“حزب الله” مرتاح لـ”لهجة” عون وأولويات السراي غير أولويات بعبدا.. ولا تفاعل مع دعوة رئيس الجمهورية الى الحوار!

Share to:

كضربة سيف في الماء، مرّت إطلالة رئيس الجمهورية ميشال عون “خفيفة الظل والثقل” على أرض الواقع السياسي من دون أن تخلف وراءها أثراً يُقتفى على ضفتي الحلفاء والخصوم، فكان وقعها باهتاً في ميزان المواقف وردود الفعل التي تفاوتت بين تجاهل وبرودة من جانب شركاء العهد في سدة الحكم، وتفاعل مقتصر على تجديد انعدام الثقة بطروحات العهد من جانب خصومه… وحماسة انحصرت بـ”التيار الوطني الحر” لتلبية الدعوة إلى طاولة الحوار في بعبدا، بحسب “نداء الوطن”.

وبينما كانت للثنائي الشيعي “حصة الأسد” من الرسائل العونية الانتقامية رداً على إجهاض الطعن الانتخابي، آثر رئيس مجلس النواب نبيه بري إدارة “الأذن الطرشاء” لاتهامات التواطؤ والتعطيل التي وجهها رئيس الجمهورية بالمباشر إليه من دون أن يسميه، فتعامل معها ضمن حدود “التهميش والتطنيش” منعاً لتسعير صفيح الأزمة والانجرار خلف “أجندة التراشق والتوتير التي تريدها وتديرها غرف سوداء لغايات انتخابية” على حد تعبير أوساط الثنائي، أما “حزب الله” فكان حريصاً على تلقف خطاب عون بإيجابية من باب “التمييز بين مضمونه ولهجته”، وفق الأوساط نفسها، موضحةً أنّ “الحزب” لديه الكثير من الملاحظات على ما عكسه مضمون كلام عون من “استخدامات مريبة في الجوهر والتوقيت لملفات حساسة في عملية الضغط على “حزب الله” كملف السلاح والاستراتيجية الدفاعية”، لكنه في الوقت عينه نظر بعين الارتياح إلى “اللهجة” التي استخدمها عون ولم تخرج عن “سقف منطقي مقبول في سياق تظهير التباين والاختلاف بين الحلفاء”.

لكن وقبل أن يضطر أي فريق حليف أو خصم إلى الرد سلباً أو إيجاباً على دعوة رئيس الجمهورية الحوارية، كان لرئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي موقف واضح من هذه الدعوة يصبّ في خانة التأكيد على كون “أولويات السراي غير أولويات بعبدا” في جدول أعمال الحوار المنشود، بحيث “شقلب” ميقاتي البنود الحوارية التي طرحها عون و”شطب” منها خطة التعافي الاقتصادي باعتبارها “من مسؤولية الحكومة وتقوم بها” ولا يجب أن تكون مطروحة على طاولة البحث خارج المؤسسات الدستورية، مقابل وضعه على رأس جدول الحوار “بند السياسة الخارجية ووقف التدخل في شؤون الخارج الذي يؤثر على لبنان وإعادة التقيّد بسياسة النأي بالنفس (…) لأنّ المهم التفاهم الداخلي من خلال طاولة حوار على تمتين علاقات لبنان العربية ولا سيما مع دول الخليج وعدم التدخل في شؤونها الداخلية أو الاساءة إليها بأي شكل من الأشكال، وعدم الانخراط في ما لا شأن لنا به ولا سيما في اليمن”.

وكذلك، أجهض ميقاتي خلال مؤتمره الصحافي في السراي فكرة تغيير النظام التي طرحها عون انطلاقاً من إعادة “التمسك باتفاق الطائف بوصفه الإطار الدستوري الصالح لتطبيقه في لبنان وعلينا استكمال تنفيذه”، فضلاً عن إعادة تأكيده رداً على استعجال عون الدعوة إلى انعقاد مجلس الوزراء أنه لن يوجه مثل هذه الدعوة من دون التوافق مع الثنائي الشيعي عليها “حتى لا يشكل هذا الأمر تعقيداً إضافياً يصعب تجاوزه ويفقد الحكومة التوافق المطلوب لانتظام عملها… لأنّ مزايدات البعض في هذا الإطار والتعامي عن مخاطر الإقدام على تأجيج الخلافات سيدخلنا في تعقيد أكبر قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه”.

وفي السياق، أشارت “الانباء الالكترونية” الى ان مصادر التيار الوطني الحر لم تجد اية تناقضات بين المواقف التي كان أعلنها الرئيس عون وتلك التي تطرق لها ميقاتي في مؤتمره الصحافي، فقد أعلن تأييده للحوار الذي اعلنه رئيس الجمهورية ونظرته لحزب الله كمكون سياسي، لكنهم يختلفون معه في موضوع الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء ودفاعه عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
 
المصادر أكدت للأنباء الالكترونية أن “تفاهم الرئيسين عون وميقاتي يفوق بكثير التعارض على بعض الملفات، فهما متفاهمان على كافة المواضيع وخاصة لجهة عدم التدخل في عمل القضاء والتشديد على فصل السلطات”.
 
تزامناً، أعربت مصادر الثنائي الشيعي في اتصال مع الأنباء الإلكترونية عن “تفهمها” لموقف ميقاتي بما يتعلق بالدعوة لاجتماع مجلس الوزراء، لكنها في المقابل طالبته بموقف واضح بالنسبة للتحقيق في ملف المرفأ، قائلة: “طالما هذه القضية لم تحل فإن التجاذب في موضوع اجتماعات الحكومة سيبقى معلقًا حتى اشعار آخر”.
 
من جهته، أعرب نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش في حديث لجريدة “الانباء” الالكترونية تعليقاً على مواقف كل من عون والرئيس نجيب ميقاتي، رأى ان رئيس الحكومة “محكوم بواقع البلد وبالمبادرة الفرنسية على خلفية اعتراف فرنسا بحزب الله ككيان سياسي قائم في البلد، اما موضوع دعوة عون للحوار فهي هروب الى الامام لأن الاستراتيجية الدفاعية مطروحة من العام 2006 وقرار حزب الله بالمشاركة بالحوار هو لدى المرجع الايراني علي خامنئي”.

لا تفاعل مع الحوار: في مجال سياسي آخر، وفي رصد لردود الفعل حيال دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى طاولة الحوار، يتبدّى انّه ما خلا التبنّي اليتيم لهذه الدعوة من قِبل «التيار الوطني الحر»، لم تجد دعوة عون الى الحوار من بين الاطراف السياسية من يتلقفها بشكل جدّي.

وخلافاً لما تؤكّد عليه مصادر رئاسية بأنّ هذا الحوار فرصة لبلورة تفاهم على أساسيات، من شأنه يضبط المسار الداخلي في الاتجاه الصحيح الذي يضع الأزمة على سكة العلاج، فإنّ معظم الاطراف السياسية ترى انّ هذه الدعوة لا في زمانها ولا في مكانها، وتعتبرها متأخّرة.

وبحسب مصادر معارضة للعهد، فإنّ «الحوار يفترض ان يديره حكم وليس طرفاً لكي يوصل الى الغاية المنشودة منه، واما في حالتنا الراهنة، فإنّ دعوة عون الى الحوار محاولة رئاسية واضحة للهروب الى الأمام، ولا يُراد من خلالها بلوغ حلول، بل انّ جوهر ما هو مُراد منها هي من جهة محاولة تبرئة رئيس الجمهورية لنفسه من كونه طرفاً في الأزمة، ومن جهة ثانية محاولة إخراج طرف معين من إحراج وإرباك يجتاحه، والمقصود هنا «التيار الوطني الحر». ثم كيف يمكن ان تلقى دعوة عون الى الحوار استجابة من الأطراف السياسية، وهي قد قامت على قاعدة «تعا ولا تجي»، مهّد لها هجوم شنّه رئيس الجمهورية في كل الاتجاهات، ووضع الجميع في قفص الاتهام، فيما هو برأ نفسه ونأى بها عن أي دور او مسؤولية له او لتياره السياسي حيال تفاقم الأزمة الراهنة. والجواب بالتأكيد اننا لن نمنح البراءة لعون ومن خلاله الى جبران باسيل»؟

Exit mobile version