مع حلول الذكرى الـ81 لاستقلال لبنان هذا العام، تأتي المناسبة في وقت تظل فيه البلاد بعيدة عن أجواء الفرح التي تليق بتلك اللحظة التاريخية. فمنذ سنوات، ومع كل ذكرى لاستقلاله، تعيش البلاد تقلبات سياسية عميقة، فمن الشغور الرئاسي الذي سيطر على الأوضاع في 2014 و2015، إلى تأثيرات الثورة وجائحة كورونا التي عطلت محاولات الاحتفال، تبقى الذكرى على الدوام مشهدًا مختلطًا بين الأمل والتحديات.
من الجدير بالذكر الإشارة إلى انه في خريف 2022، انتهت ولاية الرئيس ميشال عون، وكان من المفترض أن تكون هذه المرحلة بداية لفصل جديد من الاستقرار، إلا أن لبنان دخل في دوامة جديدة من الشغور السياسي، حيث تعثرت جهود انتخاب رئيس جديد، وسط انقسامات حادة بين القوى السياسية. كما جاء العدوان الإسرائيلي ليزيد من تفاقم الوضع، فدمرت الحرب أجزاء واسعة من البلاد، ولا سيما في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، ليظل اللبنانيون محاصرين بين آلامهم اليومية، بعيدًا عن الاحتفال بعيد الاستقلال.
قبل 81 عامًا، وقف اللبنانيون متحدين ضد الاحتلال الفرنسي، منتفضين لنيل الحرية، ونجحوا في تشكيل دولتهم المستقلة عبر انتخاب رئيس وتشكيل حكومة. لكن مع مرور الوقت، يظل السؤال: هل تحقق لبنان استقلاله الحقيقي؟ هل تحقق سيادته الكاملة بعيدًا عن التدخلات الخارجية التي لا تزال تسيطر على شؤونه الداخلية؟
اليوم، وبينما تظل الذكرى تفتح جراح الماضي، يبقى لبنان أسيرًا للتدخلات التي تأتي من الخارج. فالتحديات السياسية والاقتصادية التي يواجهها الشعب اللبناني تستدعي سعيًا حقيقيًا نحو استقلال حقيقي، يتجسد في انتخاب رئيس للجمهورية بدون أي تأثيرات خارجية.
انطلاقاً من كل ما تقدم، يجب أن تتوجه الجهود نحو تعزيز مؤسسات الدولة، لضمان سيادة القانون والعدالة بين المواطنين. كما يجب أن يتم حصر السلاح بيد الجيش اللبناني، الذي ينبغي أن يكون القوة الوحيدة القادرة على اتخاذ القرارات وحماية الوطن من أي تهديدات.إذا تحقق ذلك، سيكون للبنان فرصة للاحتفال بعيد استقلاله كما يجب، بعيدًا عن التدخلات الخارجية والصراعات الإقليمية التي تؤثر في قراراته. الذكرى الـ81 هي تذكير بما يعانيه لبنان اليوم، ولكنها أيضًا دعوة للأمل في استعادة الاستقلال الحقيقي، وتحرر البلاد من هيمنة القوى الخارجية.