بكركي تستكمل مشاروراتها قبل زيارة ميقاتي الى الفاتيكان منتصف آذار الجاري

Share to:

الديار – دوللي بشعلاني

جرى الحديث أخيراً عن أنّ دعوة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى الحوار لن تُوجّه لا الى نوّاب البرلمان، ولا الى القيادات المسيحية المارونية الأساسية في البلاد، نظراً الى صعوبة تحقّقها مع استمرار التباينات في وجهات النظر حول الملف الرئاسي. غير أنّ ما يحصل على الساحة السياسية يؤكّد عكس ذلك، أي أنّ بكركي تواصل مشاوراتها مع صعوبة عقد اجتماع موسّع وشامل للنوّاب، علّها تستطيع جمع القيادات المسيحية في اجتماع ضيّق ومحدود، أو على الأقلّ استشفاف رؤية موحّدة أو موقف موحّد منهم حول الاستحقاق الرئاسي. فالبطريرك الراعي لم يوقف مسعاه، بل يريد بأي ثمن جمع الأفرقاء المسيحيين في محاولة لاحتواء الأزمة الرئاسية. وما يهمّه هو أن يتوصّل النوّاب الى اتفاق ما يؤدّي الى إيصال المرشّح المناسب الى قصر بعبدا، ولهذا يسعى الى تأمين اللقاء والمصارحة بين المعنيين.

ومن هذا المنطلق، تستمر المشاورات بين الصرح البطريركي والقادة المسيحيين، عبر الجولة التي أجراها راعي أبرشية أنطلياس المارونية المطران أنطوان بو نجم موفداً من البطريرك الراعي على القادة الموارنة، لا سيما رئيس “التيّار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل، ورئيس “القوّات اللبنانية” سمير جعجع، ورئيس حزب “الكتائب اللبنانية” سامي الجمّيل، ورئيس “تيّار المردة” سليمان فرنجية. كما يواصلها من خلال الزيارة الثانية لباسيل أخيراً في منزله في البيّاضة، والتي ستتبعها زيارات للشخصيات المسيحية الأخرى خلال الأيام المقبلة.

وتجد مصادر سياسية عليمة أنّ بكركي تُكثّف نشاطاتها بحثاً عن موقف مسيحي موحّد تنقله لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي سيزور البطريرك الراعي قبل قيامه بزيارته المرتقبة الى الفاتيكان منتصف آذار الجاري، والتي سيُناقش خلالها ملف الاستحقاق الرئاسي الذي يخصّ اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً. ولا بدّ من أن يحمل ميقاتي معه الى الفاتيكان، وبعد اجتماعه بالبطريرك الراعي، الموقف المسيحي الراهن من انتخاب رئيس الجمهورية المقبل. فزيارة ميقاتي الى الفاتيكان تتخذ أبعاداً مهمّة لا سيما في ظلّ الشغور الرئاسي، وما يعاني منه اللبنانيون من أزمة اقتصادية ومالية ومعيشية غير مسبوقة، ما يحتّم على النوّاب الاستعجال في إنهاء هذا الوضع السيىء على مختلف الصعد.

كذلك، فإنّ زيارة ميقاتي الى الفاتيكان تترافق مع الدعوات المتكرّرة من البطريرك الراعي الى ضرورة استعجال انتخاب رئيس الجمهورية، والتي تتلاقى أيضاً مع نتيجة الاجتماع الخماسي التشاوري الذي عُقد في 6 شباط المنصرم في باريس، والتي نقلها سفراء هذه الدول في لبنان الى المسؤولين اللبنانيين ومفادها “ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية في أسرع وقت ممكن، والقيام بالإصلاحات الجذرية المطلوبة”. فالمبادرة الحوارية التي أُطلقت من بكركي تستمرّ، على ما أضافت المصادر، كون الفاتيكان يعوّل عليها للحفاظ على الموقع المسيحي الأول في البلد، لما له من دور أساسي في منطقة الشرق الأوسط منذ التاريخ ويستمرّ في المستقبل، رغم هجرة المسيحيين الأخيرة بأعداد كبيرة الى جانب طوائف أخرى من لبنان ودول المنطقة.

وبناء عليه، تتواصل المشاورات وتتكثّف للوصول الى ما تريده بكركي، على ما أوضحت المصادر نفسها، بهدف عقد اجتماع للقادة المسيحيين الأربعة، يجري خلاله البحث في سلّة أسماء المرشّحين للرئاسة، والتوصّل تدريجاً الى الاتفاق على اسم الرئيس المقبل، الذي يُمكن أن يصل الى قصر بعبدا بأكثرية مسيحية. فضلاً عن التوافق المبدئي على برنامج الرئيس وعلى “خارطة الطريق” السياسية والاقتصادية، التي عليه تحقيقها مع الحكومة الجديدة الإنقاذية. علماً بأنّ بعض الشخصيات المسيحية ترفض انتخاب أي رئيس لتمرير المرحلة المقبلة فقط، وتصرّ على مواصفات معيّنة لا بدّ وأن يتمتّع بها، وأن يعيد للبنان علاقاته العربية والدولية الى سابق عهدها.

أمّا في حال لم تتمكّن بكركي من عقد لقاء القادة المسيحيين تحت سقفها في وقت قريب، فسيكون على هؤلاء مع كتلهم النيابية، على ما عقّبت المصادر، التداعي الى التحاور في مجلس النوّاب، كونهم يرفضون تحوّله الى “هيئة تشريعية” بعد أن اتخذ صفة “الهيئة الناخبة” قبل شهرين من مغادرة الرئيس ميشال عون قصر بعبدا في 30 تشرين الأول الماضي. فحالة تجميد عمل المؤسسات، أكان مجلس الوزراء إلّا “للضرورات”، أو مجلس النوّاب رغم وجود “تشريع الضرورة”، لا يمكن أن تستمرّ، كون الفاتيكان ودول الخارج المعنية بلبنان لم تعد تقبل المزيد من التسويف وإضاعة الوقت وإطالة فترة الشغور الرئاسي، من دون أي حلول بديلة تُخفّف الأعباء عن الشعب اللبناني، الذي أصبحت وجهته دول الخارج بحثاً عن التعليم أو الطبابة أو العمل.

Exit mobile version