أكثر ما كان يخشاه المواطنون يتحقق: رفع الدعم كلياً عن المحروقات. فالشركات المستوردة تبلغت يوم أمس من مصرف لبنان ضرورة تأمينها ثمن مادة البنزين 100 في المئة بالفريش دولار، بعدما كانت تسدد 15 في المئة بالدولار، والباقي يدفع بالليرة على سعر منصة صيرفة. المنعطف الجديد أربك المعنيين في القطاع، فـ”الموزعون سيعجزون عن تأمين الدولار لشراء المادة من الشركات ما لم تدفع المحطات بالدولار”، بحسب ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا. و”المحطات ستكون ملزمة بالبيع بالدولار، وإلا فان المادة لن تتوفر في الأسواق”.
خطوة رفع الدعم عن المحروقات كلياً كانت متوقعة، غير أنّ الاتصالات التي تسارعت خلال الساعات الأخيرة عادت إلى “فرملة” هذه الخطوة مساءً فتقرر تأجيل “دولرة” سعر صفيحة البنزين بالكامل في الوقت الراهن، لكنها “آتية لا محالة ولو بعد حين”، بحسب مصادر معنية بالقطاع، داعيةً إلى تحضير الأرضية اللازمة لها قبل حصولها “فمن غير المنطقي تحرير أسعار البنزين والمازوت وبقية المشتقات النفطية قبل تحرير سعر الصرف، إذ إنه في ظل التقلبات الحادة التي يشهدها يومياً سعر الصرف، صعوداً أو هبوطاً بقيمة تصل إلى 5000 ليرة، من المستحيل أن تقبل الشركات والموزعون والمحطات البيع بغير الدولار. الأمر الذي يبقي الأزمة مفتوحة على كل الاحتمالات، ليس أقلها خطورة عودة الطوابير والاصطفاف لساعات أمام المحطات”. أما النقطة الثانية التي تشدد عليها المصادر فهي “لا تقل أهمية عن تحرير سعر الصرف لتأمين الإستقرار في سوق المحروقات وتتمثل في رفع يد وزارة الطاقة الثقيلة عن السوق، فمع التحرير الشامل تنتفي الحاجة إلى تدخل الوزارة، وفرضها يومياً “فرمان” تحديد الأسعار، الذي يستثني الكثير من الأكلاف التي يتحملها العاملون في القطاع، ومنها عمولة 2 في المئة على إيداع المبالغ النقدية في المصارف”.
وبناءً عليه، فإنّ “تحرير سعر الصرف، والانتهاء من بدعة جدول تركيب الأسعار، والانطلاق بالاصلاحات المطلوبة للسيطرة على الإنهيار، تبقى خطوات مكملة وضرورية لرفع الدعم الكلي عن قطاع المحروقات، وإلا فان النتيجة ستكون كارثية”، ذلك أن أضرار الحلول “على القطعة” هي أخطر بما لا يقاس من تداعيات الأزمة بحد ذاتها، ويبقى الحل الشامل هو المدخل الوحيد للمعالجات الجذرية لكل مشاكل البلد.