يستمر الترقب الحذر سيد الموقف، متحكما بحركة المشهد السياسي الداخلي الذي يعيش حالة استنفار، رغم الوعود والتطمينات لمعرفة نوعية الضربة “الاسرائيلية” الحتمية المتوقعة وحدودها، وكيفية تعامل حزب الله معها، حيث لا زالت المعطيات السياسية والامنية والديبلوماسية المتوافرة غير كافية، لتحديد طبيعة الردّ واذا كانت سرعة الاتصالات على اعلى المستويات الدولية ستكبح جماح “اسرائيل” ، وتجعلها تلتزم بقواعد الاتصالات الجارية.
ضبابية الموقف عززها امران اساسيان:
– الاول: الدعوات الدولية للرعايا الاجانب لمغادرة لبنان بسرعة، وتعليق شركات طيران عالمية رحلاتها الى مطار بيروت، ليكتمل بذلك مسلسل عزل لبنان عن العالم.
– الثاني: الحديث عن وصول طائرات شحن اميركية عسكرية ضخمة، ناقلة مخزونا كافيا من القذائف والصواريخ اللازمة لانجاز المهمة، وفق ما بينت المواقع المختصة بالرحلات الجوية.
– الثالث: تكثيف الغارات الجوية اليومية.
وبينما لا معطيات بعد لا عن شكل الرد ولا عن توقيته في لعبة “حرق الاعصاب”، تستمر المساعي الدولية لتفادي “الانفجار الكبير” في المنطقة ، ومعها الاتصالات بين العواصم الكبرى، ومعظمها في الكواليس وبعضها يخرج الى الضوء، لدفعِ “اسرائيل” الى “دوزنة” ردها، على ان تنتهي المواجهة العسكرية الى اتفاق امني-سياسي برعاية دولية، حيث علم ان واشنطن طلبت الى “تل ابيب” احالة ملف تحقيق مجدل الشمس الى مجلس الامن.
مصادر دبلوماسية كشفت ان واشنطن تواصلت مع باريس طالبة منها نقل رسالة واضحة لطهران، مفادها ان الولايات المتحدة الاميركية لن تقف مكتوفة الايدي ازاء التصعيد في المنطقة، والذي تقف خلف جزء اساسي منه الجمهورية الاسلامية، خصوصا ان “الاتفاق” الذي ابرم غداة الضربات التي قام بها التحالف مستهدفا مواقع في العراق وسوريا واليمن، وانتهى الى تحييد القواعد العسكرية الاميركية في المنطقة،على خلفية حرب طوفان الاقصى.
وتابعت المصادر ان “الهدنة” غير المعلنة بين طهران وواشنطن سقطت مع عودة القصف شبه اليومي الذي يستهدف القواعد الاميركية في العراق عين الاسد، التي جرى استهدافها باسلحة جديدة منها مسيرات متطورة، ما يعزز فرص التوتر الاقليمي وتطوره، وصولا ربما الى حرب اقليمية كبيرة.
هذا التصعيد الديبلوماسي، برسائل المباشرة وغير المباشرة، واكبته تحركات عسكرية بحرية، فواشنطن حركت مجموعتها البحرية المتواجدة في المتوسط باتجاه السواحل اللبنانية – “الاسرائيلية”، في وقت سرب فيه ان مجموعة “جيرالد فورد” التي انهت صيانتها الدورية باتت جاهزة للتحرك نحو المنطقة، كذلك فان بريطانيا التي عبرت مجموعتها البرمائية، المؤلفة من احدى اكبر سفن الانزال ومدمرتي “شبح”، مضيق جبل الطارق للالتحاق بسفنها الموجودة قبالة قبرص.
تحركات وان عزاها البعض الى ان مهمتها الاساسية اجلاء رعايا تلك الدول، الا ان اوساطا متابعة رأت فيها رسالة ردع لمن يعنيهم الامر، وسط مخاوف غربية جدية من امكان استهداف جزيرة قبرص في حال انهيار الاوضاع، ومن اجل تأمين منصات الغاز في البحر، حيث يتردد ان اسقاط المسيرات التي استهدفت حقل كاريش جاء من قبل السفن الموجودة في البحر.
وختمت المصادر بان ما يبنى على الواقع الذي سوف يتظهر في الاساعات المقبلة ، يتخطى كل الكلام والمواقف والبيانات، وان كانت الاتصالات والمساعي الديبلوماسية نجحت الى حد كبير في ثني “اسرائيل” عن توسيع نطاق الحرب مع لبنان