كأنّ اللبناني لا تكفيه المآسي الناتجة من الانهيار المالي والاقتصادي وحال الفقر المدقِع المنتشرة في المجتمع، حتى تُضاف اليها اليوم تداعيات الحرب الروسية ـ الاوكرانية، التي بدأ يتّضح انها ستكون أقسى وأصعب مما ظَنّه المسؤولون الذين لم يتخذوا اجراءات فعلية، واكتفوا ببيانات اعلامية أشبَه برفع العتب. وما هو واضح حتى اليوم ان اللبنانيين سيواجهون التداعيات الآتية بحسب “الجمهورية”:
اولاً – شح في القمح الذي اذا تأمّن ستكون كلفته اكبر من السابق بنسبة لا تقل عن 50 في المئة. وهذا يعني استنزافاً أسرع لما تبقّى من نقدٍ بالدولار في مصرف لبنان المركزي. واذا أضفنا ارتفاع كلفة الرغيف، فهذا يقود الى القلق حيال أزمة خبز قاسية في الاشهر المقبلة.
ثانيا – ارتفاع اسعار الطاقة في العالم، ووصول سعر البرميل امس الى 120 دولارا، واحتمال استمرار ارتفاعه وصولا الى 150 دولارا أو اكثر وفق تقديرات الخبراء، بما يعني ارتفاع كلفة المعيشة بنسبة كبيرة. واذا كان ذلك صعبا على كل اقتصاديات العالم، فإنّ لبنان صاحب الاقتصاد الهَش والمفلس مالياً سيواجه المواطن فيه كارثة من خلال تراجع قدراته الشرائية بنسبة قد لا تقل عن 30 الى 40 في المئة.
ثالثا – سترتفع فاتورة النقليات، وترتفع اسعار كل السلع، وترتفع الكلفة على دعم الكهرباء، وستزيد فاتورة مولدات الكهرباء بحيث سيصبح المعدل الشهري لفاتورة المولد اكثر من مليوني ليرة، ما يعني حرمان السواد الاعظم من اللبنانيين الكهرباء.
رابعا – سيفقد لبنان بعضاً من الاهتمام الدولي به. ومن البديهي انّ صندوق النقد الدولي ستكون لديه اولويات اخرى تتعلق بدعم اقتصاديات كثير من الدول التي ستتأثر بتداعيات الحرب في اوكرانيا. وبالتالي، سيصبح لبنان مهمّشاً الى حد ما على هذا الصعيد.
في النتيجة، تبدو الايام المقبلة اكثر سواداً من المرحلة السابقة، ولا يبدو انّ الفرج الذي كان ينتظره اللبناني من خلال بدء تنفيذ خطةٍ للتعافي وَشيك، وعليه أن يتحضّر لظروف أقسى قد يواجهها، خصوصاً عندما يصبح متعذراً على مصرف لبنان الاستمرار في تنفيذ خطة دعم الليرة التي بدأها في كانون الاول الماضي، ومستمر فيها بكلفة مرتفعة لا يمكن ان تستمر لوقت طويل.
بدورها، أشارت “الانباء الالكترونية” الى ان مع الارتفاع الذي سجلته أمس أسعار المحروقات في قفزة جنونية زادت قلق اللبنانيين على لقمة عيشهم واحتياجاتهم اليومية التي باتت تعجز الأسر الفقيرة ومتوسطة الدخل عن تأمينها، ثمة خشية اضافية من ان تؤدي الحرب في أوكرانيا التي رفعت سعر برميل النفط، وأسعار القمح والعديد من المنتجات، إلى المزيد من التداعيات السلبية على الواقع اللبناني المأزوم، في وقت تغيب فيه أي إجراءات عملانية لوزارات الطاقة والإقتصاد والزراعة التي من شأنها ان تساهم في الحد من ارتدادات الارتفاع العالمي غير المسبوق في الأسعار.
وانطلاقا من هذه المشهدية السوداوية لتداعيات الحرب الأوكرانية على لبنان، دعت مصادر نقابية عبر “الأنباء” الإلكترونية الحكومة ووزارة الاقتصاد بالتحديد الى “التنبه مما قد يلجأ اليه التجار باستغلال ما يجري في أوكرانيا لزيادة الأسعار. مع الإشارة إلى أن أسعار المواد الغذائية التي ارتفعت بسبب ارتفاع الدولار الى 34 ألفا قبل أشهر قليلة لم تنخفض بعد تراجعه الى 20 ألفا، وهذه مشكلة كبيرة تواجه المواطنين”.
وفي هذا السياق، توقعت مصادر نقابة موزعي المحروقات ارتفاعا إضافيا في أسعار البنزين والمازوت والغاز اذا ما استمرت أسعار النفط في الارتفاع عالميا. ولفتت إلى اجتماع للنقابة سيعقد عصر اليوم في ضوء المستجدات يتقرر خلاله ما إذا كان هناك زيادة جديدة على الأسعار أم لا، متخوفة عبر “الأنباء” الإلكترونية من أن يؤدي ارتفاع صفيحتي البنزين والمازوت والغاز المنزلي الى تضرر قطاعات كبيرة وتوقفها عن العمل، وفي مقدمتها قطاعات النقل العام، وعدم قدرة الموظفين في القطاعين العام والخاص على الإلتحاق بأعمالهم.