لملم سعد رفيق الحريري اوراقه، حسم الخيار والقرار فخرج معلقا عمله وتيار المستقبل بالحياة السياسية…قال الحريري كلمته وطار من بيت الوسط الى ابو ظبي على اجنحة متكسرة داخل البيت الازرق، تاركا وراءه حلفاء وخصوم يتخبطون برياح انتخابية شلّعتها العاصفة الازرق التي هبّت بالاتجاهات الكافة جارفة معها كل “حلم بتحالف ازرق” فبانت المختارة “وحيدة حزينة” بتعبير زعيمها وليد بيك، ومعراب التي وصفتها اوساط مستقبلية “بالخائن الاكبر” متربصة لفرصة على الساحة السنية، فيما عين التينة تبحث عمن يستأهل “لبن عصفور” لم ولن يمنح الا لسعد الحريري؛ صديق “الاستاذ” وحليفه التاريخي، والمصدِّق الاول و”عالعمياني” لبري استاذا جديدا للبرلمان في كل مرة تدق فيها المطرقة النيابية.
وفي وقت تترقب حارة حريك وتحلل بصمت خروج الحريري الممثل الاول للاعتدال السني الذي يعتبر حزب الله الاحوج له درءا لفتنة وحرب اهلية كان سعد الحريري اول الواقفين بوجهها في كل مرة حتى كلّفه الامر “المعاقبة الذاتية والغاء الذات” والانسحاب بهدوء. فليس سعد الحريري الذي خسر كل شيء لتسوية قادت ميشال عون رئيسا للجمهورية في العام ٢٠١٦، من يقبل اليوم هو الذي خسر كل علاقاته الخليجية وراعيه الاقليمي ومستقبله السياسي بحرب اهلية عنوانها : زعيما للسنة بمشروع واضح : مواجهة حزب الله!
وبين المختارة وعين التينة وحارة حريك ومعراب تقف ميرنا الشالوحي ، التي كتب رئيسها جبران باسيل في عز الخلاف مع الحريري، يوم ٢٠ شباط٢٠٢٠ تغريدته الشهيرة : رحت بعيد بس رح ترجع بس هالمرة طريق الرجعة رح تكون اطول واصعب، تقف اليوم حائرة متمنية ان تتبدد الظروف التي املت على الحريري هكذا قرار، معترفة بان هناك من قبل بالمعاقبة كي يمنع الحرب، ولعل البرتقالي الذي استفاد من اصوات سنية لا بأس بها في دائرة الشمال يتمنى اليوم لو كان ليّنا اكثر مع رئيس تيار المستقبل يوم تعذر الاتفاق على تشكيل حكومة برئاسته…
على اي حال فما قبل قرار الحريري التاريخي الجريء ليس حتما كما بعده، حقبة من زمن الحريرية السياسية طواها سعد او اقله جمّدها فابتعد كمن يقول للجميع : انا زحت دبروا حالكن….
ومن هنا حتى ١٤ شباط ومعرفة ما اذا كان الحريري سيعود الى بيروت ليلقي من على الاراضي اللبنانية كلمته في ذكرى اغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري او انه سيكتفي بتلاوتها من ابو ظبي؛ تتوجه الانظار الى السؤال الاساس : انسحب الحريري وغيّب معه التيار الازرق عن انتخابات ايار فماذ بعد؟
قراءة متأنية لحقبة مقاطعة المسيحيين عام 1992 للانتخابات انذاك ومقارنتها مع ما يحصل اليوم يظهر بوضوح بان الساحة السنية باتت اليوم بلا قيادة راهنا تماما كما حصل مع المسيحيين في العام 1992 و1993 عندما كان العماد عون في المنفى ورئيس حزب القوات في السجن، وفي وقتها كانت قيادة دفة المسيحيين منوطة بالبطريركية المارونية وتحديدا بالبطريرك الراحل مار نصر الله بطرس صفير في وقتها، وهذا الواقع الذي ساد على الساحة المسيحية انذاك قد ينسحب ايضا على الساحة السنية مع غياب الحريري الذي سيشكل غيابه خسارة فعلية لكثر وفي مقدمهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وثانيهما رئيس حزب القوات سمير جعجع الذي صحيح ان البعض يعتبر ان ما حصل يدفع بجعجع لتصدر ما بقي من 14 اذار لكن خروج الحريري انهى كليا ما كان يعرف ب14 اذار التي كان يشكل السنة عمودها الفقري كما تقول اوساط متابعة.
وانطلاقا من هذا الواقع ترى مصادر بارزة عبر الديار كانت تابعت الاتصالات والاجتماعات التي عقدت اخيرا مع الحريري قبل اعلانه قراره النهائي، ان خروج سعد الحريري وغياب اي قيادة سنية بديلة وبوزن سعد الحريري، سيفضي في النهاية، الى ان تكون الساحة السنية بقيادة مباشرة اما من السفارة السعودية او من دار الفتوى.
لكن المصادر تشرح بان مسالة ان تقود السفارة السعودية ليس مطروحا راهنا باعتبار ان هناك حالة غضب شديد لدى قواعد كما كوادر المستقبل راهنا تجاه المملكة، وهذا الامر سيجعل من امكان قيادتها للساحة السنية مستحيل، تبقى دار الفتوى التي تعبتر المرجعية الاولى للطائفة السنية.
وفي هذا السياق تكشف المصادر عن سيناريو بدأ يطرح بقوة في الكواليس السياسية يرجح بان تعقب خطوة الحريري خطوة مماثلة من قبل نادي رؤساء الحكومات السابقين عبر الاعلان عن عدم الترشح بدءا من تمام سلام الذي سبق وقالها صراحة الى فؤاد السنيورة الذي غرد داعما الحريري وصولا الى ميقاتي علما ان اوساط الاخير (اي ميقاتي) تقول بانه كان عازما منذ فترة على اتخاذ قرار بعدم الترشح لكن معلومات الديار تكشف ان السنيورة قال للحريري الذي بات بجو يفيد بان ميقاتي لن يترشح ايضا للانتخابات، بان ميقاتي يناور فيقول في السر ولك انه لن يترشح لكنه يترشح في النهاية!
على اي حال وبانتظار حسم موقف ميقاتي التي كانت الديار اول من اشار سابقا الى انه كما السنيورة لن يترشحا، فهذه الخطوة ان حصلت ، اي عزوف كل نادي رؤساء الحكومات عن الترشح، ستدفع لاحقا باتجاه اجتماع لدار افتوى تدعى اليه مختلف المشايخ والفعاليات السنية اي يكون حاشدا يعلن على اثره ان الغالبية السنية لن تشارك بالانتخابات وعليه يكون هذا الامر بمثابة مقاطعة كبيرة واسعة ما سيحدث خلالا بالتوازنات.
وعليه تكمل المصادر بان هذه المقاطعة(ان تمت) ستدفع حكما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى عدم خوض الانتخابات ما سيدفع باتجاه غياب الميثاقية السنية والدرزية وبالتالي تطيير الانتخابات وحلول “التمديد” مكانها…
اكثر من ذلك تقول المصادر : بدأ بالكواليس طرح التمديد للمجلس النيابي بالسيناريو المذكور اعلاه ، وتختم بالقول: والتمديد النيابي يعني حكما تمديدا رئاسيا!