وصفت مصادر نيابية ما تمّ في الجلسة التشريعية بالامس لـ”اللواء”، بأنه عبارة عن تسويات أو (compromis) أدّت إلى غضّ نظر «عوني» عن إقرار قانون إلغاء الوكالات الحصرية مقابل إقرار قانون تمديد رفع السرية المصرفية لفرض التحقيق الجنائي، فيما سحب اقتراح «القوات اللبنانية» الذي يتعلق باستقلالية القضاء، والذي طلب وزير العدل سحبه، لوضع ملاحظات مجلس القضاء الأعلى عليه، قبل إعادة عرضه..
وعلى الرغم من الجلسة التشريعية كان مخصص لها ان تلتئم على مدى يومين لمناقشة جدول اعمال يتجاوز 22 بندا، اضافة الى ما ادرج خلال الجلسة، الا ان فقدان النصاب القانوني، قزم النقاش الى جولة صباحية واحدة، وهو ما يعكس حقيقة المشهد النيابي، المنقسم على نفسه، وهو ما تظهر من خلال تطيير موضوع تحديد آلية الاقتراع للمغتربين، الا ان الابرز هو اقراراقتراح الغاء حماية الدولة للوكالات الحصرية بمادة وحيدة، رغم بعض سجال حصل بين النائبين الان عون وعلي حسن خليل، واعتراض بعض نواب «التنمية والتحرير، وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري، في مداخلة له في مستهل مناقشة قانون المنافسة أن «لبنان البلد الاوحد في العالم فيه وكالات حصرية، وان المادة 36 من اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي توجب الغاء الوكالات الحصرية». وقال: «انه اقتراح لا يتعلق ولا يستهدف أناسا من دون اخرين.
وأحال المجلس على لجنة الادارة والعدل اقتراح قانون استقلال القضاء، بعدما طلب وزير العدل هنري خوري الاطلاع عليه مع مجلس القضاء الاعلى – علما ان رئيس اللجنة النائب جورج عدوان وفي سياق تاكيد انه سبق وارسل الملاحظات الى وزير العدل السابق ومجلس القضاء قبل الدخول في متاهة التعيينات الجديدة ليقول ان «الادارة استمرار» وبعد اعادة قانون استقلالية القضاء الى لجنة الادارة، قال الرئيس بري لوزير العدل : «لو انك «قبضاي هيك قدام» مجلس القضاء الاعلى».
وأقرت الهيئة العامة الصرف على القاعدة الاثني عشرية، كما اقر قانون تمديد فتح مهلة رفع السرية عن مصرف لبنان للتدقيق الجنائي من عام الى حين الانتهاء من التدقيق، بعدما وضع على جدول الاعمال بناء لطلب من النائب ابراهيم كنعان، وأقر مراسيم تتعلق بالترقية في الامن العام بعد الاخذ بملاحظات رئيس الجمهورية، وتنظيم معرض رشيد كرامي الدولي.
مع الإشارة إلى ان عدد الوكالات الحصرية المسجل 3030 وكالة حصرية الصالح منها 313 فقط، والبقية غير قانونية، خلال تجديد عقود ولا دفع رسوم. وهي ما تزال تعمل وتستورد البضائع وتمنع غيرها من الاستيراد مع العلم ان مجلس النواب أبرم اتفاقاً مع الاتحاد الأوروبي قضى بإلغاء الوكالات الحصرية.
وأشارت “النهار” الى ان قبل اقل من ثلاثة أشهر متبقية على موعد الانتخابات النيابية المحدد في 15 ايارالمقبل بدا مجلس النواب، المؤسسة الام المعنية بهذا الاستحقاق التكويني للبرلمان، أمس كأنه يستبق نهاية ولايته قبل موعدها فاذ به لا يصمد سوى ساعات ثلاث على جلسة تشريعية كان يفترض استثمارها حتى آخر بند مدرج في جدول أعمالها. ذلك ان المناخ الصاخب والساخن والمضطرب في كواليس الحسابات السياسية – الانتخابية لم يعد يسمح لمجلس 2018 الذي “يفترض” ان يستبدل بمجلس 2022 بعد اقل من ثلاثة اشهر بان يفسح المجال حتى النهاية للتشريع واستثمار الوقت في بلد يعاني أسوأ الظروف الانهيارية ويحتاج إلى التزام اقصى درجات الاستعدادات العملية لانجاز القوانين الإصلاحية ولا سيما منها ما يماثل مشروع تحقيق استقلالية القضاء الذي اعيد ادراجه إلى مقبرة اللجان لان ثمة من قرر ان يخضع التشريع في الهزيع الأخير من ولاية المجلس إلى هذا النمط من التسويات والمقايضات. وإذا كانت الجلسة التشريعية في مجملها بدت بمثابة إطلاق صفارة الموسم الانتخابي من بوابة المقر الموقت للمجلس في قصر الاونيسكو فان ما ساهم في تعميم هذا الانطباع ان جلسة محددة ليومين، الاثنين والثلثاء، قبل الظهر وبعده، لم تستمر سوى ثلاث ساعات ونصف وطار نصابها ولن تستكمل اليوم ولم يقر من جدول اعمالها سوى بضعة مشاريع وعلق الباقي.
من جهتها، أشارت “الانباء الالكترونية” الى ان مجلس النواب نجح في جلسته التشريعية التي كان مقرراً أن تنعقد على مدى يومين، بإقرار معظم مشاريع القوانين التي كانت مدرجة على جدول أعمالها، وأبرزها قانون المنافسة والذي يؤدي إلى إلغاء الوكالات الحصرية، هذا المطلب التاريخي للحزب التقدمي الاشتراكي، والذي حمل رايته طوال عقود، وطالما دعا إليه رئيسه وليد جنبلاط في أكثر من مناسبة، وفي كل الأوراق الاقتصادية التي قدّمها الحزب.
وفي هذا السياق، أوضح عضو كتلة اللقاء الديمقراطي، النائب بلال عبدالله، في حديثٍ مع “الأنباء” الإلكترونية أنّ الحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديمقراطي مع إقرار قانون المنافسة مئة في المئة، وأنّنا كنّا من المطالبين به في اللجنة الفرعية، وكان المطلب الأساس بالنسبة لنا، مضيفاً “لقد آن الأوان لوضع حدٍ لهذا الموضوع من أجل خفض الأسعار ووقف الاحتكار، ومن أجل أن يحاكي كل القوانين المرعية الإجراء، وأن تُفتح الوكالات ويصبح كل شخص قادراً على استيراد ما يريد من دون وجود حماية لأحد أياً كان، مع شرط عدم المساس بالاقتصاد الوطني”.
وقال: “نحن حريصون ألّا يكون هناك حصرية لأي فريق. ففي كل العالم ليس هناك حصرية لأحد، وهذا ما يجب أن يكون الوضع عليه في لبنان”. وهنا تجدر الإشارة إلى وجود أكثر من 3000 وكالة حصرية، يعمل منها بشكل قانوني نحو 300، وما تبقى منها يتعاطى أصحابها كل أعمال التجارة والاستيراد والتهريب الجمركي دون أن تستفيد خزينة الدولة بفلس واحد.
إلّا أنّه على خطٍ آخر، وفيما لا تزال الاستنابات القضائية التي سطّرتها القاضية غادة عون ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان تتفاعل، لا سيّما على مستوى الجسم القضائي والندوب العميقة التي تزيد من كسر هيبة القضاء في لبنان، جاءت الدعسة الناقصة هذه المرة من مجلس النواب، حيث تمّت إحالة اقتراح قانون استقلالية القضاء إلى اللجان، وذلك بناءً لطلب وزير العدل، ما أكّد المؤكّد بأنّ هناك من لا يريد للقضاء في هذا البلد أن يكون قوياً ومستقلاً وشفافاً.
وقد أعرب عبدالله عن أسفه لرد مشروع القانون المتعلق باستقلالية القضاء بطلب من وزير العدل للمزيد من الدراسة، معتبراً أنّه “كان يجب أن يُقر هذا القانون بما يحفظ استقلالية القضاء”، متمنياً أن يكون ما حصل مقدمة لوضع تعديل على قانون استقلالية القضاء لضمان إقراره في الهيئة العامة بما يسمح للقضاة بإجراء التشكيلات القضائية بعيداً عن التأثير السياسي.
بدوره، كشف عضو تكتل الجمهورية القوية، النائب وهبي قاطيشا، أنّ لا أحد من القوى السياسية يريد استقلالية القضاء إلّا القلة القليلة، معتبراً في حديثٍ مع “الأنباء” الإلكترونية أنّ غالبية القوى السياسية لا توافق على استقلالية القضاء وأن ينتخبوا مجلس القضاء الأعلى وهو بدوره يتولى تعيين القضاة، وهذا معناه أنهم لا يريدون محاربة الفساد كما يدّعون دائماً، فهم متورطون بالفساد من رأسهم حتى قدميهم.
وأمام هذا الواقع، وفي ضربة جديدة للعدالة في لبنان، هل ستكون اللجان مقبرة القضاء، كما كانت في كثيرٍ من الأحيان مقبرةً لاقتراحات قوانين كان مصيرها “الجارور”؟
جابر: وقال النائب ياسين جابر لـ”الجمهورية”: نحن اليوم آخر دولة في العالم تلغي الوكالات الحصرية، كان ما يزال هناك دولتان هما لبنان والامارات التي بادرت الى إلغاء الوكالات الحصرية منذ عشرة ايام.
اضاف: بإقرار قانون المنافسة نستطيع ان نقول اننا فَكّينا هذا الحصار، نحن فعلياً لا نلغي مبدأ ان تتعاقد شركتان مع بعضهما البعض، ولكن نحن نلغي الحماية التي توفرها الدولة لأجل فرض هذه الحصرية.
وقال: ما حصل في مجلس النواب امس هو إنجاز، خاصة اننا كان يجب علينا ان نقوم بهذا الامر منذ زمن بعيد، لأننا عندما وقّعنا اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي في العام 2002، كنا ملزمين بهذه الاتفاقية ان نقوم بهذه الخطوة، ولكن مع الاسف تخلفنا. وفي العام 2004 أقر المجلس النيابي إلغاء الوكالات الحصرية، ولكن رئيس الجمهورية اميل لحود قام برد القانون آنذاك.
واكد ان ما حصل هو انجاز كبير جدا، وان شاء الله لا يتعرض لنكسة جديدة اذا ردّها رئيس الجمهورية. ولكن اعتقد ان الجميع في النهاية توافقوا على هذا الموضوع لأنّ الامور لم تعد تحتمل، خصوصا ان الامور توضّحت لناحية وجود نحو 3 آلاف وكالة فاقدة لشرعيتها وصلاحيتها ولكنّ الدولة كانت ما تزال مستمرة بحمايتها.
ولفت الى وجود تقدم كبير في موضوع منع الاحتكار وتحقيق المنافسة لأنّ القانون لا يتعلق فقط بموضوع الوكالة الحصرية، بل هو يتعلق بشكل عام بأن يكون هناك منافسة، ولكن رغم كل ذلك نأمل الا ينضَم هذا القانون الى نادي القوانين غير المطبقة، فلقد سبق وفرحنا فرحا عظيما بإقرار قانون الشراء العام، وحتى اليوم، لم تتم اي خطوة عملية لوضعه موضع التنفيذ، حيث لم يخصصوا له اموالا ولا اي شيء آخر. وهنا اؤكد ان كل القوانين ذات البعد الاصلاحي لا بد ان يبدأ تنفيذها لأنّ الوضع اللبناني لم يعد يحتمل.