فيما يستمرّ الوضع الأمني في الجنوب على غليانه بانتظار ما قد تؤول إليه مفاوضات الهدنة في قطر لوقف النار في غزة، بدا واضحاً اهتمام اللجنة الخماسية بإعادة تحريك الملف الرئاسي، المجمّد بفعل غياب أسس التوافق والتطورات الأمنية التي فرضت نفسها على الحدود. وبعد يومين من الاتصالات التي قامت بها الخماسية باتجاه عدد من المرجعيات السياسية والروحية، سيتم تعليق هذه الاتصالات إلى ما بعد الأعياد إفساحاً في المجال لمزيد من التشاور فيما بينها، وتمهيداً لاستئناف لقاءاتها مع باقي القوى السياسية قبل أن ترفع تقريرها إلى مرجعياتها ليبنى على الشيء مقتضاه.
وفي السياق، نفت مصادر مواكبة لحراك اللجنة في اتصال مع “الأنباء” الإلكترونية أن يكون توقف اللجنة الخماسية عن استكمال اتصالاتها بباقي الكتل النيابية مرتبط بأجواء النقاشات التي دارت بينها وبين القيادات السياسية الذين التقتهم، إذ إنه من غير الجائز إجراء عملية تقويمية وإطلاق الأحكام قبل إنهاء الاتصالات، كما أن الأجواء التي حصدتها اللجنة كانت بمعظمها إيجابية عبّر فيها كل فريق عن تصوّره لإنجاز هذا الاستحقاق الذي بات لبنان بأمس الحاجة إليه في ظل الأوضاع المأساوية التي يمر بها أمنياً واقتصادياً.
وفي معرض تقييمه لاستئناف اللجنة الخماسية لحراكها، أشار عضو تكتل الجمهورية القوية النائب نزيه متى في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن اللجنة الخماسية تقوم بالحد الأدنى ممّا تطالب به القوى السيادية بالذهاب إلى خيار ثالث وتحديد جلسة انتخاب الرئيس بدورات متتالية، وذلك بعد أن توصلت إلى قناعة بأن تمسك الممانعة بترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية لن يؤدي إلى انتخاب رئيس الجمهورية، مضيفاً أنه “في حال تنازلت المعارضة عن موقفها، فهذا يعني أننا نسير باتجاه الحوار ومنه إلى التعيين كما درجت العادة.
وفي تعليقه على كلام رئيس حزب القوات سمير جعجع عقب لقائه سفراء الخماسية، رأى متى أنَّ الأخير وضع الأمور في نصابها الصحيح، لأن فريق الممانعة عطل انتخاب رئيس الجمهورية وورط لبنان بحرب مدمرة في الجنوب انطلاقاً من معادلة توحيد الساحات، حسب تعبيره، معتبراً أنَّ تعليق الخماسية اتصالاتها حتّى آخر الشهر لم يغيّر من الواقع بشيء ما لم يقتنع فريق الممانعة بتغيير طروحاته، إذ إنَّ هذا الحد الأدنى لإنتاج رئيس سيادي دستوري، لافتاً إلى أنّه في الماضي كان هناك ضغطاً خارجياً لبناء البلد وكان هناك فرصة للبناء بوجود الرئيس رفيق الحريري.
من جهة ثانية توقف متى عند الحماس المفرط لدى النائب جبران باسيل في دفاعه عن حقوق المسيحيين، سائلاً: “لماذا لم يحافظ باسيل على حقوق المسيحيين عندما كان زمام الأمور بيده وعندما كانت الدولة بيدهم من رئيس الجمهورية إلى كل الوزراء والنواب؟”، معتبراً أن باسيل يريد إدخالهم في لعبة الاصطفافات من جديد، داعياً الأخير للقيام بنقد ذاتي علّه يعرف مَن أهدر حقوق المسيحيين.
يبقى التعويل على التوافق الداخلي في ظلّ المبادرات التي تقوم بها بعض القوى السياسية والدول الصديقة في سبيل تحريك عجلة الملف الرئاسي للولوج إلى رئيس ينتشل لبنان من الانهيار الذي قضى على ما تبقى من مؤسساته.