كان يمكن لجلسة الخميس الانتخابية ان تكون الأخيرة نتيجتها النائب ميشال معوض رئيسا، لو تنازل نواب بعض الكتل “المترددين” وغيروا ورقة اقتراعهم. لكن الفيلم المكتوب يتخطى الشكليات حافظا ماء الوجه لنواب الأمة، واكتمال عناصر المسرحية، مع اتضاح زوايا جديدة، أحدثها هجوم “صهر العهد”، على قائد الجيش العماد جوزاف عون قاطعا طريقه إلى بعبدا،فيما كان ثمة من بدا من المسترئسين التحضير لجولات جديدة من الحج لمراكز القرار الداخلية.
فوفقا للمثل اللبناني ولأن الثالثة لم تكن ثابتة، فان مسألة انتخاب رئيس جديد للجمهورية ستطول وتطول وتطول، وسيدوم سيدوم سيدوم الفراغ، من أربعة أشهر في أحسن الحالات إلى سنتين في اسوئها، وهو الرقم الذي اعتاده اللبنانيون في هكذا حالات، وفقا للتجارب التاريخية التي ربطت الفلج او الفرج بمحطات إقليمية وخارجية، قد يكون أبرزها في هذه الجولة الانتخابات الرئاسية الأميركية.
ولكي لا نسترسل في الكلام، ونبني الأوهام، فان مصادر دبلوماسية غربية واسعة الاطلاع أشارت إلى أن لا نتائج او تداعيات لاتفاق الترسيم البحري على الداخل اللبناني، وهو ما سيكتشفه اللبنانيون عندما سيجدون أنفسهم صباح الأول من تشرين الثاني مسلم امر بلادهم وعباده لفراغ رئاسي، وحكومة تصريف أعمال ناقصة او زايدة لا فرق، خلافا للأوهام التي حاول البعض البناء عليها لتمرير اجنداته، ذلك أن واشنطن لم تساوم ولم تقايض إنما تعاملت “بالقطع” في ملف الترسيم.
واشارت المصادر إلى أن ترويج البعض لمسألة التمديد لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ،هو امر مخالف للمنطق، ذلك أن الستاتيكو الحالي لا يسمح، كما أن الجنرال نفسه لن يرضى بهكذا حل أو طرح، بعدما نجح في تحقيق انتصار الترسيم رسميا، ليخرج على حصان الإنجاز إلى منزله في الرابية، بعد ست سنوات من الحكم “ما تأخر حدن ببل يده فيها”، لذلك خياره المغادرة وهو اختارها قبل ٢٤ ساعة قصدا، حيث يردد زواره ان أحدا لم يطرح عليه ذلك، وهو ليس في وارد تقديم فرص مجانية اضافية للنيل منه ومن تياره.
وتتابع المصادر بأن كل المخاوف من انفجار قد يؤدي إلى تغيير للنظام، سواء كان أمنيا – عسكريا، ام سياسيا – دستوريا، هي غير واقعية ذلك أن حزب الله لن يسمح لأي من الأطراف بالمس بالسلم الاهلي، او توريطه في فتنة قابلة لان تتحول من مارونية- سنية إلى سنية – شيعية، نتيجة ضمانات عملت عليها باريس منذ أشهر، هذا على المستوى الداخلي، اما خارجيا، فان المفاوضات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية، التي انعقدت جولاتها الخمس في العراق، شكلت رافعة في هذا الاتجاه، محورها تثبيت الطائف بضمانة شيعية.
وختمت المصادر بأن الأمور ستكون بعد ٣١ تشرين كما كانت قبلها، وحكومة تصريف الاعمال ستتسلم مقاليد السلطة بحكم الأمر الواقع لوجود الوزراء في وزارتهم، حيث سيتحول كل منهم إلى ديك، اما جلسات الحكومة فسيكون من الصعب إنتاج قرارات نتيجتها في ظل التوازنات، ما سيجعل الوزراء أسيادا في وزارتهم دون حسيب او رقيب، كاشفة ان الفترة المقبلة قد يستعاض فيها عن الجلسات الحكومية بجلسات ثنائية بين رئيس الحكومة وكل وزير على حدة.