انتقل العدوان الإسرائيلي على غزّة إلى مرحلة أخرى أكثر خطورة، ومن المرتقب أن تكون نتيجة هذه النقلة كارثة إنسانية بكل ما للكلمة من معنى، مع وجود أكثر من مليون و200 ألف نازح تحت نيران الصواريخ الإسرائيلية، وذلك مع إعلان إسرائيل بدء عمليات عسكرية في مدينة رفح المحاصرة.
تزعم إسرائيل قدرتها على إجلاء عدد من الفلسطينيين من المدينة، لكن المنظمات الدولية أجمعت على أن لا قدرة لفعل ذلك، وخطط الإجلاء محكومة بالفشل، والكوارث الإنسانية ستحصل عندما تقرّر إسرائيل توسيع ضرباتها في المدينة، ثم أن الضغوط الدولية لم تنجح حتى الساعة في ردع هذا الهجوم.
حاولت “حماس” تجنّب هذه الحرب المدمّرة من خلال الموافقة على مقترح الهدنة الذي عملت عليه كل من قطر ومصر، ورمي الكرة في الملعب الإسرائيلي، إلّا أن إسرائيل الراغبة في تدمير القطاع بشكل كامل عرقلت المفاوضات وبدأت عمليتها قبل الإطلاع على الرد الفلسطيني، ما يؤشّر إلى النوايا الإسرائيلية في قتل الغزّاويين وتدمير قطاعهم.
مسؤول العلاقات الإعلامية في حركة “حماس” – لبنان محمود طه يتحدّث عن عملية رفح، ويُشير إلى أن “العدو الإسرائيلي يهدّد باجتياح رفح منذ 3 أشهر، ولكن هذا الأمر لن يحقّق له الأهداف التي يُريدها، أي القضاء على “حماس” واستعادة الرهائن وخلق واقع أمني جديد في القطاع، لا بل إن الحركة حضّرت العدّة، وستواجه وتُلحق الخسائر بالعدو الإسرائيلي كما فعلت في شمال غزّة”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، يقول طه إن “حماس” أبدت إيجابية ومرونة بمفاوضات الهدنة، وردّها كان إيجابياً، لكن رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان يحضّر لاجتياح رفح ظناً منه أنه قادر على الضغط على “حماس” والفصائل الفلسطينية، لكن هذا ما لن يحصل، ورفح لن تكون نزهة.
ويتطرّق طه إلى الوضع الإنساني المأساوي في رفح، ويلفت إلى أن “ثمّة نحو مليون ونصف المليون نازح في المدينة، معظمهم من الأطفال والنساء، يعيشون في خيم دون سقف يأويهم منذ أشهر وتحت الحصار، وبالتالي الوضع الإنساني كارثي، والمجتمع الدولي عاجز عن ردع العدوان الإسرائيلي، في حين أن هذه المجتمع، وعلى رأسه الولايات المتحدة، مطالبون بتغيير سياستهم”.
إلى ذلك، يُجمع المراقبون على أن الجبهة اللبنانية مرتبطة بجبهة رفح، والتصعيد الحاصل في الجنوب والمتزامن مع العمليات العسكرية هناك مشهد طبيعي وواقعي لمجريات الأمور منذ الثامن من أكتوبر، وفي هذا السياق، كان إعلان “حزب الله” عن تكثيف عملياته النوعية وإرسال المسيّرات المتفجّرة إلى المستوطنات الإسرائيلية، واستهداف الجنود الإسرائيليين.
النظرة لحال الجنوب ورفح تشاؤمية، والمراقبون يتوقعون سخونة إضافية على جبهة الجنوب في مقبل الأيام، خصوصاً وأن الروادع الدولية والضغوط لا تنفع في ثني إسرائيل عن مخطّطاتها التي أعلنت عنها في وقت سابق وهي تنفّذها، ومنها اجتياح رفح وتنفيذ عملية واسعة في لبنان.
في المحصلة، فإن المؤشرات سلبية، ولا يبدو أن الصيف سيكون طبيعياً، لا بل وفق المشهدية الحالية فإن حرارة المواجهات مرشّحة إلى الارتفاع بشكل دراماتيكي، والصراع انتقل من مرحلة إلى أخرى مع رد “حماس” والتجاهل الإسرائيلي والإصرار على التوغّل في رفح، وبالتالي فإن الاحتمالات عادت لتكون مفتوحة على مصرعيها.