تنصل رسمي «مُخجل» بعد ضغوط أميركية… “الحــ زب”: بكاؤون يُقدمون «السمع والطاعة»

Share to:

الديار – ابراهيم ناصر الدين

لم يبال احد في كيان العدو الاسرائيلي بتصريحات وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب «المخجلة» بعد لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي حول اعتباره اطلاق حزب الله 3مسيرات باتجاه حقل «كاريش» «عملا غير مقبول». فالقيادة الامنية والسياسية والعسكرية تدرك جيدا ان التفاوض الحقيقي بات منذ انطلاقة هذه المسيرات تحت سقف «الخطوط الحمراء» التي رسمتها المقاومة. كما تدرك جيدا ان الموقف الرسمي اللبناني لا يقدم او يؤخر في تغيير الوقائع على الارض لانه جاء بضغط اميركي مباشر طالبت به «اسرائيل»، لكنه يبقى «حبرا على ورق» لان المفاوض اللبناني بات واقعيا يستند الى قوة رادعة اثبتت ميدانيا انها لن تتوانى عن التحرك اذا اقتضت «المصلحة» ذلك. ولذلك يركز الاسرائيلي اهتمامه على فهم حقيقة «رسائل» الحزب وفتح تحقيقا في اسباب الاخفاق في التعامل مع «المسيرات».

وكما لم تبال اسرائيل بالموقف الرسمي الذي صدر بعد تدخل مباشر من السفيرة الاميركية في بيروت دورثي شيا التي طالبت الحكومة باعلان موقف «ادانة» تحت التهديد بوقف «الوساطة»، فان حزب الله تجاهله حتى مساء امس، واكتفى «برسالة» «نارية» عبر مقدمة نشرة» قناة المنار» اشار فيها الى ان ما صدر من موقف رسمي هو وقوف على خاطر الاميركيين،واصفا من اطلق الموقف بانهم» بكاؤون تقف حدود قدرتهم على قراءة بيان استجابة لهذه الضغوط، لافتا الى ان هؤلاء يرضخون لحصار واشنطن ويقدمون «السمع والطاعة» للأميركي». هذا على الحدود، اما في الداخل، اعلان عن خطة «واعدة» لاعادة النازحين السوريين، اما حكوميا، فلا جديد،وهو واقع مرجح ان يبقى حتى نهاية العهد وسط معارك سياسية واعلامية طاحنة «مثيرة للغثيان» بين التيار الوطني الحر ورئيس الحكومة المكلف فيما الدولة تواصل الانحلال، والوضع الاقتصادي من «سيىء الى اسوأ» على كافة الاصعدة على الرغم من «التهليل» لسياحة تنتهي بعد اقل من شهرين، دون ان يكون لها الاثر الايجابي المطلوب لانقاذ بلد يعاني من خلل اقتصادي بنيوي. 

«عبارة» تزعج حزب الله 

ووفقا لاوساط معنية بالملف، لم يكن موقف وزير الخارجية عبدالله بوحبيب بعد لقائه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي حول «المسيرات» مفاجئا لاحد. فبعد ساعات على «رسالة» المقاومة انطلقت حملة ضغوط اميركية هائلة على الجانب اللبناني لاصدار موقف من الحدث، رافقته حملة اعلامية وسياسية من قبل فريق واشنطن السياسي والاعلامي في بيروت.ووفقا لمعلومات «الديار» لا يرغب حزب الله بالدخول بسجالات داخلية حول حدث استراتيجي على مستوى حماية ثروات لبنان الطبيعية، لكن «عبارة» التحلي بالمسؤولية الوطنية التي وردت في البيان لم تكن «موفقة» وغير «مقبولة» مهما كانت الدوافع وراء الرضوخ للضغط الاميركي، لان المقاومة بما فعلته كان قمة المسؤولية الوطنية لتصويب الكثير من الاخطاء التي حصلت خلال عملية التفاوض الاخيرة، وهو ما دفع الحزب هذه المرة ليكون متقدما على الدولة في موقفها، وليس وراءها، والان بات على «الطاولة» «ورقة قوة» قابلة للاستخدام من قبل كل وطني وحريص على الحقوق الوطنية. واذا كانت عملية التفاوض عبر «الوساطة» الاميركية تسير بإيجابية كما يروج له البعض، فما الذي تغير الان بعد «الرسالة» الميدانية؟ «المسيرات» لا تعطل التفاوض بل تمنحه دفعة الى الامام ولا تسمح للعدو وللأميركيين بالمماطلة او التعامل مع الموقف اللبناني من موقع ضعف. ولهذا لا يبالي حزب الله كثيرا بما صدر لانه لن يغير من الواقع شيئا. 

عون كان يعلم؟ 

ووفقا لمعلومات»الديار»، كما لم تتفاجأ اسرائيل بخطوة حزب الله، فان رئيس الجمهورية ميشال عون ومعه الفريق المفاوض باسمه كانوا على معرفة «ضمنية» بان حزب الله سيتحرك منذ خروج الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن «صمته» واضعا معادلة وقف العمل في «كاريش» حتى تنتهي المفاوضات. لكن بقي التوقيت في جعبة المقاومة التي وجدت بحسابات دقيقة ان الوقت مناسب لايصال «الرسالة» قبيل ايام من وصول الرئيس الاميركي جو بايدن الى المنطقة،وفي فترة انتقالية تمر بها «اسرائيل». وهو يدرك ان خيارات اسرائيل ضيقة «واحلاها مر»، واذا كان يستعد للاسوأ الا انه يعرف بان العدو ليس جاهزا لاي حرب ستكون نتائجها كارثية. 

موقف لا يمثل كامل الحكومة! 

ووفقا لمصادر مطلعة، فان الموقف الرسمي اللبناني لا يمثل كامل اعضاء الحكومة، الا ان التخريجة جاءت مناسبة للجميع في ظل مرحلة تصريف الاعمال وانقذت البلاد من خضة سياسية بغنى عنها. واذا كان حزب الله يشكو ضعف الموقف الرسمي ولا يتفهم على الاطلاق هذا «الرضوخ» للابتزاز الاميركي، الا انه اعاد الاعتبار مرة جديدة لمكامن القوة التي حاولت اسرائيل تجاهلها، واليوم بات بين يدي رئيس الجمهورية ميشال عون «عصا غليظة» يمكنه من خلالها اعادة تصويب الإخفاقات المتعددة في ادارة هذا الملف، ولا حجة الان لدى المفاوض اللبناني لتقديم المزيد من التنازلات. وهذا جزء اساسي من «رسالة» حزب الله الى الداخل حاول الكثيرون طمسها خلال اليومين الماضيين. 

وكان بوحبيب اعلن أن أي عمل خارج إطار المفاوضات الجارية بوساطة أميركية لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل يعدّ «غير مقبول» واعتبر ان أي عمل خارج إطار مسؤولية الدولة والسياق الدبلوماسي الذي تجري المفاوضات في إطاره، غير مقبول ويعرضه لمخاطر هو في غنى عنها. وشدد على أن المفاوضات الجارية بمساعي الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين «قد بلغت مراحل متقدمة»، داعياً الأطراف كافة إلى التحلي بروح المسؤولية الوطنية العالية والالتزام بما سبق وأعلن بأن الجميع من دون استثناء هم وراء الدولة في عملية التفاوض! 

«تخبط اسرائيلي» 

هذا الموقف تلقفته «القوات اللبنانية» «بسذاجة» حين اعتبرت انه حتى الحكومات المحسوبة على حزب الله لم تعد قادرة على التستر على أعماله وخلفيات هذه الأعمال، لكن صحيفة «يديعوت احرنوت» كشفت بوضوح عن الضغوط الاميركية على الحكومة اللبنانية، فقد اعتبرت انه ما كان ينبغي لمحاولة حزب الله إرسال ثلاث مسيرات نحو « كاريش» أن تكون مفاجئة. فالخلفية العامة هي الخلاف بين «إسرائيل» ولبنان على الحدود البحرية بينهما. وقالت ان ينبغي الافتراض بأنها لن تكون العملية الأخيرة في هذا الاتجاه وعلى الجيش الإسرائيلي ان يكون مستعداً، لكن «بيت القصيد» خلصت اليه الصحيفة بالقول» يجب إقناع الرئيس بايدن الذي يصل قريباً إلى إسرائيل، بمزيد من الضغط على حكومة لبنان للقبول بترسيم الحدود البحرية لـ»سحب البساط» من تحت أقدام حزب الله. الوضع الاقتصادي اليائس في لبنان يسمح للأميركيين بالتأكيد بعمل ذلك. حسب تعبير «يديعوت احرنوت». وفي موقف يعبر عن «التخبط» الاسرائيلي، لجات اسرائيل للشكوى لدى الاميركيين، ونقلت احتجاجا رسميا لواشنطن، واقر مسؤولوها ان السيد نصرالله فاجأ الاسرائيليين في اليوم الاول لحكومة لابيد، اما التحدي فيرتبط بكيفية مواجهة حزب الله دون الذهاب الى مواجهة شاملة. وفيما اكدت تقارير اعلامية ان اسقاط «المسيرات «معقد جدا كشفت ان حزب الله يمتلك طائرات لمديات طويلة ومنها تصل الى 1700 كيلومترا وهي تحمل 8 صواريخ ويمكنها البقاء في الجو 24 ساعة. وسط تساؤلات عما اذا كان الحزب اراد اختبار الانظمة الجوية الاسرائيلية؟ 

فشل اسقاط «المسيرات»؟ 

وبعد ساعات من الاحتفالات «الجوفاء باسقاط «المسيرات، نقل موقع «والاه» الاسرائيلي امس عن مصادر وازنة جدًا في المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة، ان سلاح الجو الإسرائيليّ فشل في إسقاط طائرتين من بين ثلاث طائرات مسيرة .وبحسب التقرير، الذي أعدّه محلل الشؤون العسكريّة والأمنيّة في الموقع، أمير بوحبوط، واجّه طيارون إسرائيليون صعوبة في إسقاط طائرتي حزب الله المسيرتين، وفقًا لتحقيق داخليّ يقوم بإجرائه الجيش الاسرائيلي..ووفقا للتحقيق العسكريّ الاولي فأن طائرتين مقاتلتين من سلاح الجوّ قامت بإطلاق الصورايخ باتجاه الطائرات دون طيّارٍ، وتمكنت من اعتراض وإسقاط إحداها بواسطة صاروخ، وبعد ذلك واجه الطيارون الإسرائيليون صعوبة في متابعة مسيرة المسيرة الثانية، وعندما جرى إطلاق صاروخ نحوها أخطأها ولم يصبها. واكد  التحقيق العسكريّ أنّ الطيارين الإسرائيليين أخفقوا في رصد الطائرة المسيرة الثالثة، وذلك بسبب تحليقها على ارتفاع منخفض، وعقب ذلك تقرر في قيادة المنطقة الشماليّة بعد مشاوراتٍ بين كبار القادة أنْ تقوم بارجة صواريخ بالمهمّة، بعدها تمكّنت البارجة من تحديد موقعها، وأطلقت نحوها صاروخْين اثنيْن من طراز (باراك)، وهي المنظومة الجديدة التي تُعوّل عليها إسرائيل لصدّ هذا النوع من الهجوم. 

حزب الله لم يعد محايدا 

وفيما لا تزال القضيّة برّمتها قيد التحقيق نقل بوحبوط عن مصادر اسرائيلية مطلعة قولها «انّه صحيح تمّ بنجاح اعتراض وإسقاط الطائرات بدون طيّار لكن في المقابل فان المنظومة الأمنيّة الإسرائيليّة حصلت على نموذجٍ واضحٍ وجليٍّ حول قدرة حزب الله، وادركت انه لن يتخّذ جانب الحياد خلال المفاوضات بين لبنان وإسرائيل على ترسيم الحدود المائيّة». 

تشكيك بمنظومة «باراك» 

ووفقا للكاتب، فان ما حصل يُلزِم الجيش مُجددًا بإعادة تقييم سياسته في كلّ ما يتعلّق بالمجال المائيّ مع لبنان، واضاف: منظومة صواريخ (باراك) تمكّنت السبت من اجتياز التحدّي الأوّل لها، أيْ المُسيّرات التي أرسلها حزب الله، لكن الطائرات بدون طيّارٍ تطير بسرعةٍ بطيئةٍ ويبقى السؤال، هل هذه المنظومة قادرة على التعامل مع التهديد الحقيقيّ، والذي يتمثّل بصواريخ (ياخونت) المتطوّرة والمُتقدّمة، التي يمتلكها حزب الله؟. 

Exit mobile version