المركزية – أثارت حركة الرئيس المكلف سعد الحريري الخارجية في الايام الماضية، حيث أفيد انه زار الامارات، بعد ان ان حط منذ ايام في تركيا، جملةَ تساؤلات وسيلا من التحاليل، وقد فاقم غموضَها الصمت المطبق الذي يرافقها حيث يحرص بيت الوسط، من سيّده الى اوساطه، على إحاطة هذه الدينامية بالكتمان.
وفي وقت يتردد ان الحريري سيزور قريبا مصر وربما فرنسا، تقول مصادر سياسية مطلعة لـ”المركزية”، ان رئيس تيار المستقبل يعمل على مشروع فيه خيرٌ للبنان واللبنانيين، حجرُ زاويته استعادةُ الدور المحوري الذي كان يلعبه والده الرئيس رفيق الحريري، كمنقذ للوطن في الظروف القاهرة، مستعينا بشبكة علاقاته الدولية.. الا ان نتائج هذا المسار قد لا تكون سريعة. فالحريري الابن- الذي تماما كما كان يفعل الحريري الاب بعد ان توصد امامه الابواب في الداخل، اتّجه نحو العواصم الكبرى – يحاول وفق المصادر، اعادة ربط بيروت بمحيطها العربي عموما والخليجي خصوصا، معززا بآلة دفع فرنسية، لأن لا خلاص للبنان الا بوضعه من جديد، في “مداه الحيوي الطبيعي”. فبحسب المصادر، تدور بعيدا من الاضواء، اتصالاتٌ عابرة للقارات بين اوروبا والخليج، تمرّ ايضا بالقاهرة وابو ظبي، هدفها ترتيب زيارة يقوم بها الحريري الى السعودية حيث يستقبله مسؤولوها الكبار، تكون مثابة الخطوة الاولى في مشوار الالف ميل لعودة الدول الخليجية الى بيروت.
حتى الساعة، يساعد أداء الحريري الحكومي، في تحقيق المهمة. فالمعلومات التي في حوزة المصادر، تشير الى ارتياح خليجي عموما وسعودي خصوصا، الى الطريق الذي يسلكه الحريري منذ تكليفه، سيما لناحية اصراره على تأليف حكومة من اختصاصيين غير حزبيين، من ذوي الكفاءة والسمعة الطيبة والسيرة المهنية والذاتية الحسنة، المحررين من اي ارتباطات سياسية، فينكبون على مهمة انقاذ لبنان من ورطته المالية والاقتصادية والمعيشية والصحية، بالتعاون مع المجتمع الدولي ومؤسساته وعلى رأسها صندوق النقد، وذلك بعيدا من تأثير القوى السياسية اللبنانية التي فقد العالم بأسره، من الشرق الى الغرب، ثقته بها… ووفق المصادر، فإن مضي الحريري قدما في هذا السلوك، وعدم تراجعه امام ضغوط الفريق الآخر، قد يقابل ايجابا من الدول الخليجية، وهذه الايجابية قد تُترجم بأشكال عدة، لعلّ أبرزها عودة السفير السعودي الى بيروت، ومعه سفراء الدول الخليجية الكبرى كلّهم بعد ان غادرها معظمهم في الآونة الاخيرة، لاسباب شخصية او دبلوماسية في الظاهر، لكن سياسية في الباطن، في مؤشر الى عدم رضى دولهم عن انتقال لبنان اكثر فأكثر الى الخندق الايراني في المنطقة، بدفع من حزب الله وغطاء من الفريق الرئاسي.
واذ تلفت الى ان باريس تسعى الى اقناع المملكة بالتعاطي بمرونة أكبر مع بيروت، سيما وأن الفراغ الذي يتركه العرب في لبنان، تملأه الجمهورية الاسلامية الايرانية، تشير المصادر الى ان نتائج هذه المساعي كلّها، ستظهر في قابل الايام، سلبا ام ايجابا، حيث ان اي زيارة يقوم بها الحريري الى الرياض ستُعدّ مؤشرا الى خرق ايجابي تحقق على هذا الصعيد. فهل نشهد مع المرحلة الاقليمية – الدولية الجديدة التي ستُفتتح مع دخول الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن الى البيت الابيض الاربعاء، تبدّلا في السياسة الخليجية تجاه بيروت، بحيث تعتمد نهجا جديدا اكثر ليونة مع لبنان، لتحقيق توازن مع المد الايراني فوق اراضيه، بعد ان أثبتت سياسة الانكفاء التام عن بيروت، عقمَها في تحقيق الهدف؟