تحت تأثير «سكرة» الانتصار الانتخابي الذي حصد خلاله الرئيس فلاديمير بوتين 87.28 في المئة من الأصوات، بزيادة 10 نقاط عن العام 2018، وخلال احتفال موسيقي ضخم في مناسبة ذكرى مرور 10 سنوات على ضمّ شبه جزيرة القرم أُقيم في الساحة الحمراء مساء أمس، رحّب «القيصر» وإلى جانبه المرشّحين الثلاثة الذين خاضوا الانتخابات «ضدّه»، بـ»استعادة» الأراضي الأوكرانية التي «أعلنت رغبتها في العودة إلى كنف عائلتها الأصلية»، مدغدغاً مشاعر الروس.
وإذ شكر بوتين أنصاره، قال: «تبيّن أن استعادتها أصعب مِمّا كان متوقعاً، لكنّنا نجحنا في ذلك وهو حدث عظيم في تاريخ دولتنا»، مضيفاً: «يداً بيد سنمضي قدماً وهذا سيجعلنا أقوى… تحيا روسيا!»، فيما أعلنت موسكو في أيلول 2022 ضمّ 4 مناطق أخرى في أوكرانيا تحتلّها جزئيّاً، هي دونيتسك ولوغانسك في الشرق وخيرسون وزابوريجيا في الجنوب.
وكان بوتين قد حذّر خلال خطاب في موسكو مساء الأحد، الغرب، من أن «نشر قوات غربية في أوكرانيا قد يقود العالم إلى شفا حرب عالمية ثالثة»، لكنّه استبعد أن يكون أي أحد له مصلحة في ذلك، مشيراً إلى أن بلاده لن تخضع لـ»الترهيب»، وأن على الجيش أن يكون أقوى. وأوضح أن بلاده ستحتاج إلى التفكير في الطرف الذي يُمكنها إجراء محادثات معه في شأن إمكانية إحلال السلام في أوكرانيا، لافتاً إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «ليس خياراً».
وجعل الكرملين من الانتخابات الرئاسية اقتراعاً مصمّماً خصيصاً لإظهار «ثقة» الروس في رئيسهم، في حين كان خصومه الثلاثة الذين تمّت الموافقة على ترشيحاتهم في الانتخابات، مؤيّدين جميعهم لخطّه، سواء بالنسبة إلى الهجوم على أوكرانيا أو قمع المعارضة. غير أن المعارضة تمكّنت رغم كلّ القمع من إثبات وجودها، بعدما حضر أنصار المُعارض الراحل أليكسي نافالني بأعداد كبيرة في الوقت نفسه ظهر الأحد للتصويت باسمه.
وفيما أشاد الكرملين بفوز بوتين الساحق في الانتخابات الرئاسية، معتبراً أن ذلك دليل على «التفاف» البلاد حول رئيسها، سارع أصدقاء وحلفاء الرئيس الروسي من الصين إلى فنزويلا إلى تهنئته، بينما ندّد القادة الغربيون بانتخابات اعتبروها «غير حرّة» و»غير نزيهة» بعد إقصاء أي وجه معارض من المشاركة في الانتخابات. بالتوازي، دعا ميخائيل خودوركوفسكي، أحد أبرز منتقدي الكرملين، الحكومات الغربية إلى عدم الاعتراف بفوز بوتين في الانتخابات، مؤكداً أن المعارضة متّحدة ضدّه.
في الأثناء، قُتل 4 أشخاص في منطقة بيلغورود الروسية، ما يرفع حصيلة القصف الأوكراني خلال أسبوع إلى 15، بعدما كثّفت كييف ضرباتها على المناطق الحدودية ردّاً على الهجمات التي تشنّها روسيا منذ عامين. وردّاً على سؤال بعد إعلان فوزه، أجاب بوتين مساء الأحد: «نظراً إلى الأحداث المأسوية التي تجري اليوم، سنضطرّ في وقت ما إلى إنشاء ما يُشبه «منطقة صحية» في الأراضي التابعة لنظام كييف»، مضيفاً: «يتعلّق الأمر بإنشاء منطقة أمنية لن يتمكّن العدوّ إلّا بصعوبة من تجاوزها بالوسائل المتاحة له».
في المقابل، اعتبر زيلينسكي الذي يُعاني جيشه من نقص خطر في الذخيرة في مواجهة القوات الروسية، خلال اجتماع مع السيناتور الأميركي ليندسي غراهام أن قراراً سريعاً من الكونغرس في شأن الإفراج عن مساعدة بقيمة 60 مليار دولار لأوكرانيا يرتدي «أهمية كبرى»، في وقت أعلن وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس في وارسو أن ألمانيا وبولندا تُريدان العمل معاً لزيادة إنتاج الذخائر لدعم أوكرانيا، مشدّداً على ضرورة ضمان حدّ أقصى من التدريب للجنود الأوكرانيين من جانب الشركاء الغربيين.
ووسط هذا المشهد الدولي المأزوم، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال اجتماع لمجلس الأمن حول منع الانتشار النووي، من أن «الإنسانية لن تنجو» من جزء ثان لفيلم «أوبنهايمر»، الحائز 7 جوائز «أوسكار»، والذي «أعاد إلى الواجهة الواقع القاسي لنهاية العالم النووية»، معرباً عن قلقه مرّة أخرى من خطر «حرب نووية»، إذ «تدقّ ساعة نهاية العالم وتسمع دقاتها المؤرقة كلّ الآذان».