في ظل الأزمات الإنسانية وأوضاع النزوح، تتحمل المنظمات الإنسانية وجمعيات الإغاثة مسؤوليات كبيرة لتوفير وجبات غذائية متكاملة تتناسب مع احتياجات النازحين بمختلف أعمارهم وظروفهم الصحية. ومع تزايد الدعم الدولي للجمعيات العاملة في هذا المجال، تثار التساؤلات حول استغلال بعض الجهات لهذه المساعدات لتحقيق أرباح مادية ضخمة دون الالتزام بالجودة الغذائية اللازمة. فكثير من النازحين يشكون من ضعف نوعية الحصص المقدمة، ويلاحظون نقصها في العناصر الغذائية الأساسية، مما يشير إلى وجود إهمال أو استغلال للأموال المخصصة لهم.
من هذا المنطلق، تأتي البطاطا الحلوة كخيار غذائي متكامل يلبي احتياجات مختلف الفئات العمرية، خاصةً في ظل الظروف الصعبة، لما تمتاز به من عناصر غذائية غنية وقابليتها للتخزين دون الحاجة الى التبريد.
نشأتها وتوزيعها
بحسب الخبير الزراعي يحيى “تعتبر البطاطا الحلوة “Sweet Potato” واسمها العلمي هو (Ipomoea batatas) من النباتات الجذرية التي تتميز بمذاقها الحلو وقيمتها الغذائية العالية. يُعتقد أن موطنها الأصلي هو المناطق الاستوائية في أميركا الوسطى والجنوبية، حيث زُرعت منذ آلاف السنين. ويشرح لـ “الديار” ان “السكان الأصليين استخدموها كغذاء أساسي، وقد ساهمت التجارة والرحلات الاستكشافية في نقلها إلى مناطق أخرى من العالم، بما في ذلك آسيا وأفريقيا. لذا، تفضل البطاطا الحلوة العيش في المناخات الدافئة، حيث تحتاج إلى درجات حرارة تتراوح بين 21 و29 درجة مئوية. تنمو بشكل أفضل في التربة الخصبة جيدة التصريف، مما يساعدها في تطوير جذورها العميقة والسمينة. لا تتحمل البطاطا الحلوة الصقيع، لذا فإن موسم نموها يتركز عادةً في الربيع والصيف، حيث تُزرع في الفترة من آذار إلى تموز، ويمكن حصادها في الخريف”.
آلية الشتل والحصول عليها
ويضيف “يمكن زراعة البطاطا الحلوة عن طريق استخدام الدرنات (الجذور) أو قصاصات الساق. لذا، تحتاج إلى رعاية جيدة، مثل الري المنتظم وتوفير ضوء الشمس المباشر، مما يساعد على نموها بشكل صحي. يُفضل غرسها في التربة الغنية بالمواد العضوية، مع تباعد مناسب بين النباتات لتفادي المنافسة على العناصر الغذائية”.
الحلوة الخارقة!
تشير اختصاصية التغذية والمشرفة على السلامة الغذائية، لين إلياس سبانخ، لـ “الديار”، إلى أن “البطاطا الحلوة تعد من الأغذية المغذية، فهي مترفة بالفيتامينات والمعادن وسهلة الهضم، وتتحمل التخزين دون الحاجة الى التبريد، مما يجعلها خيارا عمليا في ظل الظروف الصعبة. كما تتميز بغناها بالألياف، وفيتامين A، وفيتامين C، والبوتاسيوم، مما يدعم صحة الجهاز الهضمي، والمناعة، والوظائف الحيوية. وتحتوي على البيتا كاروتين المفيد لصحة النظر وتقوية الذاكرة، فضلًا عن كونها منخفضة السعرات الحرارية”.
خضار وفاكهة في نوع واحد!
من جانبها، تؤكد اختصاصية التغذية كاتيا قانصو لـ “الديار” أن “البطاطا الحلوة مفيدة لصحة العين، وتقوية جهاز المناعة، وتحسين الهضم، كما قد تساعد في تنظيم مستويات السكر في الدم عند تناولها بطرق صحية”.
طرق طهيها كوجبة متكاملة
وتوضح أن “البطاطا الحلوة قابلة للتحضير بطرق متعددة تلائم مختلف الأعمار وتناسب الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة”. ومن الطرق الشائعة:
الشوي أو السلق: تُشوى أو تُسلق وتُقدَّم كوجبة رئيسية أو جانبية، مما يحافظ على قيمتها الغذائية.
هريس البطاطا الحلوة: يوافق الأطفال وكبار السن الذين يعانون من صعوبة في المضغ.
حساء البطاطا الحلوة: ملائم للأشخاص الذين يعانون من مشكلات هضمية، حيث يكون سهل الامتصاص والهضم.
ادراجها مع السلطات: يمكن إضافة البطاطا الحلوة المشوية إلى السلطات، مما يعزز من قيمتها الغذائية وطعمها.
وتلفت إلى أن “البطاطا الحلوة تتمتع بفوائد تجعلها خيارا ممتازا لتلبية متطلبات النازحين، وذلك لتميزها بالقيم التالية:
دعم الجهاز المناعي: غنية بفيتامين A ومضادات الأكسدة.
ضبط مستويات السكر في الدم: بفضل محتواها من الألياف، تسهم في تنظيم مستويات السكر في الدم، مما يجعلها مناسبة لمرضى السكري.
توفير الطاقة: باعتبارها مصدرا جيدا للكربوهيدرات المعقدة التي تمد الجسم بالطاقة دون ارتفاع مفاجئ في مستويات السكر.
تحسين صحة الهضم: بفضل الألياف، تدعم صحة الجهاز الهضمي وتساعد في الوقاية من الإمساك.
وتشدد على أن “هذه الثمرة تناسب جميع المراحل العمرية، إذ تؤمن للأطفال الفيتامينات والمعادن الأساسية لنمو صحي. وهي غنية بالألياف المفيدة لصحة الهضم والعظام، مما يجعلها سهلة الهضم لكبار السن، وتلائم الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، كمرضى السكري، حيث تساعد في تنظيم مستويات السكر في الدم. وتعد مهمة جدا للنساء الحوامل، نظرا لثرائها بفيتامين A والبوتاسيوم، مما يدعم صحة الأم والجنين”.
احتياطات يجب مراعاتها
وتقول: “رغم فوائد البطاطا الحلوة المتعددة، هناك فئات تحتاج إلى الحذر عند تناولها، مثل:
مرضى الكلى: يجب مراقبة مستويات البوتاسيوم، خصوصا لمن لديهم مشكلات مزمنة في الكلى.
الفئة التي تعاني من حساسية نادرة للبطاطا الحلوة: يُنصح بتجنبها لتفادي التفاعلات التحسسية.
التوصيات الختامية
تتفق الاختصاصيتان على أن “البطاطا الحلوة تمثل بديلاً استراتيجياً للمنظمات الإنسانية لتلبية احتياجات النازحين الصحية والغذائية بمختلف أعمارهم. من خلال توفير وجبات غذائية متكاملة تعتمد على البطاطا الحلوة، يمكن للجمعيات تقديم وجبات مغذية تدعم صحة النازحين، وتسهم في مواجهة التحديات الصحية، مع ضرورة التأكد من تقديم وجبات آمنة ومناسبة لجميع الفئات”.
في الخلاصة، رغم أن البطاطا الحلوة تعتبر خيارا غذائيا غنيا بالعناصر المفيدة والفيتامينات المتعددة، يُنصح دائما للأشخاص ذوي الحالات الصحية الخاصة، مثل مرضى السكري ومرضى الكلى المزمنة، باستشارة أخصائيي التغذية قبل إضافتها بكميات كبيرة إلى نظامهم الغذائي. يمكن أن يساعد ذلك في ضمان توافقها مع احتياجاتهم الصحية الفردية وتجنب الإفراط في تناولها. إن اتباع الإرشادات الغذائية الملائمة والطرق الصحية لتحضير البطاطا الحلوة يمكن أن يوفر للجميع فائدة غذائية متوازنة وآمنة، وخصوصا في ظل الظروف الصعبة والأزمات الإنسانية.