للمرة الثانية خلال فترة قصيرة يصعد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اليوم الى الديمان المقر الصيفي للبطريركية المارونية، وبصحبته عدد من الوزراء كي يعقد لقاءً تشاورياً مع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وعدد من المطارنة. وبعد اللغط الذي رافق الزيارة الأولى، حسمت أوساط رئيس الحكومة الجدل بأن أبعدت الزيارة عن أي سابقة دستورية. وقالت إن لقاء الديمان اليوم هو من أجل «مناقشة ما يتهدد القيم الأخلاقية اللبنانية التي تمثل الحصن الحصين للبنان واللبنانيين مع البطريرك الراعي».
هل هذه هي كل قصة زيارة الديمان؟
تجيب مصادر واسعة الاطلاع لـ»نداء الوطن» عن هذا السؤال، قائلة: «الرئيس نجيب ميقاتي مأزوم. فهو لا يريد أن يقتصر غطاؤه على الثنائي الشيعي، خصوصاً بعد توقف اجتماعات رؤساء الحكومات السابقين، التي شكلت سابقاً حاضنة سنيّة للرئاسة الثالثة».
وتضيف المصادر: «أما على المستوى المسيحي فلا توجد حالة دعم لميقاتي، خصوصاً مع استمرار المواجهة بينه وبين العهد السابق من خلال النائب جبران باسيل، لذلك يتوجه ميقاتي الى بكركي ليجد حاضنة له فلا يظهر أن حاضنته فقط «ثنائي الممانعة»، ما أنزل به الضرر على مستوى علاقاته بالخليج، ولا سيما بالسعودية».
وخلصت المصادر: «يسعى ميقاتي اليوم الى بعث رسالة الى المسيحيين مفادها أنه على خطى الرئيس الشهيد رفيق الحريري في العلاقة مع بكركي لتبديد هواجسها في مجالات عدة. أما من ناحية البطريرك، فيجد مصلحة في زيارة ميقاتي. ومثلما يقول ميقاتي للرئيس ميشال عون، إنه قادر على التواصل مع مرجعيته الروحية، وان بكركي لم تقفل الأبواب في وجهه، كذلك تبعث بكركي برسالة الى عون مفادها انها تتعامل بواقعية مع هذه الزيارة ضمن إطار تصريف الأعمال».
في المقلب الآخر من الأحداث التي لا تزال في الصدارة، تداعيات ما جرى في مخيم الحلوة في منطقة صيدا. وبرزت في هذا الصدد أمس إطلالة سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري في أول موقف رسمي، شدد فيه على «عدم تحميل تحذير بلاده لرعاياها، أبعاداً سياسية. وحصر التنبيه الذي وجهته السفارة الى رعايا المملكة في لبنان بالبعد الأمني المتصل بمخيم عين الحلوة، ولا سيما أنّ تحذيرات مماثلة وجهتها المملكة لرعاياها حين وقعت أحداث باريس على خلفية الاحتجاجات».
ويشير البخاري أمام ضيوفه إلى «أنّ بلاده تلتزم مندرجات توصيات اجتماع اللجنة الخماسية الأخير في الدوحة»، لافتاً إلى «أنّ المسؤولية تقع على عاتق اللبنانيين في انتخاب رئيسهم»، ومؤكداً «أن الحوار المطلوب هو حول المواصفات والمعايير قبل الاسم».
في المقابل، حمل «حزب الله» أمس اعلامياً على الموقف السعودي وسائر دول مجلس التعاون الخليجي التي وجهت رسائل تنبيه لرعاياها في لبنان. وما قالته قناة «المنار» التلفزيونية التابعة لـ»الحزب»، في هذا الصدد، أن «بيانات التهويل»، كما زعمت، هي «للضغط على اللبنانيين لفرض خياراتها عليهم، وبخاصة ان المهل تتآكل نحو ايلول، الموعد المرتقب لجولة جديدة بعناوين رئاسية».
وترد أوساط المعارضة على توصيف «حزب الله» بأن فصلت ما بين احداث عين الحلوة وبين مسار الازمة الرئاسية في لبنان، وقالت: «التجاوب مع المسعى العربي والدولي لحل الأزمة الرئاسية جاء فقط من المعارضة، من خلال التقاطع على جهاد ازعور. اما الفريق الآخر، فواصل التمسك بمرشحه. لذا جاء بيان اللجنة الخماسية الاخير الصادر في الدوحة، شديد اللهجة بأن الأمور لا يمكن ان تستمر على هذا المنوال، وحدد بشكل واضح مواصفات الرئيس ومهماته. وتحدث البيان أيضاً بشكل صارم عن قرارات الشرعية الدولية وقرارات الجامعة العربية واتفاق الطائف». ورأت انه بعد اسبوعين على صدور هذا البيان «ما زالت الامور تراوح وابلغ فريق الممانعة تمسكه بمرشحه أي رفض بيان الدوحة، وكأن شيئا لم يكن».
وخلصت هذه الاوساط الى أنّ»هناك من راهن على ان ايران وضعت يدها على المنطقة. لكن السعودية، وفي بيان بكين وفي اعلان القمة العربية في جدة كانت واضحة في موقفها برفض التدخل في الشؤون الداخلية. واعطت الفريق الآخر فترة سماح انطلاقاً من حرصها على الاستقرار في المنطقة. لكن هذا لا يعني إطلاقا تخليها عن ملفات المنطقة بدءاً من اليمن وصولاً الى لبنان».