيرات والدخول والخروج. ويتطلب الأمر حصول اتصال من الجهات اللبنانية مع الجهات المعنية في الحكم الجديد في سوريا. أما مسألة عودة أو إعادة النازحين إلى ديارهم في سوريا، فإنها تحتاج إلى خطة حكومية لمعالجة هذا الملف مع الجانب السوري.ويروي سوريون عائدون من بلادهم إلى لبنان بأن “الأمور أصبحت أفضل من كل النواحي. فالليرة السورية حققت بعض الإرتفاع أمام الدولار؛ ما انعكس انخفاضاً في أسعار السلع. وتقوم القوى الأمنية في الحكم الجديد بتسهيل دخول السوريين وتنقلهم، ولم تعد هناك ملاحقات أو مضايقات أمنية، وبالتالي، فإن الأسباب الأمنية والسياسية لوجود هؤلاء في لبنان تكون قد انتفت تماماً”.
في المقابل،لا يستغني لبنان وبالأخصّ عكار عن الوجود السوري العامل في القطاع الزراعي. ويشكّل السوريون منذ عقود اليد العاملة الأساسية في هذا القطاع. لكن بعيداً من الزراعة، أصبحت مسألة الوجود السوري ككل، تتطلب تنظيماً وضبطاً للفوضى، لقد بات على السلطة اللبنانية واجب القيام ببتّ هذه المسألة مع الجانب السوري. ومن غير المفهوم التأخّر على هذا الصعيد .