دياب: 3 برامج لإعانة الأسر الأكثر فقراً تنطلق مطلع أيلول المقبل

Share to:

المصدر: لوريس قسطنطين – فوربس الشرق الأوسط

يقضي اللبنانيون أيامهم وهم يترقبون “الارتطام الكبير” أو “الانفجار الكبير”، فهم يعانون منذ 17 تشرين الأول 2019، أيا كانت أحوالهم الماديّة، من عمليّة إفقار ممنهجة وسطو على أموالهم التي جمّدتها البنوك بطريقة استنسابية، فيما الواقع على الأرض يظهر التالي:

واليوم، قتل شخص وسقط ثلاثة جرحى في إحدى بلدات الشمال على خلفية إشكال على افضلية تعبئة البنزين، تطوّر إلى تضارب بالأيدي والسكاكين وإطلاق نار من سلاح حربي.

الدعم والبطاقة التمويلية .. شدّ حبال
وفيما كانت حكومة دياب تنتظر إقرار مجلس النواب للبطاقة التمويليّة لرفع الدعم عن المحروقات والمواد الأساسيّة، أشيع اليوم عن توجّه لرفع الدعم الحكومي بالكامل على المحروقات، وهي معلومات نفاها المكتب الاعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء زينة عكر.

وتأتي أزمات انقطاع المواد الأساسية من الأسواق في ظل ترشيد مصرف لبنان المركزي تمويل الدعم، وهو أصدر قبل أيام بيانا أفاد فيه أنّه خلال شهر تموز 2021، قام بيع دولار للمستوردين بالسعر المدعوم بما قيمته 708 ملايين دولار لاستيراد البنزين والمازوت، إضافة إلى 120 مليون دولار لاستيراد الفيول إلى كهرباء لبنان. أي ما مجموعه 828 مليون دولار للمحروقات، معتبرا أن الحلّ لا يكون بمحاولة تحميل مسؤولية هذه الأزمات الحياتية إلى مصرف لبنان، الذي قام ويقوم بواجباته، ولم يتأخرعن تأمين التمويل. بل الحلّ هو أن يتحمل المعنيون مسؤولياتهم، لتأمين إيصال الدعم إلى المواطنين مباشرة، عوض أن يذهب إلى السوق السوداء

والواقع أنّ مصرف لبنان بدأ منذ أشهر بتقنين تمويل الدعم مع انخفاض احتياطياته من الدولار إلى نحو 14.2 مليار دولار، أي أكثر بنحو 200 مليون دولار عن نسبة 14% للاحتياطي الالزامي على الودائع.

وكان المركزي خفّض نسبة الاحتياطي الالزامي من 15% إلى 14% قبل أشهر.

واعتمد مصرف لبنان دعم الاستيراد منذ بدأ سعر صرف الليرة اللبنانية بالتراجع في أكتوبر 2019، وهو ضخّ قبل ذلك عشرات مليارات الدولارات لدعم سعر صرف الليرة عند متوسط 1507 ليرات للدولار منذ عام 1992، تطبيقا لسياسات الحكومات المتعاقبة بالمحافظة على استقرار سعر الصرف.

سعر الصرف ومنصات مشكوك بها
يرى الاقتصاديون أن تراجع سعر صرف الليرة مبرّر في ظل حالة الجمود السياسي، وعدم وضوح الرؤية حول قرب تشكيل حكومة جديدة في المستقبل القريب، تضع خططا للخروج من الأزمة وتعيد إحياء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وتنظم الانتخابات البرلمانية المرتقبة العام المقبل. هذا إضافة إلى الارتفاع الكبير لحجم الكتلة النقدية بالليرة والذي تجاوز مستوى 40 تريليون ليرة، جراء طبع نقد جديد لتغطية عجز الموازنة، لكن هناك في المقابل منصّات إلكترونية مجهولة الهويّة تتلاعب بالأسعار، ولا أحد يعرف على أي أساس تعمل وكيف ترفع أو تخفّض سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء.

وتثير هذه المنصات لغطا كبيرا في لبنان، خصوصا وأنّها معتمدة من قبل الصرّافين، وهي غير مرتبطة بالقطاع المالي أو المصرفي، وموجودة خارج لبنان.

وقد حاولت حكومة تصريف الأعمال وقفها عن العمل، وطلب القضاء اللبناني رسميا من الجهات المعنية الأميركية حظرها، بسبب تأثيرها السلبي على العملة الوطنية، من دون نتيجة حتّى الساعة.

الأيام الأخيرة لحكومة حسان دياب؟
في ظل هذه الأجواء، يبدو رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب مستعجلا الرحيل، وهو أبدى في دردشة مع “فوربس الشرق الأوسط” تفاؤلا حذرا بإمكانية تشكيل حكومة في القريب العاجل”.

وكان دياب قبل ثلاثة أسابيع من انفجار مرفأ بيروت العام الماضي، أقرّ بصعوبة تشكيل حكومة، وذكر في تصريح له: “لن أستقيل لأنه في حال استقالت الحكومة فإن البديل غير موجود وسنستمر بتصريف الأعمال لسنة أو ربما لسنتين وهذه برأيي جريمة بحق البلد وبحق اللبنانيين”.

ومنذ استقالة حكومته قبل سنة، تمّ عقد نحو 500 اجتماع لتسيير أمور المواطنين، كما تمّ اصدار أكثر من 450 موافقة استثنائية و1500 مرسوم، و”بالتالي، فانّ من يتهم الحكومة المستقيلة بأنّها معطّلة ولا تقوم بشيء، فهو يظلمها” كما أشار دياب لفوربس الشرق الأوسط.

نقص المحروقات وتقنين الكهرباء
في الملف المعيشي، وإضافة إلى الارتفاع الكبير في الأسعار، يشهد لبنان اختفاء معظم المواد الغذائية الأساسيّة المدعومة من الأسواق، إضافة إلى الأدوية والمحروقات، حيث أقفلت الصيدليات لأيام بحجة نفاذ المخزون، وتعاني المستشفيات من نقص في المستلزمات الطبية. وقد شاهد العالم بأسره طوابير السيارات تقف لساعات أمام المحطات لتأمين المحروقات.

ويثير هذا الموضوع قضايا التهريب خصوصا إلى سوريا، حيث فارق الأسعار بين البلدين يصل إلى 90% بالنسبة للمواد المستوردة المدعومة، الأمر الذي زاد من نشاط عصابات التهريب بين البلدين. فيما يلقي الكثيرون باللوم على جشع التجار الذين يقومون بالتخزين بانتظار رفع الدعم وتحقيق الأرباح على حساب خزينة الدولة المفلسة والمواطن.

أيضًا، شهد لبنان تهافتا من المواطنين على التخزين في منازلهم، خوفا من انقطاع هذه المستلزمات أو ارتفاع أسعارها، بعدما أطاح ارتفاع سعر الصرف بمداخيل 75% من العائلات اللبنانية التي تراجعت قدرتها الشرائية.

وفي حديثه مع فوربس الشرق الأوسط، تحدّث دياب عن هذه الملفات المعيشيّة، فلفت إلى معالجات يجري العمل عليها، حيث تم توقيع اتفاقية مع الحكومة العراقية التي قررت مضاعفة دعمها النفطي للبنان إلى مليون طن سنويا، ارتفاعا من 500 ألف طن أقرت سابقا.

وكان لبنان ينفق سنوياً، وعلى مدى نحو عقدين، أكثر من ملياري دولار لدعم ميزانية مؤسسة الكهرباء، لكن تراجع أسعار النفط العالميّة بسبب أزمة كوفيد-19 ساعد في تقليص الفاتورة العام الماضي، وتراجعت المصاريف بشكل كبير، بحيث اكتفت المؤسسة بمليار دولار في ميزانية 2020 بقيت تصرف منها حتى نهاية شهر أيار 2021.

وفي هذا السياق يشير الرئيس دياب إلى أنّ فاتورة سنة 2021 اقتصرت على سلفة الخزينة التي أقرّت بقيمة 200 مليون دولار فقط، أي بنسبة 10% فقط من موازنات السنوات الماضية. ومع الدعم العراقي لن تنقطع الكهرباء بشكل كامل وستكون هناك تغذية لعدة ساعات في اليوم.

وكان سعر البترول تراجع العام الماضي إلى 30 دولارا للبرميل كمعدّل سنوي، لكنّه ارتفع هذا العام ليصل حاليا الى مستويات 75 دولارا تقريبا.

تمويل الأسر الفقيرة
ومع بدء الاستغناء عن الدعم في ظل نضوب أموال الاحتياطي لدى مصرف لبنان، كان دياب أصرّ على عدم رفع الدعم الحكومي على المواد الأساسية من دون دعم الفقراء، وفي هذا السياق يتم العمل بالتوازي على ثلاثة مشاريع أقرّها البرلمان، وفصّلها رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان على الشكل التالي:

قرض البنك الدولي لشبكة الأمان الاجتماعي للبنان والبالغة قيمته 246 مليون دولار. ويشرح دياب في هذا السياق أنّ هذا القرض ما زال ساريا، وسيتم بموجبه مساعدة 170 ألف أسرة من الأكثر فقرا.
برنامج NPTP المموّل من الاتحاد الأوروبي بقيمة 60 مليون دولار ويشمل 70 ألف عائلة.
البطاقة التمويلية المقدمة من الحكومة اللبنانية، والتي أقرها مجلس النواب مؤخراً، وهي تشمل بعد التعديلات التي أقرها البرلمان خفض المستفيدين من 750 ألفا إلى 500 ألف عائلة، وخفض المبلغ من 137 دولارا إلى 93 دولارا كمعدّل شهري للعائلة، بحيث تتماشى البطاقة مع قرضي البنك الدولي والاتحاد الأوروبي.
وبحسب دياب، كان مشروع الحكومة يفترض استفادة الأسر الأكثر فقرا من أكثر من برنامج، لكنّ مجلس النواب حصر الاستفادة ببرنامج واحد، وألغى السماح لمن لديهم ودائع في البنوك ويمكنهم الاستفادة منها بموجب تعميم مصرف لبنان الأخير رقم 158 والذي يسمح بالسحب من الودائع بالدولار مبلغ 400 دولار شهريا بالعملة الأميركية ومبلغا مماثلا بالعملة الوطنية على سعر منصة مصرف لبنان البالغة حاليا 12 ألف ليرة.

ويتوقع دياب بدء تنفيذ هذه البرامج قبل نهاية شهر أيلول المقبل.

أما عن كيفية تمويل البطاقة الحكومية، فيشير دياب إلى أنّ قيمتها الاجمالية البالغة 500 مليون دولار كحد أقصى ستمول من حصّة لبنان من مساعدات صندوق النقد للدول الفقيرة لمواجهة تداعيات جائحة كوفيد-19 والبالغة 860 مليون دولار والتي سيتلقاها مصرف لبنان المركزي.

ترشيد الدعم
يؤكّد دياب أنّ ترشيد الدعم خفّف الاعتمادات التي كانت مرصودة من 5 مليارات الى 2.5 مليار دولار في السنة، ويقول أنّه ليس متمسكا بالدعم لكنه متمسك بتخفيف آلام الأسر الفقيرة والتي ارتفعت نسبتها إلى 75% من اللبنانيين.

ويشير دياب إلى أنّ تقارير القوى الأمنية، تظهر أن الإجراءات التي اتخذت خفّضت التهريب بنسبة 90%، لكن مشكلة فقدان البضائع من الأسواق سببها التخزين، وخصوصاً تخزين بعض التجار، إضافة إلى أنّ عددا كبيرا من المنازل في لبنان أصبح كل منها صيدلية وسوبر ماركت ومحطة محروقات.

التدقيق الجنائي
يلفت دياب إلى أنّ التدقيق الجنائي لم يتم تجميده كم يشاع، ذلك أنّ وزير المال ما زال يتفاوض مع شركة ألفاريز آند مارسال ببعض بنود الاتفاق.

الحلول
يتطلّب لجم سعر الصرف برأي دياب تشكيل حكومة جديدة في أسرع وقت ممكن تتبنى خطة لوقف الانهيار وتعيد إحياء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، في أسرع وقت ممكن.

يؤكد دياب أيضا أنّ خطة لازارد التي اعتمدتها حكومته لحل الأزمة الاقتصادية والمالية ليست منزلة ويمكن تعديلها، ويشير إلى أنّ أي حكومة أفضل من الفراغ، والمهم الإرادة والتضامن والعمل لإخراج لبنان من أزمته.

هل سيتم تشكيل حكومة في المدى المنظور؟ الجواب ما زال غامضا، والخلافات بين القوى السياسيّة ما زالت تتفاقم، في وقت يحكى فيه عن ضغوط دولية لتشكيل حكومة مهمتها الأولى إنجاز الانتخابات النيابية، وهو ما يتجسّد بتهديد أوروبي بعقوبات على السياسيين اللبنانيين الذين يعرقلون عمليّة التشكيل، والذي يفترض أن يعلن عنها تباعا.

ماذا لو اعتذر ميقاتي؟
احتمالات عدم تمكّن الرئيس نجيب ميقاتي من تشكيل حكومة تبقى قائمة، فماذا لو اعتذر؟ يجيب دياب: أنّه ما زال متفائلا بتشكيل حكومة قريبا، لأنّ البلد يحتاج إلى مجلس وزراء بصلاحيات كاملة للعمل على وضع خطة إنقاذية والسير في الاصلاحات وإعادة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والجهات المانحة، وهي أمور لا تستطيع حكومة تصريف أعمال بصلاحيات محدودة القيام بها.

ويشدّد رئيس حكومة تصريف الأعمال على التزامه بالنصوص، خصوصا وأنّه خلال السنوات الأربعين الأخيرة حصلت سابقة واحدة من هذا النوع عام 2013، عندما عقدت حكومة نجيب ميقاتي المستقيلة اجتماعا واحدا لمجلس الوزراء بهدف وحيد هو إقرار مشروع قانون الانتخابات النيابية، أما قبل عام 1979 فعقدت اجتماعات لحكومات مستقيلة ثلاث مرات فقط لإقرار مشاريع استثنائية.

Exit mobile version