لا تزال ترددات الجلسة الإنتخابية الأولى لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، تتراوح ما بين القراءات الإيجابية والإستنتاجات السلبية ، لجهة التباعد الكبير الذي برز تحت قبّة البرلمان في هذه الجلسة، وذلك بمعزلٍ عن كل المبادرات التي انطلقت في الاسابيع الماضية تحت عنوان الإستحقاق الرئاسي والعمل على إجراء الإنتخابات في موعدها الدستوري.
وتلاحظ أوساط نيابية في كتلةٍ بارزة أن ما شهدته الجلسة، كان بالدرجة الأولى، عرضاً لموازين القوى النيابية وللمعادلة السياسية داخل المجلس والتي لا تزال في مرحلة العجز عن التوصل إلى أية بنود مشتركة أو حتى تقاطعات خصوصاً على مستوى ما كان قد أُعلن سابقاً من مبادرات وحراك لمقاربة الإستحقاق الرئاسي، بعيداً عن أي تحدي بين الكتل النيابية كافةً.
ومن هنا، فإن المسار لا يزال في بدايته، والأمور كما المبادرات والإتصالات والمشاورات، قد عادت إلى المربع الأول، خصوصاً وأن الرهانات السابقة قد سقطت كلها مع نهاية الجلسة النيابية على حد قول الأوساط النيابية نفسها، ولم يعد مطروحاً اليوم على طاولة النقاش في هذا الإستحقاق، أيّ تلاقٍ بين أي فريق وحتى داخل فريق “الورقة البيضاء” والذي لن يبقى على موقفه الموحد في انطلاق العملية الإنتخابية، وذلك في الجلسات النيابية المقبلة. وبالتالي، فإن الأجندة التي ظهرت لدى القوى الثلاث الممسكة بالإتجاهات الإنتخابية داخل المجلس، هي أجندات متناقضة، وفق الأوساط نفسها، لأنه من المعلوم أن هناك استحالة وفي ظلّ التباينات الجذرية بين بعض الأحزاب والكتل ولو ضمن الصف الواحد، أن يبادر مرشّحٌ محتمل إلى التصويت لمنافسه، وبغض النظر عن الشعارات التي تُطلق منذ بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية، وهذا الواقع سوف يعيق التقدّم في اتجاه التوصل إلى تسوية خصوصاً بين الكتل التي تحاشت إظهار موقفها والتصويت لأي مرشّح يوم الخميس الماضي.
وانطلاقاً ممّا تقدم، تلاحظ الأوساط النيابية نفسها، أن الجلسة النيابية الأخيرة، هي بمثابة المقدمة للجلسة الإنتخابية المقبلة والتي لن تتأخر وفق معلوماتها، بحيث قد يدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري النواب مجدداً في منتصف شهر تشرين الأول الجاري، ولكن من دون أن يعني هذا الموعد أن التسوية الرئاسية ستكون جاهزة في هذا التوقيت، كون المعايير التي ستجري على أساسها التحالفات والتكتلات داخل المجلس النيابي، لم تزل غير واضحة بكل وجوهها، ولذا لا يمكن الحديث عن توافقٍ مرتقب بين “التغييريين” والكتل النيابية المعارضة، أو بين “قدامى المستقبل” وتكتل “لبنان القوي” أو بين هذا الأخير وكتلة “التحرير والتنمية” أو “المردة”.
وتضيف الأوساط، أن عدم تصويت نواب الشمال بالورقة البيضاء على سبيل المثال، لا ينطلق من دعمهم لأي مرشّح مطروح حالياً لرئاسة الجمهورية، كما أن انخراط “لبنان القوي” مع “المردة” في التصويت بورقةٍ بيضاء، لا يعني أن الفريقين، سيحافظان على هذه الوتيرة من التنسيق مع حلفائهما المشتركين في الجلسات المقبلة. وعليه، فإن النقاط التي تحققت في جلسة الإنتخاب، لن تبقى على ثباتها بالنسبة لأي من المرشحين وخلط الأوراق سيبدأ قريباً ومعه ستتبدل النقاط أيضاً.