لم يحمل إعلان الثنائي الشيعي لمرشحه للإنتخابات الرئاسية “حلا” لأزمة الشغور الرئاسي، بل فتح الباب أمام مزيد من التصلب والتشنج السياسي مع انكشاف المواقف الرافضة لهذا الترشيح مما يثبت نظرية ان الملف الرئاسي لا يزال يقبع في دائرة المراوحة والتعطيل، فالمعارضة لم تعلن مرشحا غير ميشال معوض وبدأت حملة الهجوم على ترشيح فرنجية فيما الثنائي الشيعي متمسك بقوة بمرشحه سليمان فرنجية.
مع ذلك فإن الاتصالات مكملة في المقرات السياسية والدينية ومنها بكركي التي لم توقف محركاتها ومساعيها على الرغم من الإخفاقات التي تتعرض لها محاولات البطريرك بشاره الراعي كل فترة وحيث تأتي من كل الاتجاهات وحتى من المسيحيين أنفسهم فسيد الصرح لم يوفق في جمع الأقطاب الموارنة ولا النواب لإيجاد مخارج للفراغ بعد بسبب الخلافات المسيحية- المسيحية، فالنائب جبران باسيل يضع فيتو رئاسيا لا رجوع عنه على رئيس تيار المردة سليمان فرنجية فيما مواصفات مرشح حزب القوات السيادي لا تنطبق على فرنجية وما يريده جبران باسيل ، وقد اعلنت القوات بلسان النائب جورج عقيص موقفا واضحا بقوله”سنعمل أي شيىء لمنع وصول سليمان فرنجية”.
ومن جهة التيار فظاهر الأمور بخلاف بواطنها، فالتيار لا يبدي مرونة مع الصرح رئاسيا ايضا وتلاقي التيار وبكركي “رئاسيا” غير متوافر بعد على الرغم من محاولات باسيل الإيحاء انه على الموجة نفسها مع بكركي او “تلطيه” بالخلاف مع حزب الله وشعارات تأمين الميثاقية المسيحية لجلسة انتخاب رئيس لكسب ود الصرح، فواقع الحال بين بكركي والتيار يصح وصفه بأنه مقبول بعد كسر الجليد بينهما، لكن الاتفاق في الملف الرئاسي غير متوافر بعد بخلاف تلاقيهما في شأن اجتماع حكومة تصريف الأعمال والجلسات البرلمانية، فالمشترك بين بكركي والتيار كما يقول مصدر مسيحي يتعلق بالميثاقية والمخاوف من فراغ المواقع المارونية في الدولة وقد عبر البطريرك بشارة الراعي عن مخاوفه من مخطط لتفريغ هذه المواقع والسيطرة عليها.
يؤكد مصدر مسيحي ان الخوف الاكبر على المسيحيين اليوم يأتي من المسيحيين أنفسهم بفشل التفاهمات بعد سقوط تفاهم معراب الذي وضع حدا للتشرذم المسيحي فيما صار مؤكدا ان الملف الرئاسي يجمع القوات والتيار بالتصدي ويفرقهما على الزعامة المسيحية، كما ان الوضع المسيحي متأثر بانهيار تفاهمات المسيحيين مع شركائهم في الوطن وهذا يصح على انهيار اتفاق مار مخايل الذي أرسى “الشراكة” الوطنية بين المسيحيين والطائفة الشيعية، اضافة الى التوتر بين المسيحيين والسنة بعد خروج سعد الحريري من السلطة.
وفق مصادر سياسية فان الأنظار متجهة الى نتائج اتصالات المطران بو نجم المكلف من بكركي التواصل مع القيادات المسيحية كما هناك ترقب لعظة الأحد لسيد بكركي خصوصا انها تحصل بعد إعلان الثنائي ترشيحه فرنجية وتعتبر المصادر ان موقف بكركي لن يحيد عن الثوابت نفسها التي يطلقها في عظاته وان الراعي لا يمكن ان يتبنى مرشحا يشكل استفزازا لأي فريق مسيحي بل يتطلع الى تفاهم المسيحيين وان كانت المسألة معقدة وحيث من الصعب تأمين مقاربة مسيحية موحدة حول الملف الرئاسي ومع ذلك فان الأمور قد تجد طريقا الى الحل ، فنجاح اللقاء المسيحي برعاية البطريرك مرتبط بمدى انفتاح القوى المسيحية على البحث في سلة أسماء والموافقة على السير بأحد المرشحين، مع ضرورة ان تتخلى القيادات المسيحية عن خياراتها الرئاسية وتبدي استعدادا للنقاش في المرشح الرئاسي المناسب للمرحلة.
أبواب الصرح كما تؤكد مصادر سياسية ستبقى مفتوحة للراغبين بالتوافق فالراعي لا يدخل في لعبة الاسماء مع أي طرف، فهو التقى السفير السعودي وليد البخاري وجرى البحث في المخاوف من إطالة عمر الفراغ وتمدده الى المؤسسات والدخول في نفق الانهيار السريع بما يتلاقى مع هواجس بكركي من تمدد الشغور الرئاسي الى فراغ شامل مستقبلا وصولا الى إسقاط وضرب المؤسسات .
وفق المصادر سياسية فان البخاري لم يدخل في التسميات ولم يعط أي موقف رسمي رافض لترشيح فرنجية، لكنه حدد الرئيس الإنقاذي والإصلاحي بما يتناغم مع مواصفات الراعي الرئاسية مع تشديد الطرفين على انتخاب رئيس للجمهورية بعيد عن الاصطفافات والأحلاف.
محاولات بكركي لن تتوقف من اجل الوصول الى نقطة تلاق وطني حول الرئيس المقبل مع ان مساعي الصرح اصطدمت بتصلب الأقطاب الموارنة وتمسك كل فريق بموقفه السياسي والسعي لإلغاء الآخر، الأمر الذي انعكس سلبا وأدى الى المزيد من الشرذمات على الساحة المسيحية لكن البطريرك الراعي سيكمل اندفاعته لتأمين أوسع مروحة من التوافق والتلاقي حول الرئيس المقبل.