بعد الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، دخلت بريطانيا وكندا على خط الحديث عن تطبيق القرار 1701، وحماية الحدود البريّة للبنان مع سوريا هذه المرّة، وليس مع فلسطين المحتلّة، رغم معرفة هذه الدول أنّ أي بحث في القرار المذكور حالياً غير ممكن في ظلّ العمليات العسكرية التي يشهدها الجنوب اللبناني بين “حزب الله” و “إسرائيل” من جهة، وفي ظلّ الشغور الرئاسي من جهة ثانية، والمرجّح لأن يطول مع قرار التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون لمدّة سنة، أو تأجيل تسريحه لكي لا يصبح هناك فراغان في الدولة. علماً أنّه بالإمكان إيجاد خَلف لقائد الجيش من خلال تعيين رئيس الأركان أو اعتماد أي حلّ آخر، أمّا رئاسة الجمهورية فلا يمكن سدّ فراغها إلّا بالانتخاب.
أوساط ديبلوماسية مطّلعة رأت أنّ الولايات المتحدة والدول الأوروبية تحاول إثارة موضوع تطبيق القرار 1701 مجدّداً، واستعادة الهدوء على طول الخط الأزرق، سيما بعد أن تعرّض هذا الأخير للhنتكاسة بعد عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول، ولكي يكون الترسيم البرّي موضوعاً على نار حامية فور انتهاء حرب غزّة، وتوقّف المواجهات العسكرية في الجنوب اللبناني. أمّا ما تُناقش به في ما يتعلّق بحماية الحدود اللبنانية- السورية، فلا علاقة له بأي قرار أممي، إنّما بسعيها لدعم المؤسسة العسكرية في ضبط أمن الحدود.
فسفراء هذه الدول تحدّثوا مع قائد الجيش العماد جوزف عون، على ما أضافت، انطلاقاً من تمويل أفواج الحدود البريّة الأربعة بهدف مواصلة توفير الأمن وتعزيز سلطة الدولة اللبنانية على طول حدودها البريّة مع سوريا. غير أنّهم يتطرّقون في الوقت نفسه، الى موضوع الحدود وحماية أمنها، من زاوية سياسية، كون دولهم تصرّ على حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، وهي على عِلم بأنّ “حزب الله” هو الذي يقوم بالعمليات العسكرية ضدّ المحتلّ الإسرائيلي.
غير أنّ الأوساط نفسها، أكّدت أنّه لا يُمكن تعديل القرار 1701 ليشمل الحدود اللبنانية كافة، لأنّه يقتصر على منطقة جنوب الليطاني، ولا يتطرّق في أي من بنوده الـ 19 الى الحدود مع سوريا. أمّا تحويله من الفصل السادس الى السابع فليس وارداً، على ما تسعى اليه الولايات المتحدة في كلّ سنة يتمّ فيها التمديد أو التجديد لمهمّة قوّات الطوارىء الدولية العاملة في جنوب لبنان في أواخر آب، وذلك لأنّ لبنان يرفض هذا الأمر.
أمّا تعديل القرار 1701، فهو يعني إلغاءه، على ما أوضحت، ووضع قرار آخر يتناسب مع الوضع الذي بات قائم حالياً بعد 7 تشرين الأول، أو مطالبة “إسرائيل” الإنسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلّة، فلا يعود هناك أي حاجة للتعديل، أو لتنفيذه بالقوّة. وقد جرى تجربة هذه القوة ولم تنجح. فالقرار يطالب بأن يتحوّل بند “وقف الأعمال العدائية بين الجانبين” الذي جرى الإلتزام طوال السنوات الماضية أي منذ 11 آب 2006، رغم بعض الحوادث والخروقات الإسرائيلية والاعتداءات المتواصلة على السيادة اللبنانية برّاً وبحراً وجوّاً، تدريجاً الى وقف دائم لإطلاق النار. في حين أدّت حرب غزّة الى اشتعال الجبهة الجنوبية اللبنانية مُجدّدا،ً الأمر الذي خرق البند المذكور.
ولهذا يطالب سفراء الدول الغربية والأوروبية اليوم بالعودة الى القرار 1701 لجهة تجديد الإلتزام بتنفيذه لا سيما البند المتعلّق بوقف الأعمال العدائية، لأنّ استمرارها لن يؤدّي إلّا الى تأخير أي حلّ طويل الأمد للسلام. علماً بأنّ العودة الى ما قبل 8 تشرين الأول الماضي، يفترض وقف العدوان الإسرائيلي على غزّة، كما الوقف الدائم لإطلاق النار في القطاع، وفي جنوب لبنان، والتزام “الإسرائيلي” بهذه الأمور.
وفي ما يتعلّق بالتقديمات التي تُمنح للجيش اللبناني، أشارت الأوساط عينها الى أنّه لا يمكن أن تكون “مشروطة”، إذ تهدف الى تعزيز قدرات الجيش في الدفاع عن الوطن، والمساهمة الى جانب قوّات “اليونيفيل” في توفير الأمن والسلم الدوليين في المنطقة الجنوبية. كما تساهم عناصر الجيش في توفير أمن الحدود اللبنانية من الجهات كافة، ما خلا المعابر غير الشرعية التي لا يمكن ضبطها إلّا ما توافر عدد كبير من العناصر والعتاد.
وتقول انّ الوسيط الأميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين يعمل ضمن ما تتوافق عليه هذه الدول خلال تحضير مقترحاته لما بعد حرب غزّة، في ما يتعلّق بالحدود البريّة اللبنانية… غير أنّه لا يمكنه تجاوز القرارات أو القفز فوقها لا سيما القرار 1701 لجهة انسحاب القوّات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية المحتلّة التي ينصّ عليها، وهي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر (أو ما بات يُعرف اليوم بـ خراج بلدة الماري)، قبل أن يُطالب لبنان بتطبيق البند 8 المتعلّق بالوقف الدائم لإطلاق النار والحلّ طويل الأمد.