أعادت جريمة قتل زينب زعيتر الجدل بشأن مكانة المرأة في هذه المجتمعات، وقد أحدث مقتلها صدمة واستفز اللبنانيين وفجّر ردود أفعال استنكرت الحادثة وشجبتها.
بالموازاة، القضية لُفْلِفت ما بين عائلة المغدورة والقاتل لتسقط كلمات الأخ والزوج كالسهام على مسامع الجمعيات النسوية التي احتجّت على هذه الجريمة كما غيرها من الجرائم وانتهى الموضوع كإن شيئا لم يكن بتبرير من أقارب الضحية: «حسن وحسونة اخوة وشرف واحد، حسن غسل عاره وعار حسونة والموضوع انتهى». وجاء الكلام عبر مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي هذا السياق اكدت مصادر امنية لـ «الديار» ان شقيق القاتل هو من ظهر متحدثا بالفيديو مع أقارب الضحية وليس الزوج».
بالمقابل، رصدت منظمة «كفى» حوالى 18 جريمة قتل نتيجة العنف الاسري. الملفت، النقاط المشتركة لجميع الجُنَاة والتي نفذت بسابق الإصرار والترصّد وارتكبت في العلن وفق المعطيات بدوافع مختلفة، اما تحت «شعار جرائم الشرف» او بدافع «الحب» ومن الحب عدل لا قتل!
وعمليا، تَبيّن ان جميع منفذي جرائم القتل هذه ذكور لم يتقبلوا من الضحايا التعالي عليهم وذلك برفض هؤلاء السيدات لهم وعدم الامتثال لأوامرهم والاستمرار في حياة زوجية سوداوية فكانت النتيجة قتلهن.
ما بين العار والذبح
بثماني طلقات نارية أنهى حسن حياة زوجته زينب في تمام الساعة الثانية من فجر السبت الماضي حيث كانت الضحية في منزلها، عندما أقدم المجرم على تفريغ رصاصات مسدسه في أجزاء مختلفة من جسم الضحية فأرداها قتيلة ومشوهة المعالم جراء اصابتها في منطقة الوجه والعين ولتوارى الثرى في جبانة «حي السلم» ومعها الحقيقة. وليفرّ بعدها الى جهة مجهولة مصطحبا معه اطفاله الثلاثة.
فبركة
في المقطع المصور ظهر شقيق القاتل متباهيا بغسل شرف العائلة بقتل أخيه لزوجته وبمباركة من اخيها الذي من المفروض ان يكون السند لها لا عليها، ففضح الفيديو ان القتل كان متعمدا والمصالحة التي ادعوها على الملأ انتهت بتنازل الصهر عن المقهى الذي يمتلكه لصالح اخ الضحية المدعو «حسونة» ولتظهر معالم مقايضة على دم المغدورة ولإغلاق القضية. بعد ان صرح الأخير بأنه سيعيد فتح المقهى لجني المال ليربي أطفال شقيقته التي رحلت بروايات واقاويل متفاوتة.
والمثير ان اخ الضحية أعلن ان ما قام به «حسن» كان هو سيقدم عليه بعدما تلقى اتصالا منه، الا ان الأخير سبقه ليعاود الأخ فتح المقهى قبل ان تجف دماء شقيقته وما يجدر ذكره ان اهل الضحية لم يتقدموا بشكوى ضد حسن حتى الساعة وهذا ما اكدته المصادر الأمنية لـ «الديار» مستغربة كيف لم يتم تسجيل اتهام في هكذا جريمة مهما اختلفت الدوافع والأسباب.
الأجهزة الأمنية بالمرصاد
في هذا السياق أكد مصدر أمني لـ «الديار»، «ان قوى الامن ستلاحق الفاعل وتعمل على توقيفه، الا ان ذلك لم يحدث حتى اللحظة كون القاتل توارى عن الأنظار مع اطفاله الثلاثة».
وجزم المصدر، «ان جريمة قتل كمثل هذه تعد غير أخلاقية ولن تمر مرور الكرام وسيُحاسب المجرم على فعلته بإنزال اشد العقوبات لكيلا تتكرر، وتابع، «ما حدث قاس وصعب خاصة انه وقع امام أطفال والام تشوهت معالمها».
وأوضح، «القاتل لم يظهر في الفيديو المتداول على وسائل التواصل الاجتماعي بل كان شقيقه الى جانب اخ الضحية واقاربهما».
وشدد المصدر، «العمل على متابعة هذه القضية حتى النهاية، لافتاً ان لا أحد فوق رأسه خيمة وهذه الجريمة لا تزال قيد البحث والتحري لتوقيف القاتل ومعاقبته».
وأردف «الأجهزة لن تتوقف ولا لأي سبب عن القيام بمهامها وواجباتها لحماية جميع الافراد من براثن الطغيان والتفلت، ولبناء مجتمع سليم قائم على المساواة ما بين الرجل والمرأة، واحترام القوانين المرعية التي تحفظ حقوق كل المواطنين».
وأضاف «كان بإمكان الفاعل اللجوء الى القضاء لا ان يقتل الضحية متعمدا بإصرار وتصميم.
العقاب والعدالة
من خلال اتصال مع المحامية دانيال حويك في منظمة ابعاد اكدت لـ «الديار»، «ان قانون العقوبات اللبناني ينزل عقوبة مشددة بحق المجرم إذا كان الزوج هو القاتل، وان تبرير الجريمة «بالمرض النفسي» وغسل العار ما هي الا اعذار وحجج واهية. سيما بعد الغاء المادة 562 عام 2011 المتعلقة بما يسمى «جرائم الشرف». وأكدت على وجوب الملاحقة بجدية لمنع الإفلات من العقاب واحقاق العدالة».
القانون
وفي السياق، قالت مديرة ومطورة المشاريع بمجموعة نون التضامن النسوية فرح ابي مرشد لـ «الديار»، «لا يمكننا الاتكال على الدولة في هذه المرحلة لمحاسبة القاتل، في ظل غياب سلطتها الرادعة في كافة المناطق ولاعتبارات اقوى من الدولة. وأضافت، «كنساء لا نثق بالعدالة في ظل الاحكام التخفيفية كما حصل في قضايا كثيرة مثل: منال العاصي ولطيفة قصير. والغاية ليست فقط في سجن القاتل، بل العقاب المشدّد ليكون مثالا لغيره من المجرمين وخاصة قتلة النساء».
اعذار هشّة
علّقت فرح على الاعذار التي عادة يتذرع بها القاتل لينجو بفعلته كـ «غسل العار» او نعته «بمضطرب نفسي» بالقول، «هذا يدل على الجهل الكبير خاصة فيما يتعلق بالصحة النفسية وعادة تستخدم كحجة لإسقاط فعل الجرم عن القاتل».
وعن غسل العار قالت، «هذه ثقافة تجيز القتل باعتباره انه رجل وسلطته تطال زوجته بما في ذلك جسدها وقد تمتد هذه السطوة لتشمل نساء العائلة ومن هنا يفرض سيطرته وتحكّمه». وشددت فرح، «كل سؤال يلي الجريمة بتساؤل «لماذا» يُعد ذريعة او تبرير الفعل سواء كان عن حسن او سوء نية لأنه يُشرعن الجريمة ويجب الشروع بالتشديد على رفض القتل ومن ثم نذهب الى نقاشات أخرى. وأشارت الى وجوب الاحتجاج على مقولة ان «العنف» كناية عن ازمة تواصل تنتهي بزعم ان الزوج غضب فقتل».
جرائم قتل بدون رصاص او دم
ختمت فرح، «عندما اتذكر زينب، أفكر بالهموم التي حملتها والاثمان التي دفعتها وعمّا إذا تزوجت برضاها وقبولها، وعن السنوات التي عاشتها مع رجل شَرِس حُكي انه مصاب باضطرابات عصبية وبغض النظر من قذف بهذا التحليل ولكن لا يمكن التنصّل من فكرة ان الحياة مع شخص غير متوازن اثمانه باهظة تبدأ بالضرب والاهانات وتنتهي بالقتل».
«والنساء لا يَمُتن بالرصاص بل لدى سلبهن ارادتهن واحلامهن والحياة التي يُريدن ان يعشْنها وفي بيئة صحية لا سامة».