بعد أن ظنّ العالم أنه قد تخلص من كابوس الجائحة العالمية “كورونا”، عادت الأضواء تتجه نحو تهديد صحي جديد يلوح في الأفق، ألا وهو مرض جدري القرود. فبعد أن ألقى وباء كورونا بظلاله الكثيفة على العالم، مما تسبب في خسائر اقتصادية فادحة وتعطيل الحياة اليومية، يثير هذا المرض المخاوف من تكرار سيناريو مماثل، حيث قد يشكل تهديداً حقيقياً على الصحة العامة العالمية.
ما هو جدري القردة؟
بعد أن ألقى كوفيد-19 بظلاله على العالم، مما تسبب في حالة من الخوف والقلق، يعود مرض جدري القرود ليجدد المخاوف ويعيد إلى الأذهان ذكريات الأعوام الثلاثة الماضية. فالتعامل مع وباء جديد يهدد الصحة العامة يزيد من الضغط النفسي على الأفراد والمجتمعات، ويثير تساؤلات حول قدرة الأنظمة الصحية على التعامل مع مثل هذه الأزمات.
أصدرت منظمة الصحة العالمية تحذيراً عاجلاً بشأن تفشي مرض جدري القرود، معلنةً حالة طوارئ صحية عالمية بسبب تزايد عدد الحالات المصابة بين الأطفال والبالغين في أكثر من 12 دولة، وظهور سلالة جديدة من الفيروس. وفي السياق عينه، أعلنت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أفريقيا حالة طوارئ صحية عامة بسبب تفشي المرض، والذي تسبب في وفاة أكثر من 500 شخص، مما يستدعي تدخلاً دولياً عاجلاً للسيطرة على هذا الوباء.
عرّف أخصائي الامراض المعدية، النائب الدكتور عبد الرحمن البزري في حديث خاص لـ “الديار”، جدري القردة بأنّه مرض فيروسي ينتقل من الحيوانات إلى البشر، وقد اكتسب اسمه من اكتشافه الأول في مستعمرات القردة عام 1958. على الرغم من أنه انتشر بين البشر منذ عام 1970، إلا أنه لا ينتقل بسهولة بين الأفراد وعادة ما يشفى المصابون منه تلقائيًا خلال أسابيع. ومع ذلك، قد يعاني الأطفال حديثي الولادة والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة من مضاعفات خطيرة، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. هذا وتبدأ أعراض جدري القردة عادةً بالظهور على شكل حمى مرتفعة وصداع وآلام في العضلات والمفاصل، وقد يشعر المصاب بآلام في الظهر وتورم في الغدد الليمفاوية، بالإضافة إلى الشعور بالإرهاق العام ونقص الطاقة.
كيفية إنتقال الفيروس
بحسب البزري، تظهر أعراض جدري القردة عادةً بعد فترة حضانة تتراوح بين خمسة وعشرين يوماً من التعرض للفيروس، وقد تستمر هذه الأعراض لمدة تصل إلى أربعة أسابيع. ينتقل الفيروس المسبب للمرض من الحيوانات إلى البشر عن طريق التلامس المباشر مع سوائل الجسم أو الآفات الجلدية للحيوانات المصابة، أو عن طريق تناول اللحوم غير المطهية جيدًا.
يحدث انتقال عدوى جدري القردة بشكل رئيسي من خلال الاتصال الجسدي الوثيق مع الأشخاص المصابين، حيث ينتشر الفيروس عن طريق ملامسة الطفح الجلدي أو سوائل الجسم. كما يمكن أيضًا أن ينتقل الفيروس من الأم الحامل إلى الجنين، أو من خلال التلامس المباشر بين المولود الجديد والوالد المصاب.
إلى ذلك، رصدت السويد أول إصابة خارج أفريقيا بالسلالة الجديدة من جدري القردة الذي أعلنته منظمة الصحة العالمية “طارئة صحية عالمية”.
هل من إصابات حالياً في لبنان؟
حذّر أخصائي الامراض المعدية من تفشي سريع لـ”جدري القردة” بطفرات جديدة، مشيراً إلى أنها قد تؤدي إلى الوفاة. وكشف عن تسجيل 30 حالة إصابة بـ”جدري القردة” في أوائل عام 2022، مؤكداً أن العدوى تنتقل بشكل رئيسي عبر العلاقات الحميمة. ولفت إلى أن الاصابات تحتاج لثلاثة اسابيع للتعافي التام.
وفيما يتعلق بالجهوزية الطبية في لبنان لمواجهة هذا الوباء، أكد “البزري” أنه لا يوجد حاليًا دواء محدد لعلاج جدري القردة، وأن العلاج يركز على تخفيف الأعراض. كما شدد على أهمية يقظة الأطباء والممرضين في الخطوط الأمامية، والعمل على عزل الحالات المصابة بسرعة لمنع انتشار العدوى.
خطوات وقائية
– تجنب الاتصال بالأشخاص المشتبه بإصابتهم أو المؤكد إصابتهم بجدري القردة.
– نظّف يديك بانتظام باستخدام الماء والصابون أو معقم كحولي، خاصة بعد ملامسة الشخص المصاب أو ملابسه، أغطية السرير، المناشف، أو الأشياء والأسطح الأخرى التي قد تكون لامست طفح جلدي أو إفرازات تنفسية، مثل الأواني والأطباق.
– ارتدِ الكمامة، خصوصًا إذا كان المصاب يسعل أو لديه تقرحات في الفم.
– تجنب ملامسة الحيوانات المصابة سواء كانت حية أو ميتة أو أي أدوات خاصة بها.
– اغسل ملابس المصاب، المناشف، أغطية السرير، وأدوات الأكل بالماء الدافئ والمنظفات. قم بتنظيف وتعقيم أي أسطح ملوثة وتخلص من النفايات الملوثة، مثل الضمادات، بشكل سليم.
– تأكد من طهي اللحوم جيدًا قبل تناولها.
– إذا كنت بحاجة للتواصل الجسدي مع شخص مصاب بجدري القردة، سواء كنت عاملًا صحيًا أو تعيش مع الشخص المصاب، شجعه على العزل وتغطية أي آفة جلدية إن أمكن، على سبيل المثال بارتداء ملابس تغطي الطفح الجلدي.