بدا الرئيس السابق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط منذ أيام، السبّاق في “قطف” الملف الرئاسي اللبناني، واليوم سيكون السبّاق قي الدخول الى قصر المهاجرين بدمشق، اذ قرأ السياسة جيداً كالعادة، لذا أراد ان يكون الاول في فتح الدروب مع سوريا الجديدة، الى جانب شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، ووفد من كتلة “اللقاء الديموقراطي” والحزب “الاشتراكي”، إضافة الى وفد إعلامي، لزيارة دمشق بعد غياب طويل، ولقاء رئيس”هيئة تحرير الشام” احمد الشرع، حاملاً مذكّرة تتضمّن تحديد هوية مزارع شبعا، وفتح صفحة جديدة من العلاقات اللبنانية – السورية، كما ستحمل الزيارة في طياتها وضع الطائفة الدرزية في السويداء، والمطالبة بإلغاء المجالس العليا، لانّ أكثر ما يهم جنبلاط وفق مصادر اشتراكية، ان يزيل العوائق بين بيروت ودمشق بعد سقوط النظام السوري، وبالتالي طي صفحة الماضي الاليم، وتقديم التهنئة للشعب السوري بعد حصوله على الحرية، والعمل من اجل سوريا الديموقراطية.
الى ذلك برز جنبلاط كسياسي مغاير ومختلف عن السياسيين، الذين يخوضون المعركة الرئاسية ويلتزمون الصمت بمعظمهم، لانّ الكل ينتظر الكل ليعلن موقفه، اما جنبلاط ففاجأ الجميع بإعلان موقفه الرئاسي الفجائي، بإعلان تأييده لقائد الجيش العماد جوزف عون، على الرغم انه كان يردّد دائماً رفضه وصول العسكر الى بعبدا، لانّ التجارب لم تكن ناجحة بحسب تعبيره، وقد اتى هذا التبني بعد زيارة قام بها الى فرنسا، حيث سمع بأنّ المرحلة تتطلب وصول قائد الجيش، المدعوم من المجتمع الدولي واللجنة الخماسية، بسبب نجاحه في مهمته العسكرية ولكونه غير محسوب على اي طرف، فوضع رئيس المجلس النيابي نبيه برّي بالاجواء الخارجية، ليبنى على الشيء مقتضاه، وفي الوقت عينه أوفد النائب وائل أبو فاعور بعيداً عن الاعلام، الى رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، ليعلمه بموقفه هذا قبل ان يعلنه رسمياً، محاولاً إقناعه كي يسير معه في هذا الخيار لكن باسيل رفض.
جنبلاط ومن خلال قراءته للاحداث والتطورات، اراد من خلال تأييده لوصول العماد عون الى قصر بعبدا، ان يطلق رسالة الى الفريقين المتصارعين على هوية الرئيس، مفادها ” لا للمرشح الاستفزازي من قبل اي فريق”، ولو لم يكن متأكداً من نتيجة موقفه هذا لما أعلنه وبطريقة فجائية، فيما كانت بعض الكتل تدرس مواقفها برويّة، والبعض الاخر وضع امام اعينه الاوراق البيضاء كحل مع سيناريوهات مغايرة، لكن اليوم إختلف المشهد كليّاً، على ان يتوالى تأييد قائد الجيش شيئاً فشيئاً، وفق تسريبات الكواليس.
في غضون ذلك يمكن وصف موقف جنبلاط بالشجاع، لانه اراد تعبيد طريق القصر الرئاسي، وسط معلومات بأنّ مهمته من الآن فصاعداً ستقتصر على إقناع حلفائه بالتصويت لقائد الجيش، لانه الوحيد القادر على جمع التوافق بنسبة كبيرة.
هذا الموقف قوبل في العلن برد سريع من قبل باسيل، قائلاً:” مش جنبلاط يللي بيرشح عن المسيحيين”، اي لا يحق لجنبلاط ان يعلن إسم الرئيس المسيحي، فيما كان من المفترض بكل الافرقاء المسيحيين، ان يتفقوا على إسم الرئيس منذ بدء الفراغ ، كي لا يتركوا فتح الباب الرئاسي لأفرقاء آخرين، اي ان يكونوا على غرار الطوائف الاخرى، حين يتعلق الامر بمنصب رسمي هام يعود لأي طائفة في لبنان، حيث يتفق الجميع على خيار واحد، فيوصلون مرشحهم من دون ضجيج وخلافات وإنقسامات.