تعزيز الصحّة النفسيّة للتلاميذ داخل المدرسة وخارجها من خلال استراتيجيّات بنّاءة ليخوضوا الامتحانات الرسميّة بنجاح

Share to:

الديار – ندى عبد الرزاق

بعد توقف استمر لعدّة أشهر، عادت المدارس الرسمية منقسمة، لفتح أبوابها امام الطلاب، بعد ان قررت الروابط في الثانويات والمدارس والمعاهد فك الاضراب، على ان يبقى في الدوام المسائي الى حين حصول جميع الأساتذة فيه على بدل الإنتاجية.

بالتوازي، رئيس “رابطة التعليم المهني” سايد بو فرنسيس أكد في حديث سابق، “ان المهنيات تشهد تعليما مجتزأً، والمتعاقدون لا يزالون على اضرابهم وهم غير قادرين على العودة بالوعود فقط”.

وسط هذه الضبابية، التلميذ وحده يدفع الثمن باهظا وهو مستقبله. فبعد ان أشرف طلبة المدارس الخاصة على الانتهاء من المنهج، يعاني طلبة الرسمية من القلة في المعلومات التي لم يحصلواعلى سوى 10% وأدنى من المقرر. وعليه، فإن قلق الامتحانات واقع لا محالة والعودة الى المدرسة لم تعد آمنة!

من البديهي ان يؤثر الاضراب في الجانب النفسي للطلاب، وقد يسلك الطلبة سلوكيات سلبية مع اساتذتهم وزملائهم. وقد يجدون صعوبة في التأقلم والفهم وتحصيل الدروس والنشاطات وعسر في حل الوظائف الامر الذي سينعكس سلبا على مستواهم التعليمي.

الطلاب “كبش محرقة”
الظروف القسرية في المدارس لجهة الاضراب جعلت التلامذة غير متكيفين، وتعقدت المشكلات لتصبح أكثر شدّة، ولتتكشف الآثار السلبية والخوف من ضياع السنة، بسبب ما فاتهم من العام، ما قد يؤدي الى التراجع في مهاراتهم التوافقية بأشكالها المتنوعة: النفسية، التربوية وحتى العاطفية، ما ضاعف من عوامل القلق والخوف والاكتئاب الذي سيتسبب بمزيد من العوائق في تنظيم السلوك والتعلم والانخراط لتحصيل ما أمكن.

المربية يمنى تخبر “الديار” ان ” استئناف التدريس عواقبه وخيمة، فالتلامذة يشعرون بالنقص الكبير وعدم التكيف من بعد مرحلة تعطيل كبيرة ، جعلتهم يشعرون وكأنهم في عطلة صيفية ثانية”. وتضيف: “في الواقع يقاسون من القلق والارتباك من عدم الاستيعاب بحيث يوجد ضغط وتكثيف دروس، الى جانب الصعوبة في التعامل والمشاركة ما بين الطلبة والأساتذة وهناك ضعف كبير بينهم بنسبة تفوق الـ 60%”.

وضع استثنائي
في سياق متصل، تقول الاختصاصية النفسية والاجتماعية غنوة يونس لـ “الديار”: ” ما يعيشه الطلبة في لبنان منقطع النظير ومعقد وصعب، كونهم يقبعون في منازلهم اجباراً. في حين ان طلاب الخاصة يكملون تعليمهم بشكل طبيعي، وباتوا على مشارف الانتهاء من الدروس المقررة، ما شكل حالة من الإحباط والقلق والتوتر والاحساس ان المستقبل ضاع لدى طلبة الرسمي. وأكثر من ذلك أصبحوا غير مبالين بكل ما يتلقونه “اونلاين” ، حيث كانت تعمد بعض المدارس الى تذكير طلابها من فترة لأخرى، وهذا عمّق فقدان الحماس والامل وضياع الأهداف لتجاوز المرحلة بنجاح”.

الضغط لن يفيد
وتنصح يونس بعدم اللجوء الى تكثيف الدروس، “كونه سيضاعف من الضغط على التلامذة، خاصة ان الأوضاع الاقتصادية شملتهم من خلال الأحاديث التي ينصتون اليها عن طريق الاهل، ويشعرون بالنقص لعدم تأمين متطلباتهم، ومشكلة الاضراب عززت الكآبة، وما زادها تفاقما هو اعلان ان الامتحانات الرسمية ما زالت في موعدها”. كما تنصح “باعتماد آلية مدروسة ومنظمة لتعويض الطلاب ما فاتهم، لان العشوائية ستكون نتائجها كارثية لعدم قدرتهم على التركيز، الى جانب ما يشعر به هؤلاء من الإحباط واليأس والتوتر، والبعض تنتابه نوبات من البكاء الهستيري والتعب الشديد وضيق التنفس من شدة الخوف من فشل الامتحانات”.

أحلام على “المحك”
وتقول يونس ” ان الشباب أصبحوا بلا حلم وهدف او إصرار. ففي الماضي كان الطالب يتمتع بالاندفاع لينهي مرحلة مدرسية، ويبدأ بفترة جامعية جديدة من خلال تخصص يحلم به ويصبو اليه ، ويكرس قدراته العقلية والفكرية لترجمته على ارض الواقع”. وتشير الى ان فكرة اننا نعيش في لبنان، تسرق المستقبل من هؤلاء وتزيد القلق خاصة لجهة الأقساط، ما ضاعف من الخيبة. كما ان السكة الصحيحة لأكثر من 85% باتت في مهب الريح، والتوتر المفرط سمة مشتركة للجميع.

المرونة النفسية
وتتطرق الى المرونة النفسية فتقول: ” تختلف المرونة بين تلميذ وآخر، وهي من العوامل المؤثرة للتخفيف من القلق الدراسي، والذي بدوره يظهر على طلاب المراحل الثانوية والمتوسطة من النواحي النفسية والاجتماعية والأكاديمية والصحية، وبالتالي كلما كان التلميذ ذا مرونة نفسية استطاع التكيف نفسيا لتخطّي المرحلة بنجاح لتحقيق أهدافه الآتية.

وتشير “الى ان أهمية المرونة النفسية تكمن في دورها الرئيسي للحد من ضغط الاضطرابات النفسية والاجتماعية، ويبقى القلق ملازما طلاب الشهادات الرسمية والثانوية، خاصة من الفشل في تحقيق الأهداف المستقبلية، ويبدأ القلق من هذه الفترة الى جانب الخوف من الرسوب بالامتحانات وضغطه على شخصية الطالب، خاصة ان الأمور ليست في نصابها الطبيعي لوجود قسمين من الطلبة: الاول أنهى المنهج الدراسي المقرر، والثاني لم يحصّل 10% وهو ما سيؤثر في مصير شريحة كبيرة منهم”.

بأقل خسائر
وتؤكد ان الخوف من الامتحانات يحمي الطلبة، كما انه شعور صحي لتقديم أفضل ما لديهم، فهو يبقيهم متيقظين نفسيا وفيزيولوجيا، ويساعدهم على إتمام واجباتهم على أكمل وجه، وتلفت الى بعض الطرق التي تدعم الطلاب وتعزز من أدائهم من خلال المدرسة والأساتذة لتنمية الخصائص والمهارات العقلية والانفعالية والتدريسية، الى جانب بث الطمأنينة والثقة بالنفس المحفّز الاساسي لتخطي العقبات جميعها، من خلال الاقبال على الطلبة بالحنو تارة والقساوة تارة اخرى، الى جانب المعاملة التي يجب ان تتسم بالعدالة والرفق بهم ومساعدة الضعفاء، خاصة ان المرحلة هي فترة استثنائية ومنها:

التعويض
وتقول يونس: على الاهل مساندة أولادهم من خلال التحفيز الكلامي والفعلي، وانه لا شيء مستحيل بالمحاولة والمتابعة والاصرار، ومتابعتهم ساعة بساعة من خلال تكثيف المراجعات ضمن الإطار الطبيعي. الى جانب محاولة الفهم عن طريق اعتماد أسلوب التلخيص واخذ الملاحظات، وبحل تمارين تعود لدورات امتحانات رسمية سابقة.

وتشير الى انه قد يتحسن القلق من الامتحانات بمعرفة حالة الخوف الأساسية التي قد تتداخل، مع القدرة على التعلم او الانتباه او التركيز، على سبيل المثال: فرط النشاط ADHD او عسر الفهم، وفي كلتا الحالتين الطالب الذي يعاني من احدى الصعوبات، يجب اعطاؤه اهتماما أكبر في البيت والمدرسة.

يبقى الدعم هو الأساس ليتجاوز الطلاب هذه المرحلة، ويبدأ من الاهل والمدرسة والزملاء، وقد تكون الكلمة ذات مفعول سحري، تجعل الطالب يلتفت الى دروسه، ويعطي بلا ملل او كلل او خوف من الفشل، والذي هو اول خطوات النجاح.

Exit mobile version