شاع مؤخرا نظام “الصيام المتقطع” ويعتمده كثر كوسيلة لتخفيض الوزن والتقليل من السعرات الحرارية التي يستهلكها الفرد على مدار اليوم؛ وذلك بهدف التوقف عن تناول الطعام والسوائل التي ترفع نسبة الانسولين في الدم الذي يفرز عن طريق الخلايا المتخصصة المسماة “خلايا البيتا” الموجودة في البنكرياس كرد فعل لزيادة نسبة السكر في الدم. ويستعمل الانسولين كبلسم في كثير من الأحيان وخاصة لمرضى داء السكري ويتم تصنيعه مخبريا باستخدام التكنولوجيا الحديثة او قد يؤخذ من مصادر حيوانية.
الانسولين وزيادة الوزن
بالموازاة، يربط الأطباء مقاومة الانسولين بالسمنة نتيجة عدم استهلاك الخلايا للجلوكوز الزائد في الدم، فيحرّض زيادة الانسولين تخزين السكر الفائض على شكل دهون مما يعمل على اكتساب الوزن. ويعمد كثيرون الى ممارسة “الصيام المتقطع” لساعات معينة من خلال الاكتفاء بشرب الماء والقهوة والشاي بدون إضافة المحليات او المبيضات مثل “الكوفي ميت”، ولكن يمكن طبعا تناول بعض الدهون والزيوت الجيدة التي لا تفسد الصيام او تكسره كالزبدة الحيوانية الطبيعية او السمن الحيواني وزيت حبة البركة او الحبة السوداء.
منافع مبهرة
في موازاة ذلك، قال اختصاصي التغذية وبطل كمال الاجسام طه مريود لـ “الديار”، “يعتبر “الصيام المتقطع” مفيدا لصحة الانسان بشكل عام ولهذا فرض الله علينا الصوم، وأشارت بعض الأبحاث الى انه قد يكون أكثر فائدة من الأنظمة الغذائية الأخرى في تخفيف الالتهابات وتحسين الحالات المرتبطة بها مثل الربو والتهاب المفاصل والتصلب المتعدد والسكتة الدماغية”.
تقليص مخاطر الإصابة بمرض “الزهايمر”
وتابع مريود موضحا بالقول: “لا يؤدي “الصيام المتقطع” الى فقدان الوزن وحسب، بل ايضا ينظم عمل الهرمونات ويحسّن حساسية الانسولين في الدم ويرفع معدلات عملية الالتهام الذاتي ويعزز قوة الجهاز المناعي ويخفف مستوى هرمون التوتر، وهناك بعض الأبحاث التي تؤكد على أهمية ممارسته الى جانب الالتزام بنظام غذائي صحي متوازن والقيام بالتمارين الرياضية لان هذه الامور تحصّن الصحة العامة للفرد وتخلص الجسم من السموم والدهون المتراكمة”.
وأردف، “لذلك يمكن البدء بساعات صيام معتدلة، ثم زيادة معدلها مع مرور الوقت الى جانب شرب وتناول السوائل والدهون الصحية خلال فترة الصيام، واستهلاك كميات ضئيلة من الملح والسكر واخذ وجبات غنية بالفيتامينات والمعادن مثل البروتينات، كما ينبغي النوم جيدا وممارسة الرياضة. ونصح بالابتعاد عن الأطعمة المصنعة والكربوهيدرات المكررة والزيوت المهدرجة “.
فائدة “عظيمة” للصيام المتقطع!
واستكمل مبينا، “ان “للصيام المتقطع” عوائد إيجابية كونه يقي من الإصابة بالعديد من الامراض المزمنة مثل مرض الزهايمر الذي يصيب شخص واحد من كل تسعة بالغين اميركيين فوق سن الـ 65 عاما، ويتوقع الخبراء في هذا المجال ان يصبح هذا الاضطراب أكثر انتشارا في المستقبل.
أضاف، كشفت دراسة جديدة، أجرتها كلية سان دييغو للطب بجامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة، العلاقة بين “الصيام المتقطع” وتقليل مخاطر الإصابة بمرض الزهايمر الذي يؤثر سلبا في ملايين الأشخاص حول العالم، وغالبا ما يكون مصحوبا باضطرابات في إيقاع الساعة البيولوجية للجسم، مما يؤدي إلى مشاكل في النوم. وتشير الأدلة الناشئة إلى أن هذه الأعراض قد تكون محركا للمرض نفسه”.
ووفق موقع “ذا برايتر سايد”، فقد بيّنت الدراسة الحديثة، المنشورة في مجلة “Cell Metabolism”، الفوائد المحتملة للتغذية المقيّدة بالوقت في التقليل من اختلاجات الساعة البيولوجية. وأوضح أن الساعة البيولوجية تحكم عددا لا يحصى من العمليات الفسيولوجية، بما في ذلك دورة النوم والاستيقاظ”.
وتشير التقديرات الحديثة الى إن 80 بالمئة من مرضى الزهايمر يعانون من اضطرابات في إيقاع الساعة البيولوجية.
من جانبها، أكدت باولا ديبلاتس، مؤلفة الدراسة الرئيسية والأستاذة في قسم علوم الأعصاب في كلية سان دييغو للطب، على أهمية فهم هذه الاضطرابات، وقالت: “لسنوات عديدة، افترضنا أن الاضطرابات البيولوجية التي تظهر لدى الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر هي نتيجة للتنكس العصبي. لكننا نتعلم الان ان الامر قد يكون العكس، فالأدلة تشير إلى أن اضطراب الساعة البيولوجية قد يكون أحد المحركات الرئيسية لمرض الزهايمر”. وتجدر الإشارة الى ان التغذية المقيدة بالوقت (TRF) تعد من فروع الصيام المتقطع (intermittent fasting)، وتهدف إلى تقييد فترة تناول الطعام، وليس تنقيص عدد السعرات الحرارية، التي نتناولها”.
واثناء الدراسة لم يسمح للفئران بتناول الطعام الا خلال فترة 6 ساعات كل يوم، وهو ما يعني نحو 14 ساعة من الصيام يوميا بالنسبة للبشر. وبالمقارنة مع الفئران، التي لم يقيد وصولها إلى الطعام، أظهرت فئران TRF ذاكرة محسنة، وانخفاض النشاط الزائد أثناء الليل، كما أظهرت نمطا ثابتا في النوم. علاوة على ذلك، تفوقت هذه الفئران في التقييمات المعرفية، مما يؤكد أن نظام TRF قد يحد من المظاهر السلوكية لمرض الزهايمر، حسب المصدر نفسه”.
بدورها، أوضحت شيرين چيغتفيغ، أخصائية التغذية والباحثة التي تدرس في جامعة بريدجبورت في ولاية كونيتيكت، أن استهلاك الطعام المقيّد بالوقت هو شكل شائع من الصيام المتقطع “IF “، والذي يتضمن تناول الطعام فقط خلال ساعات محددة من اليوم والصيام لبقية اليوم. وعلى عكس ما هو شائع فإن الكربوهيدرات يمكن أن تساعد في خسارة الوزن؛ لأن الأشكال الأخرى من الصيام المتقطع IF أكثر صعوبة، وتشمل الصيام ليوم كامل بين الحين والآخر أو تقييد تناول الوحدات الحرارية إلى حوالي 500 أو نحو ذلك يوميا”.