Share to: 
النباتات البرية الربيعية نعمة ربانية، يكثر نموها في الجبال والاودية والغابات والسهول والأماكن الجبلية، وهي حشائش حرّة في الأرض تُطهى وتُؤكل، وهي ذات فوائد صحية وطبية. كما ان مذاقها طيب وتدخل في تحضير اطباق المقبلات الغذائية، والبعض يعتمدها في نظام غذائي يومي، نظرا للعناصر الغذائية التي تحتوي عليها، والتي تعدّ ضرورية للجسم وتحفزه وتمده بالفيتامينات الأساسية، وبعضها يؤخذ عن طريق كبسولات لغناها بمضادات الاكسدة وغيرها من المواد.
النباتات في الطبيعة كثيرة منها: الزغمطوط، الخبيزة، الهندباء او العلك، اللسينة، الهليون او العجرم، القرفحينة او البقلة، اللوف، الحويرنة، العكوب، القرصْعَنّة، السلق، الزعتر بأنواعه، الخس، البقدونس، الشبت او الشومر ونبتة «العاقول».
أسعار الخضر نار
والبديل حاضر في الارض
بعد ان تخطى سعر رزمة البقدونس والنعناع 30 الفا، والخس 80 الفا، عمدت عشرات النساء الى جمع النباتات البرية التي طالما تفنّن في طبخها مع الخضر تارة والحبوب تارة أخرى. حتى وقت ليس ببعيد، لم تكن تلك النباتات تشكل مصدر رزق، ولكن مع دخول البلاد مرحلة اقتصادية متعثرة وقاسية على مئات عشرات آلاف العائلات اللبنانية، بدأ النسوة يقطفن هذه الأعشاب الموسمية ، لتكون مصدر رزق لعائلاتهن يُعتمد عليه ، نظرا الى التهافت على هذا النوع من الخضر من قِبَل النباتيين أو ما يعرف بـ «الفيغن» او استخدام بعضها في علاج الكثير من الامراض، نظرا الى انخفاض السعر مقارنة بالطب الحديث.
تجمع فاطمة من سهول منطقة البقاع الأوسط النباتات البرية، وتقول لـ «الديار»: اذهب بشكل شبه يومي خلال أشهر شباط وآذار ونيسان الى الحقول والمساحات الواسعة لقطاف ما تيسّر من الاعشاب الخضراء. وأضافت: أقوم بإزالة الشوائب منها واغسلها جيدا من الاتربة والبقايا العشبية غير الصالحة، واحضّرها للأكل مباشرة او اجففها في الهواء الطلق لأخزنها «كمونة» بيتية، أو ابيعها لأستفيد من ثمنها في ظل الحالة المادية القاسية. وتابعت: اقطف القرصعنة والدردارة والزعتر الأخضر البري الى جانب الخس البري، والذي يستمر حتى أوائل شهر اذار، واستمر في استغلال الموسم قبل ان يصبح طعم بعض النباتات مرّا مثل الهندباء».
«شوك الجمال»
اما عن الأعشاب التي تظهر في مثل هذا الوقت من السنة، فقالت فاطمة: عشبة «العاقول» تنمو في هذا الفصل، ولهذه النبتة أهمية صحية وغذائية على حد سواء كما أخبرني جدي، الذي عمل لسنوات في الطب البديل، وكان يقصده القريب والبعيد. ويعرف «العاقول» باسم «شوك الجمال»، او «شوك الحليب» او «الحرشف البري»، وينتمي الى عائلة ASTERACEAE من فصيلة الأعشاب الشوكية من النباتات المزهرة. ويتميز بساق طويل ونحيف، ويصل ارتفاعه الى 60 سم تقريبا، وله ازهار وردية اللون واوراق خضراء شوكية حادة، وجذوره غليظة ومتمكنة في داخل الأرض تصل الى عمق 10 – 15 مترا، وينمو في المناطق المشمسة.
وعن كيفية تناوله قالت فاطمة: «اسلق السيقان واقلّيها مع البصل والكمون الى جانب الهليون والقليل من الحامض، او يمكن خلطها مع السلطة نظرا الى قرمشتها اللذيذة مع الزعتر والبندورة والخيار.
فوائده
وعن منفعة «العاقول» الغذائية، شرح اختصاصي التغذية طه مريود لـ «الديار»، ان هذه النبتة تحتوي على العديد من المركّبات النباتية المعروفة باسم «سيليمارين» واكثرها فاعلية، يُعرف تحت اسم «سيليبين» او «سيليبينين» وتعادل 3% من الوزن، وهذا العنصر مسؤول عن المكاسب الطبية لهذه العشبة، وتكتنز عدة عناصر أساسية وضرورية مثل فيتامين «ج»، «أ»، و «ب “، الى جانب الزيوت الطيارة ومواد صابونية، إضافة الى مواد نشوية وفلافونيدات وسكر مختزل.
دراسات
بالموازاة، تطرق طه الى دراسة حديثة كشفت عن مدى أهمية «العاقول» وتأثيره في اورام الكبد، بحيث ثبت ان له فعالية مضادة لسرطان الكبد، نظرا الى فاعليته كمضاد اكسدة فعال جدا، كما يعمل على تحجيم الجذور الحرة الضارة ، التي تنتج من عمليات التمثيل الغذائي العادي ومن دون تحلل لمواد مؤذية».
وأردف: يساعد «العاقول» في منع الانحدار المرتبط بالعمر في وظائف عمل الدماغ، فقد استخدم كعلاج تقليدي للعديد من الامراض العصبية، مثل مرض الزهايمر والباركنسون لأكثر من الفي عام.
مضاد للالتهابات
ولفت مريود الى أهمية هذا النبات لجهة خصائصه المضادة للالتهابات ومضادات الاكسدة، بحيث يمكن ان يمنع «الخرف» المبكر او حدوث خلل في وظائف المخ، التي قد يعاني منها المرء مع التقدم في العمر. وقد أظهرت الدراسات التي أجريت على انابيب الاجتياز والحيوانات ان «سيليمارين» يمنع الضرر التأكسدي لخلايا الدماغ، مما قد يساعد في منع التدهور العقلي والادراكي.
واكد ان الدراسات بينت ان العلاج بنبات «العاقول» قد يكون قادرا على تخفيف تراكم بروتين «الاميلويد» في ادمغة الحيوانات المصابة بمرض الزهايمر. و «الاميلويد» كناية عن تجمعات لزجة من هذه البروتينات التي يمكن ان تتراكم بين الخلايا العصبية مع التقدم في العمر، وتوجد بكميات زائدة في ادمغة الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر، مما يعني انه ربما يمكن استخدام عشبة العاقول للمساعدة في علاج هذا النوع من الامراض المستعصية.
وتناول مريود الفوائد الأخرى لـ «العاقول» على صعيد صحة العظام، وكعلاج فعال لأمراض سرطانية، الى جانب فعاليته في تخفيض مستويات السكر بالدم للمصابين بهذا الداء، خاصة النوع الثاني. فقد تم اكتشاف ان أحد المركبات الموجودة في «العاقول» فعاليته متشابهة لبعض ادوية السكري من خلال المساعدة في تحسين الانسولين وتقليل نسبة السكر في الدم.
ولفت الى ان دراسة حديثة وجدت ان الأشخاص الذين يتناولون «سيليمارين» بشكل روتيني، شهدوا انخفاضا كبيرا في مستويات السكر في الدم اثناء الصيام، وتراجع HBA1C ، وهو مقياس للتحكم في نسبة السكر في الدم. كما كشفت دراسات حديثة على نبات عشبة «العاقول» ان لها فاعلية جيدة على مجموعة من المصابين بهذا الداء، الذين يتناولون جرعات الانسولين، وذلك بإعطائهم 600 ملغ في اليوم ولفترة 6 أشهر، فكانت النتيجة ان ارتفعت نسبة افراز الانسولين الذاتي عند المرضى الذين أجريت عليهم الدراسة.
إرشادات
ونصح مريود «الذين يأخذون هذه العشبة عن طريق الكبسولات او الأوراق المطحونة او حتى كشاي أو طهيها، بضرورة معرفة كيفية تناولها بالعودة الى الطبيب في حال كان الفرد يعاني من عوارض صحية وامراض مزمنة، حتى لا تتداخل العناصر والجرعات التي يعتمدها الشخص».