حزب الله والجيش يتخبطان بالدوامة في الجنوب والبقاع والضاحية (المدن)

Share to:

المدن – منير الربيع

يعتبر البعض أن حزب الله يريد للجيش أن يداهم في البقاع وينشغل هناك

يستمرّ لبنان بتخبطه في أزماته المتناسلة. لا رؤية واضحة لدى أي طرف حول آفاق المرحلة المقبلة. ويسود التخبط في ملفات تفصيلية داخلية وأخرى استراتيجية. الضياع السائد منذ سنوات في التعامل مع الوضع الاقتصادي والخطط المالية، لا يزال على حاله، كتشكيل حكومة جديدة، ومقاربة ترسيم الحدود، إضافة إلى المداهمات التي يقوم بها الجيش اللبناني في البقاع.

حزب الله والجيش
سياسياً يحاول حزب الله أن يثبّت أكثرية نيابية، بعد ظهورها في انتخاب نائب رئيس مجلس النواب. وهذا يعبر عن ذهنية الحزب عينه، وعن آلية تعامله مع الاستحقاقات، سواء في تشكيل الحكومة الجديدة، أو في موقفه من ملف ترسيم الحدود، وكذلك حيال الوضع في البقاع.

حال الترهل اللبناني والانهيار المستمر، تشمل القطاعات كلها، فيترابط ويتدافع تآكلها، فيما تستقدم إسرائيل باخرة تنقيب عن الغاز في حقل كاريش. وهذا ما استدعى استنفارًا سياسيًا لبنانيًا، بينما ينفذ الجيش مداهمات في البقاع. وهناك من يربط الحوادث ببعضها البعض، بناء على نظريات “المؤامرة”. وقد يعتبر البعض أن حزب الله يريد للجيش أن يداهم في البقاع وينشغل هناك، فيما يتفرغ هو عينه وحده للتعامل مع ما يجري في الجنوب، للتصدي أو لمواكبة أي تداعيات تنجم عن الحفر الإسرائيلي في منطقة يعتبرها لبنان متنازع عليها.

لكن لا مسوغ ثابتًا للربط بين الحدثين، فيما يدفع الانهيار اللبنانيين إلى ربط المشاهد السوداوية كلها.

خراب ولا مسؤول 
إزاء الأزمة التي تضرب المناطق والبيئات اللبنانية كلها، تلجأ جماعات إلى مصادر مالية أساسها التهريب أو تجارة المخدرات. وهذا يشكل لبيئات بقاعية عمودًا فقريًا يمكنها من التعيّش وتحسين أحوالها. ومثل هذه التجارات تزدهر في ظل انعدام خيارات أخرى.

ويسيطر الارتباك اللبناني على التعامل مع كل الملفات: في البقاع، كما في الجنوب. وفي ملف ترسيم الحدود يهيمن التخبط القائم الذي تركز عليه الجهات الخارجية لتستفيد من الانقسامات اللبنانية. وما يجري يظهر سوء إدارة مزمن في مقاربة ملفات أساسية واستراتيجية. فيظهر سلوك عديم المسؤولية، أو يذر الرماد في العيون فلا يتبين من هو المسؤول الحقيقي.

حزب الله يقف خلف الدولة اللبنانية. الدولة بسلطتها السياسية تقف خلف الجيش. الجيش يحمّل المسؤولية للسلطة السياسية، من رئاسة الجمهورية إلى الحكومة، في عدم تحسين موقف المفاوض اللبناني من خلال تعديل المرسوم 6433، والذي يثبت فيه لبنان أنه يطالب بالخط 29 كجزء من حقوقه.

تخبط ديبلوماسي جنوبًا
بدأ لبنان اتصالات ديبلوماسية مع الفرنسيين والأميركيين، وصولاً إلى تواصل مباشر مع السفيرة الأميركية الموجودة في واشنطن. وهو وجه دعوة عبرها لآموس هوكشتاين للمجيء إلى بيروت، والبحث في حلّ ملف التفاوض. جاء ذلك بعد تنسيق بين الرؤساء، استعدادًا للمواجهة الديبلوماسية، فيما يركز الأميركيون والإسرائيليون على التخبط اللبناني الحاصل، والتضارب بين المطالبة بالخط 23 والخط 29.

يستند الأميركيون والإسرائيليون إلى ما سجّله لبنان في العام 2011 لدى الأمم المتحدة، والذي يعتبر بموجبه أن حقه في المياه يصل إلى الخطّ 23 وليس الخطّ 29 الذي اكتشفه الجيش اللبناني بناء على خرائط وإثباتات لديه. وكانت المشكلة الأكبر في امتناع رئيس الجمهورية عن توقيع تعديل المرسوم، وتسجيل لدى الأمم المتحدة أن حق لبنان هو الخطّ 29، ليخرج عون فيما بعد ويعلن أن الخط 29 هو خط تفاوضي.

وتخبط في البقاع 
التخبط في مقاربة الملف الجنوبي، يوازيه تخبط في البقاع. ثمة من يعتبر أن لعبة العشائر متبادلة بين الجيش من جهة وحزب الله من جهة أخرى. الطرفان يستثمران في العشائر. ولا شك في أن هناك تراكم كبير للمخالفات، أهمها يرتبط بملف المخدرات وتصنيعها وتصديرها. لذا كان لا بد لحزب الله من رفع الغطاء عن العشائر، بعد خلافات كثيرة بينهما. فرفع الحزب الغطاء نسبيًا لصالح الجيش الذي اتخذ قراراً بالمداهمات. وفيما بعد وجد حزب الله أن الجيش قد اندفع كثيرًا، وبنتيجة ضغط العشائر اتخذ الحزب موقفًا داعمًا لها.

التجاوزات في البقاع أتاحت المجال للقيام بضربة. ولم يكن للجيش أن يتخذ هذه الخطوة بدون حصوله على ضوء أخضر من حزب الله، لا سيما أن التجاوزات حصلت بعد الانتخابات وليس قبلها. فقبلها لم يكن حزب الله في وارد ازعاج العشائر. واتخذت الحوادث في البقاع بعداً جدياً، خصوصاً أن الجيش أظهر جدية استثنائية. وهذا ما لا يمكن لحزب الله أن يرضى به. فالعشائر تنتقد الحزب وتنقلب عليه، لذا لا يريد للجيش القيام بعملياته، ويحقق نجاحاً كبيرًا. بل يريده أن ينجح “عالحفة” أو جزئيًا. فنجاح الجيش الكامل يؤدي إلى تكريس واقع لا يقبله حزب الله، لأنه ينعكس سلبًا عليه. خصوصاً أن الجيش يحقق بذلك قوة يرفضها حزب الله.

Exit mobile version