تفاهم أميركي – سعودي- إيراني حول لبنان؟

Share to:

الديار – نبيه البرجي

لنتفاءل بعض الشيء ونتساءل أي معجزة هبطت علينا، ومن أي مكان، وأبواب السماء موصدة في وجهنا، ليحدث الافتراق الدراماتيكي بين النظرة الأميركية والنظرة «الاسرائيلية» الى لبنان؟ من التناغم الى التناقض كمسألة طبيعية بين الدول. عندنا كعرب، الافتراق حتى حول ناقة يعود جدلياً الى ثقافة أهلنا في داحس والغبراء..

المشهد هكذا. «الاسرائيليون»، ومعهم «اللوبي الاسرائيلي» في لبنان، اضافة الى بعض العرب، يراهنون على الفوضى السياسية والفوضى الدستورية، التي تستتبع تلقائياً، الفوضى الأمنية، ما يفضي الى الانفجار الداخلي الذي اذ يستنزف أطرافاً بعينها، يشق الطريق الى لبنان الآخر، والالتحاق بالقافلة التي تقودها عصا ابراهيم…

الأميركيون الذين يخوضون صراعاً هائلاً حول قيادة العالم ، هم ضد الانفجار في أي مكان (وهنا الخط الأزرق) من الشرق الأوسط، بالنظر لتداعيات ذلك على بلدان أخرى في منطقة هي خزان النفط والغاز الضروريين جداً كورقة مؤثرة في مسار الصراع.

من هنا اتجاه ادارة جو بايدن للحيلولة دون وصول الانهيار الاقتصادي في لبنان الى حد زوال الدولة. اذاً، الضوء الأخضر لاستيراد الفيول أويل الايراني بشروط جاذبة، مع المشاركة الفاعلة والمباشرة، في ايجاد حل جذري لمشكلة الكهرباء كونها أحد القطاعات الكبرى التي تمسك بها مافيات الخراب في البلاد.

أيضاً، وفي ذروة انهماك وزارة الطاقة الأميركية في معالجة الأوضاع الكارثية في أوروبا بسبب انقطاع الغاز الروسي، نرى آموس هوكشتاين، الذي آخر ما كان يعنيه (ويعني «الاسرائيليين») ملف الغاز اللبناني، يكرس الكثير من وقته ومن امكاناته الديبلوماسية، لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و»اسرائيل»، بعدما كان ذلك مؤجلاً ـ على الأقل ـ الى ما بعد انتخابات «الكنيست»، والى ما بعد ولاية الرئيس ميشال عون الذي يراهن البعض على خروجه عارياً وحافياً من قصر بعبدا…

ثم ان المعجزة لامست أيضاً الملف الحكومي. فجأة الانتقال من التشاؤم التام الى التفاؤل التام، لنكون أمام عملية تعويم الحكومة المستقيلة، بتعديل طفيف فرضه خروج الأمير طلال ارسلان من المعادلة السياسية الحالية، على أن يحصل التعويم لدى العودة المظفرة للرئيس نجيب ميقاتي من حفل تشييع صاحبة الجلالة، وحضور الكرنفال الأممي في نيويورك.

كيف تمكّن الرئيس المكلف، وبقدرة قادر، من فرض وجهة نظره؟ تابعوا تسلسل وترابط الأحداث. الأهم ما قامت به وما قالته جهة فاعلة تقف ضد الفوضى المبرمجة، وضد السيناريو الذي وُضع كرد على أي خطأ يرتكبه الجنرال قبيل مغادرته القصر!

وسط هذا المناخ، وبعدما بدا أن البلاط السعودي، ولغرض ما، في حال القطيعة مع الأزمة التي يدرك أنها تضع لبنان في الطريق الى الهاوية، نرى السفير وليد البخاري ينشط على المستويات السياسية والطائفية بحثاً عن دور، وبعدما تناهت الى البلاط معلومات حول تفاهم ما بين واشنطن (بالنزعة البراغماتية) وطهران (بالنزعة الايديولوجية) حول ادارة الساحة اللبنانية.

هذا ما يثير قلق المملكة. طغيان الدور الايراني في لبنان وتأثير ذلك على المسار الجيوسياسي لمنطقة تدور داخل كل الاحتمالات بانتظار أن يتبلور المشهد الدولي.

لا أحد يعترض على الدور السعودي. العودة العربية أكثر من ضرورية الى لبنان، كبلد عربي يعيش كارثة اقتصادية ومالية، في حين ترفل بلدان شقيقة بثراء اسطوري، وببذخ يفوق بذخ ألف ليلة وليلة…

لا ريب أن باستطاعة السعودية عرقلة او تعطيل أي مسار للحل في لبنان. لديها أوراقها ولديها رجالها ولديها أموالها، بوجود الموزاييك النيابي الحالي، وحيث لا أكثرية ميكانيكية بل توازنات هشة وملتبسة.

والحال هذه، هل من امكانية لتفاهم ثلاثي أميركي ـ سعودي ـ ايراني على الأرض اللبنانية، حتى وان كان هذا التفاهم قائماً على ظروف أو على مصالح آنية، يمكن أن تتغير او أن تتبعثر في أي لحظة؟

ولكن، ان حصل، يكون التفاهم المثالي في بلد كل شيء فيه، ومنذ القرن التاسع عشر، وربما منذ قرون، يدار بأيد خارجية. ماذا عن الأيدي الداخلية؟ اسألوا الأخوين رحباني، وتذكروا نصري وسبع ومخول…

Exit mobile version