تخوّف من أن يُشكّل نقل “المونديال” ذريعة لتعويم الحكومة وانعقاد جلسات لمجلس الوزراء

majlis

Share to:

الديار: دوللي بشعلاني

لا يمكن لحكومة تصريف الأعمال الحالية القيام بمهامها إلا بالمعنى الضيّق، على ما ينصّ عليه الدستور، كما لا تستطيع الإجتماع إلا في الحالات الطارئة والإستثنائية على ما درجت العادة. ومن المؤكد أنّ جلساتها التي كانت تعقد بغالبيتها برئاسة رئيس الجمهورية الى جانب رئيس الحكومة، ليس بإمكانها إختزال صلاحيات رئيس البلاد بأي شكل من الأشكال. وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قد أكّد ذلك مراراً مع مغادرة الرئيس العماد ميشال عون قصر بعبدا، وأعلن أنّه لن يدعو مجلس الوزراء الى الإنعقاد إلا للضرورة القصوى، وأنّه سيحتكم الى الدستور لتسيير شؤون البلاد. غير أنّ ما صرّح به يوم الإثنين من السراي الحكومي عن أنّ نقل مباريات كأس العالم يتطلّب انعقاد مجلس الوزراء، وهذا من الصعوبات في الوقت الحاضر، قد أثار خشية لدى البعض من أن يجري اتخاذ تأمين نقل “المونديال” الى اللبنانيين، ذريعة لتعويم الحكومة الحالية ولبدء عقد جلسات لمجلس الوزراء، بهدف تمرير بعض الملفات التي لا علاقة لها بشؤون اللبنانيين.

مصادر سياسية مطلعة رأت بأنّ الإتفاق الذي قام به وزير الإعلام زياد مكاري مع مجموعة Bein Sport قبل بدء كأس العالم، قضى بنقل جميع المباريات عبر تلفزيون لبنان، مقابل دفع ٥ مليون دولار أميركي، أي نصف المبلغ الذي دفعه لبنان في العام 2018. ولأن وزارة الإتصالات هي الجهة المخوّلة دفع هذا المبلغ، لكن لا يمكنها ذلك لعدم اجتماع مجلس الوزراء وعدم امتلاكها أي سند قانوني للدفع، جرى الحديث عن ضرورة اجتماع المجلس لحلّ هذه المشكلة.

وصحيح بأنّ “المونديال” مهم جداً كونه حدثاً رياضياً يجري مرة كل 4 سنوات، على ما أضافت المصادر، غير أن مجلس الوزراء كان لا بدّ أن ينعقد منذ زمن طويل لحلّ أزمة الكهرباء أولاً والتي تشكل حاجة أكثر من ضرورية للبنانيين. غير أنّه بالإمكان حلّ مسألة دفع مبلغ الـ 5 مليون دولار من دون الحاجة الى موافقة مجلس الوزراء، ولا ديوان المحاسبة، ولا وزارة المالية، إذ يستطيع أي متموّل سياسي دفعه للشركة من حسابه الخاص، على أن يستردّه لاحقاً من الحكومة، ما يعني إقراضه للدولة اللبنانية. غير أنّ أي منهم لا يقوم بخطوة مماثلة إرضاء للشعب اللبناني، كونه يخشى من عدم استرداد المبلغ لسبب أو لآخر.

وتقول المصادر السياسية نفسها، بأنّ الشعب اللبناني لم ينتظر القرار الرسمي، وقد تمكّن جزء كبير منه من تدبير أمره في حضور المباريات، إن عبر بعض المحطات التلفزيونية عبر “الدش”، أو بعض التطبيقات عبر “الإنترنت” غير المدفوعة، ولكن يبقى جزء آخر محروماً من متابعتها لعدم توافر الكهرباء أو “الموتور” أو “الدش” الخاص. وثمّة من ذكر أن شركة “سما” قرّرت فجأة اغلاق قناة bein المفتوحة التي ستعرض ٢٢ مباراة في كأس العالم من دون معرفة الأسباب.

في الوقت نفسه، طمأنت المصادر الى أن ميقاتي يصرّ على عدم دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد إلا في حالة الضرورة القصوى، مع اشتراط أوسع غطاء سياسي لانعقاده يتجاوز الوزراء إلى المرجعيات الروحية والقيادات السياسية، وهو ملتزم بهذا الأمر. أما اذا قرّر دعوة المجلس للانعقاد لحلّ مسألة نقل “المونديال”، فستكون دعوة إستثنائية لن يكررها إلا في حال وجود أمر طارىء ما.

كذلك ليس لدى ميقاتي أي نية، على ما ذكرت المصادر عينها، لتعويم الحكومة لأنّه ليس في وارد الدخول في تحدٍّ مع هذا الفريق أو ذاك، لا سيما مع الفريق المسيحي المدافع عن صلاحيات رئيس الجمهورية، وأن ما يهمّه حالياً تدبير أمور اللبنانيين ومطالبهم، وتسيير شؤون الدولة. فهو يعلم تماماً أنّ انعقاد جلسات مجلس الوزراء من شأنها تفعيل عمل الحكومة الحالية، وهذا الأمر قد يدفع البلاد الى المزيد من التوتر والتأزم، ولهذا لن يقوم بمثل هذه الخطوة.

من هنا، فإن الحلّ الأفضل لجميع الأزمات في البلاد، على ما عقّبت المصادر، هو الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية بهدف إعادة الانتظام لعمل المؤسسات الدستورية ولجميع الوزارات، فضلاً عن تشكيل حكومة جديدة إنقاذية وفاعلة كاملة الصلاحيات، بدلاً من حكومة تصريف الأعمال الحالية التي لا يمكنها الحل والربط في المسائل الكبيرة، الأمر الذي يؤدي الى العودة بالبلاد إلى وضعها الطبيعي، على ما يريد الجميع.

Exit mobile version