تعقيدات داخلية وإقليمية تُذكِّر بسيناريو انتخاب عون!

Share to:

المصدر: اللواء

على طريقة الدعوة التي أطلقها مجلس البطاركة والأساقفة في لبنان في دورته السنوية الـ55 الى «تنقية الذاكرة»، تكشفت المواقف المعلنة، سواء بطريقة مباشرة أو خلف الكواليس عن أن الزمن القريب، مرشح لأن يتكرر، من دون أن يكون معروفاً ما إذا كانت على شكل مأساة أو مهزلة، في ما خص مقاربة الملف الرئاسي.

فإن من الثابت حسب مصادر المعلومات المتقاطعة أن ما قبل جلسة الخميس الماضي، ليس كما قبلها، في ضوء مؤشرات ثلاثة: 1- توجه مجموعة من الكتل المسيحية لمقاطعة جلسات التشريع، استناداً الى المادة 75/د، إذ مع تحوّل المجلس الى «هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية، يترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة من دون مناقشة او اي عمل آخر». 2- احتدام الجدل حول تفسير المادة 49 من الدستور، وبالتالي منطقة الفراغ بين الجلسات، وما إذا كانت الجلسة ستستمر أو تتوقف، بصرف النظر عن الحاجة الى دورة الـ65 نائباً أو الأغلبية لفوز المرشح في الدورة الثانية. 3- إعلان حزب الله على لسان أمينه العام السيد حسن نصر الله ما يقبله، وما يمكن أن يتفهمه في ما خص رئيس الجمهورية الجديد.

فنصر الله قال صراحة: «ينظر حزب الله لإنهاء الفراغ الرئاسي بأهمية عالية، ولكن ليس كيفما كان أو بأي كان، فهذا استهانة بموقع الرئاسة».

ونظرة الحزب الى الرئيس – كما قال نصر الله – أن يكون مطمئناً للمقاومة، شجاعاً، لا يُشترى ولا يُباع، يقدم المصلحة الوطنية على التهديدات والإغراءات.

وأضاف نصر الله: لا تريد المقاومة رئيس جمهورية يحميها، فهي قادرة على حماية نفسها، وإنما رئيساً لا يخونها ولا يغدر بها ولا يطعنها بالظهر».

وعليه أوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ»اللواء» أن جلسات الانتخاب التي باتت شبه دورية قد تتحول إلى مادة سجال انطلاقا من الانقسام النيابي الحاد حول النصاب بالورقة البيضاء وغيرها.

ولفتت هذه المصادر إلى أنه من غير المعروف ما إذا كانت الكتل النيابية ستعتمد تكتيكا جديدا في جلسات الانتخاب ام لا، علما ان ما من أفكار جديدة بعد لمحاولة تجاوز المشهد الأنتخابي الذي يتكرر أسبوعيا من دون نتيجة، معتبرة ان المجلس النيابي مدعو إلى ممارسة مسؤولياته في ملف الأستحقاق الرئاسي، وذلك يعني الإبقاء على دعوات الأنتخاب قائمة إلا إذا حصل أمر ما ليس في الحسبان.

وفي الإطار، أشارت مصادر دبلوماسية الى تعقيدات داخلية في ما يخص التباعد والتناحر بين الكتل، وأخرى اقليمية لجهة استمرار التباعد بين القوى الاقليمية عربية وغير عربية في ما خص قضايا المنطقة، والتدخلات الايرانية غير المشروعة في الأوضاع الداخلية العربية، من شأنها أن تطيل فترة الشغور الرئاسي.

وتخوفت المصادر من أن يكون تحالف حزب الله – التيار الوطني الحر، يعتمد تكتيك السيناريو الذي مدد للفراغ أكثر من سنتين، قبل انتخاب العماد ميشال عون.

واعتبرت مصادر سياسية المواقف الاخيرة لنصرالله، بانها تصب في خانة تحقيق هدفين اساسيين، الاول استكمال امتصاص النقمة التي خلفها اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل على الحزب، والتهرب من الاتهامات التي لاحقته من كل حدب وصوب، بانصياعه لتفاهم اميركي ايراني، استوجب التعاطي بايجابية مع المفاوضات الجارية، وإزالة كل الاعتراضات على الاتفاق الذي شابته ثغرات وتنازلات غير محسوبة ،واستبدال التهديد بالحرب بالصمت المطبق، وهو ماحصل بالضبط، من دون زيادة او نقصان

وقالت المصادر انه برغم بعض الانتقادات الخجولة والعامة للجانب الاميركي، لم يستطع نصرالله تحييد الحزب عن هندسة واخراج اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، من وراء الكواليس، لان الوقائع اعطت دلالة واضحة على الدور الايجابي ألذي لعبه الحزب لإتمام الاتفاق، علما ان التلطي وراء قرار الدولة اللبنانية، لم يخف مسؤولية الحزب بانجازه.

اما الهدف الثاني والاساس في مواقف نصرالله،فهو تحديد موقف الحزب من الاستحقاق الرئاسي، ودعوة المعارضين للتفاهم مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري على رئيس توافقي مقبول من معظم الاطراف، ملمحا برفض الحزب الموافقة على انتخاب رئيس جديد للجمهورية خارج ما يطرحه الحزب هذ الخصوص.

اما في ما خص المواصفات التي يراها الحزب بالمرشح الرئاسي، اعتبر نصرالله نموذج الرئيسين ميشال عون واميل لحود، بانهما يجسدان مايتطلع اليه الحزب بالرئيس المقبل، بالرغم من كل المساوىء والارتكابات التي سادت العهدين المشؤومين، ان كان بتغطية جرائم الاغتيال التي نفذها الحزب، ضد رموز وشخصيات وطنية وحزبية بارزة، أو بتهديم مؤسسات الدولة اللبنانية كما حصل بنهاية العهد العوني.

ولكن بالرغم من التمثل بعهدي لحود وعون، ارسل نصرالله اشارات إيجابية تجاه قائد الجيش العماد جوزيف عون من دون أن يسميه، ولكنه ارفق هذه الاشارات بما يشبه الحصول على تعهدات او ضمانات، يسعى الحزب للحصول عليها بخصوص سلاح الحزب، قبل اعلان موافقته النهائية على دعم ترشيح قائد الجيش للرئاسة.

وهكذا، فرضت وقائع الجلسات الخمس المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية ضرورة اعادة النظر بكل الثغرات التي ادت الى سوء تفسير أو التباس اوغموض في بنود دستور الطائف لا سيما نصاب انتخاب الرئيس وحضور الجلسة، عداعن ضرورة وضع حد او اسس لموضوع توفير نصاب انتخاب الرئيس وتوضيح المادة 49 والمواد الاخرى المتعلقة بالموضوع. وهو امر دعا احد نواب التغيير الى القول لـ«اللواء»: اذا بقينا على هذه الحالة من الانقسام بين الكتل وحتى بين الكتلة الواحدة، وعدم الاتفاق على تسمية مرشح وعدم طرح بعض الاطراف اسم اي مرشح، لا ارى رئيسا للبلاد قبل بداية العام المقبل. وهو موقف تقاطع مع رأي مرشح للرئاسة ما زال في الظل، قال لـ«اللواء» ايضاً: ان لا رئيس للجمهورية قبل نهاية الفصل الاول من العام المقبل.

وحسب المعلومات المتوافرة، فقد بدأ البحث الجدي بين بعض اطراف المعارضة النيابية والسعي عبر القنوات النيابية والدستورية من اجل توضيح المادة 49 ، عدا عن موقف هذه الاطراف بعدم المشاركة في اي جلسة تشريعية في ظل الشغور الرئاسي كون المجلس بات في حكم انعقاد حكمي لإنتخاب رئيس للجمهورية.

Exit mobile version