كتبت وفاء بيضون في “اللواء”: ليس من قبيل الترتيبات الإدارية التي يجريها «البيت الأبيض» لكبار ممثليه وموفديه الدبلوماسيين بين الفترة والأخرى، وإنما يأتي ذلك ضمن خطة تتوزع فيه الأدوار إلى حد تقسيم المهمة بين شخص وآخر، كما حصل مع الموفدين الرئاسيين «مورغان أورتاغوس وتوم برّاك».
تقول المصادر المتابعة: «حين انتدبت الإدارة الأميركية نائبة مسؤول الشؤون الأميركية الخاصة بالشرق الأوسط «مورغان أورتاغوس» رسميا في إدارة ترامب الجديدة، كانت واشنطن تدرك ماذا تفعل وماذا تريد وخاصة من الساحة التي تقلق أميركا، وهي الساحة اللبنانية لشدّة تعقيداتها من جهة، ولقوة أوراقها المتمثلة بتوحيد المواقف بين المقاومة والدولة، ومعهم جزء كبير من الشعب من جهة ثانية».
تتابع المصادر: «إنه في أولى زيارات «أورتاغوس»، أبدت الأخيرة موقفا يحسب عليها وليس معها، عندما مجدّت بما سمته انتصارات الاحتلال وهزيمة المقاومة حسب وصفها؛ إنما كان المقصود الإيحاء بهزيمة لبنان، ليكون التفاوض منطلقا من هذه النقطة حسب «أورتاغوس» أي مفاوضات الضعيف والقوي، ودائما حسب تقدير المبعوثة الأميركية».
ففي الزيارات التي أنجزتها «أورتاغوس» لم تتقدم حلقة التفاوض غير المباشر وفق آلية وقف اطلاق النار وتطبيق القرار 1701 بمندرجاته قيد أنملة، بل على العكس كرّس الاتفاق الأحادي التطبيق هيمنة إسرائيلية بدعم واضح أميركي وتجاوز كل مندرجات القرار الأممي حتى ومن خلال اللجنة العسكرية الخماسية التي ترأستها أميركا».
«أورتاغوس»، وحسب بعض المتابعين، فشلت في تدوير الزوايا كما يُقال، إلّا انها أرست أرضية حاول من خلالها خلفها «توم برّاك»، بدبلوماسيته الناعمة والمتفهّمة حسب وصف المتابعين، أن يكمل المسار الأميركي في تبادل أدوار واضح يختلف بالشكل والأسلوب، ويلتقي بالمضمون وتوخّي النتائج التي ترغبها الإدارة الأميركية، وبعد عدة زيارات له ختم مواقفه بسيل من التحذيرات الأقرب الى التهديد حول تحميل لبنان مسؤولية عدم التقاطه الفرصة. وعليه تحمل تداعيات ذلك في إشارة الى رفع الغطاء المرفوع أصلا عن لبنان وإطلاق يد إسرائيل العدوانية عليه.
تتابع المصادر: «مورغان أورتاغوس تسلّمت مجدّدا ملف لبنان بعد ما أوحى كثيرون انها أُقصيت عنه، لتبدأ الأسئلة حول قراءة أفكار الأخيرة الجديدة وآلية مقاربتها بعد ما بات واضحا الموقف اللبناني من كل الأوراق الأميركية المحمولة عبر الموفدين والملاحظات التي تبنّاها «ثلاثي الرئاسة اللبنانية»، والتي تقاطعت حرفيا مع رغبة كل اللبنانيين ولا سيما انها وضعت أولويات لترتيب المراحل، تبدأ من وقف العدوان والانسحاب من الأراضي التي احتلتها إسرائيل مؤخرا وخاصة النقاط الخمس وتحرير الأسرى، ثم تأتي الأولويات التي تضعها أميركا وإسرائيل في سلم الورقة، علما ان لبنان نفّذ وعلى مدى ثمانية أشهر ما أنيط به جنوب نهر الليطاني ببسط سيادته وسلطته التي ما زالت تعرقل استكمالها الاعتداءات الإسرائيلية».
من هنا يمكن الاستدلال بالاستنباط والتحليل ملامح المرحلة القادمة ولا سيما ان منسوب التهديد مرتفع الى حد كبير، الى حد ان البعض يرى ان كيان الاحتلال سيقوم بتوجيه ضربات عسكرية تساند الهجوم الدبلوماسي الأميركي للوصول الى تحقيق خريطة الأهداف المرجوة إسرائيليا وأميركيا، وطبعا هذا يبقى في تقديرات المحللين؛ إذ انه ليس من المؤكد أن تأتي حسابات الحقل متوافقة مع نتائج البيدر إذا ما قامت إسرائيل بحرب ضد لبنان، أكانت جزئية محدودة الأهداف والأيام، أم شاملة بالمعنى العسكري.
وتختم المصادر بالقول: «ان لبنان الرسمي مدرك لكل هذه الخطوات ومخاطرها وربما خطاب الرئيس «جوزاف عون»، جاء مقاربا لهذه الأجواء من حيث نوايا العدو، وعليه تبقى المرحلة مرتبطة بوجوب تبادل الأدوار بين الدولة و«حزب الله» من جهة، وتوم برّاك ومورغان أورتاغوس «من جهة ثانية».